في الذكرى 46 لعدوان حزيران:
القدس تتهودّ... وقرارات عربية لدعمها قيد النظر
عمان
- نادية سعد الدين: أسفرت السياسة الإسرائيلية الاستيطانية ضد القدس المحتلة، منذ
عدوان العام 1967، عن قضمّ ما نسبته 87 % من مساحتها، مبقية نحو 13 % للفلسطينيين،
مرشحة للانحسار في ظل مخطط مصادرة 62 ألف دونم من محيطها لصالح الاستيطان.
ومنذ
احتلاله للجانب الشرقي من القدس قبل 46 عاماً، يستحث الجانب الإسرائيلي خطاه
لتغيير الوقائع على الأرض عبر مخططات المصادرة، التي زادت وتيرتها في السنوات
الثلاث الأخيرة بنسبة 2 %، مما مكنه من الاستيلاء على قرابة 80 % من مساحة الضفة
الغربية، بما فيها القدس المحتلة.
وأمام
أقل من 27 – 28 % من المساحة الخارجة عن يدّ الاحتلال في الضفة الغربية، إلى جانب
قطاع غزة، لتشكل قوام الكيان الفلسطيني المستقبلي، وفق منظوره، فإن "حل
الدولتين" بات موضع شك عند الفلسطينيين، بما يجعل مستقبل عاصمتهم المنشودة في
القدس مجهولاً لديهم.
وبالنسبة
إلى مسؤولين فلسطينيين، فإن "سلطات الاحتلال تستهدف تهويد المدينة وفصلها عن
أراضي الضفة الغربية ومنع تقسيمها، بما يصطدم عملياً مع مسعى الفلسطينيين لإقامة
دولتهم المستقلة على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف".
ووفق
المخطط الإسرائيلي لضمّ الكتل الاستيطانية الكبرى حول مدينة القدس إلى كيانه
المحتل، بالإضافة إلى المستعمرات التي تشق أوصال الضفة الغربية، فإن ما يقرب من
نسبة 15 %، عدا المرافق المحيطة بها، ستخرج بحسب منظوره من أي مفاوضات قادمة مع
الجانب الفلسطيني.
وعمد
الاحتلال، عبر سياسة خلق الذرائع، إلى الاستيلاء على 35 % من مساحة أراضي القدس،
من إجمالي 70كم مربع، تحت زعم المصلحة العامة، وعلى 52 % من محيطها نظير مخططات
المصادرة، مما جعل نسبة 87 % تحت يدّه المحتلة مباشرة.
وتبقى
"نسبة 13 % الخارجة عن سيطرته، مرشحة للانقباض بسبب سياسة الاحتلال المتواصلة
في هدم المنازل وتشريد مواطنيها وبناء المؤسسات الصهيونية داخل حدود
المدينة"، وفق رئيس اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة عبد
الهادي هنطش.
وعملت
سلطات الاحتلال، منذ الانقضاض على المدينة، على توسيع بلدية القدس لإيجاد ما يسمى
"القدس الكبرى"، من خلال مصادرة الأراضي لصالحها، وخلق "حاضرة
القدس"، عبر توسيع المدينة لصالح المستوطنات.
ويخطط
الاحتلال، في إطار "مشروع E1 الاستيطاني الذي رفضته القيادة الفلسطينية، لمصادرة نحو 20 ألف
دونم من الأراضي الواقعة بين مدينة القدس والتجمع الاستيطاني القائم في شرقيها
"معاليه أدوميم"، بحسب هنطش.
وغداة
مصادرته حوالي 12.462 ألف دونم لصالح مستوطنة "معاليه أدوميم" ومستوطنتي
"ميشور أدوميم" و"كفار أدوميم"، وضع الاحتلال مخطط مصادرة
آلاف الدونمات لصالح ضمّ التجمع الاستيطاني "غوش عتصيون" عند مشارف
الجهة الشمالية لمحافظة الخليل وامتدادها ناحية القدس، بما يشمل عدة مستعمرات
مقامة على أراضي بيت لحم.
وقال
هنطش، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "هناك مخططاً آخر لمصادرة 30
ألف دونم غرب المستعمرات المقامة على بيت لحم ضمن مشروع A30".
وتعتبر
"معالية أدوميم" شرقي القدس، و"غوش عتصيون" جنوبها،
و"غيلو" في جنوبها الغربي و"جعفات زئيف" من الشمال حتى مشارف
رام الله من الجهة الجنوبية، من أبرز التجمعات الاستيطانية التي يخطط الاحتلال
لضمها إلى مدينة القدس.
وقد
مكنت سياسة القضم من ايجاد 250 مستعمرة و118 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية بما
فيها القدس، تضم زهاء 550 ألف مستعمر.
تغيير
معالم القدس
أسفرت
سياسة الاستيطان والتهويد الإسرائيلية المتواصلة إلى تغيير معالم القدس الجغرافية،
فوفق سجلات اللجنة الملكية لشؤون القدس، فقد "كانت مساحة بلدية القدس العام
1948 أقل من 20 كم مربع، وتشمل البلدة القديمة المسورة وتقدر مساحتها بنحو 860
دونماً، إلى جانب البلدة الجديدة التي تطورت خارج الأسوار بمساحة تقارب نحو 19 كم
مربع".
فيما
كان "اليهود يسيطرون على نحو 25 % من مساحتها، أي حوالي 5 كم مربع، بينما لم
تزد ملكيتهم داخل البلدة القديمة عن خمسة دونمات".
غير
أن ذلك الحال قد تغير بعد النكبة، حيث "وصل مجموع ما استولى عليه الاحتلال
إلى حوالي 84 %، يقع معظمها في القدس الجديدة خارج الأسوار، بينما احتلت قواته
نتيجة عدوان 1967 شرق القدس بالإضافة إلى ما تبقى من أرض فلسطين".
وبعد
ثلاثة أسابيع من العدوان، أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بحل مجلس أمانة بلدية شرق
القدس العربية وإخضاعها للقوانين والإدارة الإسرائيلية مع ضمها إلى الشطر الغربي
من القدس، كما صادرت في حزيران (يونيو) 1968 حوالي 66 كم مربع من أراضي 28 قرية
ومدينة فلسطينية حول مدينة القدس ووسعت حدودها البلدية لتصبح مساحتها حوالي 72 كم
مربع ضمتها إلى غرب القدس.
وقد
باتت مساحة ما يسمى "ببلدية القدس الموحدة" تقدر بنحو 110 آلاف دونم،
وبعد عدة سنوات وسعت سلطات الاحتلال مجدداً بلدية غرب القدس بمقدار 15 كم مربع
لتصبح 53 كم مربع، وهكذا بلغت مساحة بلدية ما يسمى "القدس الموحدة" عام
1992 حوالي 125 ألف دونم.
واستكمالاً
لنهج التهويد والاستيلاء، أعلن البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" في آب
(أغسطس) 1980 عن ضمّ شرقي القدس إلى الكيان المحتل وتوحيدها مع شطرها الغربي،
بينما بلغت مساحة "بلدية القدس الموحدة" ما يزيد على 127 كم مربع نتيجة
استمرار المصادرات والتوسعات على حساب الأراضي الفلسطينية.
بينما
تتراوح مساحة ما يسميه الاحتلال "القدس الكبرى" ما بين 400 – 600 كم
مربع، موصلاً مساحة "حاضرة القدس" إلى ما يزيد على مليون دونم.
وتشير
نفس السجلات إلى مصادرة الاحتلال خلال عامي 1967 و1968 لنحو 116 دونماً داخل
البلدة القديمة في أحياء الشرف والمغاربة والسلسة والميدان، وهدم نحو 600 بناية
تضم أكثر من ألف بيت، وحوالي 450 محلاً يملكها ستة آلاف فلسطيني بعد طردهم، إضافة
إلى مسجدين.
وأنشأ
الاحتلال على أنقاض ما هدمه ما أسماه "الحيّ اليهودي" الذي لم يكن يملك
اليهود فيه قبل العدوان سوى 5 دونمات، كانت تدعى "حارة اليهود"، فيما
يستوطنه اليوم حوالي 2500 مستعمر.
وتزامن
ذلك مع الاستيلاء على حائط البراق والساحة المقابلة له، وعلى مفتاح باب المغاربة
المؤدي للحائط والسيطرة على البوابات الخارجية للحرم القدسي الشريف وعدة مبانٍ
إسلامية تاريخية.
قرارات عربية قيد النظر
ولا
تتوقف انتهاكات الاحتلال بحق القدس عند حدّ معين، وإنما تصيب "معيشة مواطنيها
المقدسيين، من خلال هدم المنازل وتشريد أهلها ومصادرة الأراضي وفرض الضرائب
الباهظة وتضييق الخناق عليهم في العمل والتعليم"، وفق مسؤول ملف القدس
المحتلة في الرئاسة الفلسطينية أحمد الرويضي.
وأضاف،
لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "العدوان الإسرائيلي متواصل ضد
الأماكن والمقدسات الدينية، لاسيما المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض حالياً لخطر
التقسيم".
وأكد
ضرورة "توفير مقومات الصمود لمواطني القدس، عبر دعم عربي إسلامي، لتثبيتهم
على أرضهم وتعزيز وجودهم، والتصدي لما تتعرض له المدينة من هجمة استيطانية تهويدية
إسرائيلية محمومة".
وأوضح
بأنه "على الرغم من القرارات التي صدرت في قمم عربية متوالية لدعم مدينة
القدس، إلا أن آليات التنفيذ ما تزال غير مفعلة"، مبيناً "عدم وصول أي
شيء من مبلغ المليار دولار الذي تم إعلانه في قمة الدوحة الأخيرة لدعم
القدس".
فيما
"لم يصل من قمة سرت، التي عقدت في ليبيا عام 2010، سوى 40 مليون دولار فقط من
أصل 500 مليون دولار أقرتها القمة للحفاظ على القدس المحتلة وحماية الأقصى
المبارك".
ودعا
الرويضي "الدول العربية إلى الالتزام بتنفيذ القرارات الصادرة عن القمم
المتوالية، من أجل التصدي لعدوان الاحتلال ضد القدس المحتلة".
الجدار
العنصري
وتسرع
سلطات الاحتلال من خطوات بناء جدار الفصل العنصري، منذ شروعها به العام 2002 رغم
قرار محكمة العدل الدولية القاضي في التاسع من تموز (يوليو) 2004 بهدمه وتعويض
الفلسطينيين المتضررين منه.
ويؤدي
ذلك الجدار، عند استكماله، إلى طرد زهاء 100 ألف مقدسي خارج مدينتهم، وقضم 56 % من
مساحة أراضي الضفة الغربية، وضمّ ست كتل استيطانية في المرحلة النهائية تحوي 80 %
من المستوطنات ونحو 70 % من المستوطنين.
وبالنسبة
إلى مركز المعلومات الوطني الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية، فإن خطورة الجدار
تكمن في "تفريغ مدينة القدس من مواطنيها الفلسطينيين العرب، ومنعه لأي توسع
عمراني مستقبلي، وتجريد الضفة الغربية من معظم مصادر مياهها وأراضيها الزراعية
الخصبة".
وكان
رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة الشيخ عبد العظيم سلهب قد حذر
مؤخراً بأن " القدس مستهدفة إسرائيلياً اليوم أكثر من أي وقت مضى".
وأوضح،
لـ"الغد" من القدس المحتلة، إن "الاحتلال يخطط لتخفيض عدد
المواطنين الفلسطينيين في مدينة القدس من 34 %، نسبتهم الحالية، إلى 12- 15% حتى
العام 2020، لتحقيق هدف اليهودية الخالصة".
الغد، عمّان