قرية "لفتا"..
عبق التاريخ الفلسطيني يواجه التهويد
يسعى الاحتلال
لتسجيلها "موروثا توراتياً"

الإربعاء،
25 شباط، 2015
محاولات حثيثة يعمد إليها
أهالي قرية لفتا -وهي من القرى المهجرة في القدس- بهدف الحفاظ عليها كموروث ثقافي فلسطيني
وحمايتها من عمليات التهويد الصهيونية، والتي كان أحدثها محاولة تسجيلها كموروث ثقافي
يهودي.
"المركز الفلسطيني
للإعلام"، وفي سبيل إثبات الهوية التاريخية الفلسطينية للقرية، التقى رئيس
هيئة الموروث الثقافي في مدينة القدس يعقوب عودة، ليحدثنا عن الأطماع الصهيونية في
تهويد تاريخها.
ويوضح عودة بالقول:
"مسلسل التهويد بحق القرية الفلسطينية بات بارزا في الفترة ما بين العام 2004
و2005، حيث كشفت الصحف العبرية المحلية مخططا وضعه رئيس وزراء الاحتلال السابق آرائيل
شارون، لبناء 267 فيلا، ومتحفٍ وفندقٍ في البلدة".
ويشير عودة إلى أن الاحتلال
"كرس الكثير من الوقت والجهود لإقامة مشاريع أخرى، وبناء سكة القطار من مدينة
يافا مرورًا ببيت سوريك وبيت إكسا ليقطع أيضًا الوادي وبلدة لفتا بشكل موازٍ، ويصل
إلى مدينة القدس، ومن ثم يمر من تحت مدرسة لفتا والمحطة المركزية إلى مباني الأمة في
الشيخ بدر وهناك المحطة المركزية للقطار".
مزاد للبيع
ويوضح عودة بالقول:
"فوجئنا في تاريخ (29-12-2010م) بإعلان ما يسمى بـ"سلطة أراضي إسرائيل"
عن عرض أراضي لفتا بالمزاد العلني للبيع.. ما دفعنا إلى تشكيل لجنة محلية ولجنة ائتلاف
من الأصدقاء لمعارضة المخطط أمام محاكم الاحتلال، حتى حصلنا على قرار باعتبار المزاد
لاغيًا وباطلاً".
وقال عودة: "اتخذنا
ذلك لصالحنا، فأجرينا مسحًا أثريًّا لحوالي 73 بيتًا للفتا وهي الواقعة في سفح القرية
بالقرب من النفق، والذي أسموه نفق بيجن، وأيضًا شارع القدس- يافا".
وبهدف توثيق السجل التاريخي
للقرية وهويتها العربية الفلسطينية؛ أوضح عودة أنهم يعملون على "تأريخ هذا الموروث
المعماري لوضعه في سجل ليكون شهادة وهوية ووثيقة تثقيف للأجيال اللاحقة (..) وتقريبًا
تم إنجاز المسح الأثري المعماري والمسح الاجتماعي الروائي للقرية".
وأشار إلى أن هيئة حماية
الموروث الثقافي في قرية لفتا تعمل بالمساعدة مع جمعية لفتا وهيئة عائلات قرية لفتا
على حماية القرية، مدعومة بجمعية أبناء لفتا في القدس، وجمعية أبناء لفتا في رام الله،
وجمعية لفتا العربية في الخارج.
وبين عودة أنهم توجهوا في
شباط (فبراير) 2012 إلى اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم في اليونسكو،
وتم طرح مشروع لحماية قرية لفتا، ونحن بصدد إعداد الملف والوثائق لهذا الغرض.
جولات ميدانية
وفي خطوة تهدف إلى توعية
الأجيال بالقرية والتعريف بتاريخها؛ يوضح عودة إلى أنه في عام 2014 تم تنفيذ مجموعة
من الجولات ونحو 100 فعالية من أجل قرية لفتا، وفي عام 2013 تم تنفيذ نحو 120 فعالية،
تتضمن جولات صحافية وأفلامًا وثائقية وزيارات لوفود دبلوماسية عربية ودولية، وسلسلة
من الندوات للحديث عن الهوية والتراث، ومؤتمرات.
ويرى عودة أن: "قرية
لفتا احتلت مساحة واسعة وصدى إعلاميًّا كبيرًا في الإعلام منذ عام 2012 حتى عام
2014م، هذا الصدى والتداول، جاء من خلال الورش والندوات والمؤتمرات، ومن خلال طلاب
من جامعات أمريكية جاءوا لعمل مخططات في لفتا، وقاموا بعمل برنامج وتم عرضه في الولايات
المتحدة الأمريكية، وخدم بشكل كبير قضية القرية".
وقال: "فوجئنا الآن
في (29-1-2014م) أن اللجنة الاستشارية لليونسكو في الكيان قررت تبني لفتا كموروث ثقافي
عالمي تلمودي، وهي تطلب من اليونسكو تسجيل القرية الفلسطينية العربية كقرية تلمودية يهودية".
أهمية حضارية
وعن الأسباب التي تدفع باتجاه
مزيد من الأطماع اليهودية بالقرية؛ يوضح عودة بالقول: "لفتا قرية مهمة تمثل البوابة
الغربية والشمالية لمدينة القدس"، محذرًا من أنه في حال تم إنجاز هذه الخطوة التهويدية،
فهي خطوة للأمام لإنجاز تهويد القدس، لتصبح مدينة القدس يهودية، ومركزا لليهود، وهو
مسلسل عنصري لا يتفق مع التاريخ، ولا يتفق مع الحضارة".
ونوّه عودة إلى أن
"لفتا ليست آثارًا، بل موروث تاريخي حضاري إنساني؛ فمسجد لفتا بني قبل أكثر من
800 عام، وكان هنالك وقفية مسجلة في المحكمة الشرعية بأن يكون 50% من دخل قرية لفتا
لمسجد سيف الدين بن عيسى بن قاسم العكاري أحد أمراء جيش صلاح الدين".
وتطرق عودة إلى مباني لفتا
وما تحتويه بديكوراتها وأعمدتها، وبأقواسها، وبفخامة طرازها الفريد الذي رسمته الطبيعة،
وليست كالمستعمرات والمستوطنات المبنية على رؤوس الجبال.
ويشدد عودة إلى أن
"لفتا بطبيعتها وما تحتويه تنطق بعروبتها وتنطق بالحياة، فمصادرة لفتا يعني مصادرة
موروث مبني على مئات السنين، وهذا شيء لا يتفق مع التاريخ".
توخي الحقيقة
ورأى أنه يجب على منظمة
اليونسكو العالمية أن تتوخي الحقيقة وتبحث عنها، وأن تعرف الحقيقة؛ مشيرًا إلى أن لفتا
هي جزء من القدس، والقدس جميعها تاريخيًّا هي لفتا وعين كارم والمالحة، هذه قرى القدس
من 5000 سنة.
وأوضح أن عدد سكان لفتا
عام 1948م كان ثلاثة آلاف، ويبلغ الآن 38 ألفا في الوطن والشتات، يتوزعون في القدس
وأرض السمار في منطقة العروة الوثقى - المشارف، ومنطقة الشيخ جراح، ورام الله في البيرة،
وأكثر من نصف سكان لفتا في الأردن، بعد أن تم تهجيرهم من العصابات الصهيونية، حيث تعدّ
من أوائل القرى التي شهدت تطهيرا عرقياً على يد تلك العصابات.
وختم عودة بتأكيده على أن
"رؤيتنا دائمًا نحو لفتا أنها جزء من فلسطين، وهي محتلة في نكبة عام 1948، وسكان
لفتا في القدس والشتات جزء من شعب فلسطين، مصير لفتا وأهل لفتا هو مصير فلسطين وشعبها،
والآن هي مستهدفة، فنقف مدافعين من أجل لفتا أمام مخططات الاحتلال وسياساته التهويدية".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام