لاجئو الضفة قلقون على حق عودتهم بعد «أيلول»
الجمعة، 23 أيلول، 2011
يترقب اللاجئون الفلسطينيون ما ينتج عن توجه قيادة السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة لطلب العضوية والاعتراف الدولي بدولة فلسطين بحذر.
ويخشى اللاجئون من ضياع حقهم بالعودة إلى ديارهم الأصلية في ظل تزايد الحديث عن أن الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود العام 1967 سيغلق ملف العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948.
وقال منسق لجان خدمات مخيمات شمال الضفة الغربية إبراهيم صقر: "نحن نترقب ما يمكن أن ينتج عن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، ولن نعطي أحدا حقا بالتنازل أو التفريط بحقنا الكامل بالعودة إلى بيوتنا".
وأضاف صقر: "لم يفوض اللاجئون أيًا كان وحتى الرئيس محمود عباس بالتنازل عن حق العودة، وسيقف اللاجئون كالصخرة التي تتحطم عليها أي مشاريع تنتقص من حقهم".
وأوضح "أننا في هذه المرحلة نصف موقفنا بالمترقب، ولدينا مخاوف، لكننا سنبقى صامتين لنرى ما سينتج عن هذه الخطوة".
وعبَّر صقر عن استياء اللاجئين من موقف السلطة الفلسطينية من قضايا اللاجئين، حيث أإنها لم تقدم لهم شيئا خاصة في صراعهم مع وكالة الغوث، كما قال.
كما أعرب الناشط بقضايا اللاجئين بمخيم بلاطة فريد مسيمي عن خشية اللاجئين من انتقاص حقوقهم، واصفا الحال بالمخيمات بالمترقب لما سيحدث بالأيام القليلة القادمة.
وقال "لن نقبل من أي شخص أن يفرط بحق من حقوقنا المشروع بالعودة إلى أراضي فلسطين المحتلة عام 1948".
وفي شارع السوق بمخيم بلاطة بنابلس يجلس كبار السن يتداولون الأخبار ويفسرونها، ويستذكرون الطفولة والأرض المسلوبة.
ويجلس اللاجئ إبراهيم حشاش أمام عربة بمخيم بلاطة قائلا "نحن لدينا عقيدة ثابتة لن نقبل إلا بالعودة إلى أراضينا وبيوتنا المسلوبة، وأي تعويض أو دمج بالمجتمعات الأخرى لن نقبل به".
وأضاف "بكل بساطة أستطيع أن أخرج من ضيق العيش بالمخيم لأسكن في منطقة ريفية أو بإحدى المدن، إلا أنني لن أفعل ذلك حتى أبقى وأبنائي على تواصل مع قضيتي ونعود إلى يافا".
إلى جانبه عجوز في العقد السابع من عمره قال باستغراب "لماذا دائما نسأل عن موقف اللاجئين من أي تحرك... فليفهم الجميع أننا لن نقبل بأي حل سوى عودتنا إلى ديارنا، وهذا حق طبيعي ونصَّت عليه القوانين والقرارات الدولية، ولن نسمح لأي كان أن يتصرف فيه".
وعبَّر اللاجئ هشام سعد من مخيم عسكر القديم عن أمله بأن يكون لدى قيادة السلطة وعي بالاستحقاق وأن لا يؤثر على حق اللاجئين بالعودة إلى منازلهم.
وقال "عشنا هنا وولدنا هنا مشردين عن منازلنا وبيوتنا، كيف لنا أن نقبل العيش هكذا، من المؤكد أننا سنرجع يوما".
أما إبراهيم منصور فقال "المخيمات الفلسطينية ستبقى الصخرة التي تتحطم عليها كل المشاريع التي تستهدف عودتنا إلى فلسطين المحتلة 1948."
وبالرغم من تنظيم فعاليات عدة داخل المخيمات تدعم التوجه إلى الأمم المتحدة، إلا أن الاهالي يدعون إلى أن تبقى قضية اللاجئين على رأس أولويات القيادة وعدم التفريط بها.
وقال المعلمة سلام أبو وردة "أعددنا خطة لخروج الطلبة من المدارس للالتحاق بجموع المحتشدين والمؤيدين للتوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة، إلا أن شعاراتنا تصب في دعم القيادة والتمسك بحق العودة".
وأضافت أبو وردة أن "مخيم عين بيت الماء- أصغر مخيمات الضفة المحتلة- لن يقبل إلا بالتمسك بحق العودة، وأية شرعية ستسقط عن صاحبها إن قدَّم تنازلا بسيطًا عن الثوابت الفلسطينية، ونحن الآن نرتقب ما سينتج عن ذلك".
أما الطفلة أيه شامخ فتحمل علما فلسطينيا بيد، وبيدها الأخرى راية خُط عليها "194"، شددت بالقول "أنا من الجماسين وراح أرجع لهناك"، وإلى جانبها العشرات من أطفال المخيمات الذين يعيشون أوضاعًا معيشية صعبة يأملون أن يعيشوا في سلام ببيوت هُجِّر منها أجدادهم.
وفي ازقة مخيم الدهيشه بالقرب من بيت لحم وامام جدران كتب عليها باللون الاحمر" ثوروا فلن تخسروا الا القيد والخيمة"، قال نضال محمد (22 عاما) ابن الجيل الثالث لعائلة لجأت من قرية بيت عطاب في الضفة الغربية ان "الاعلان عن الدولة شىء ايجابي".
واضاف "نحن بحاجة الى دولة وكيان خاص بنا شرط الا يتنازل عن قضية اللاجئين وحق العودة".
وتابع ان "جدي بقي يحمل مفتاح الدار طوال عمره ويحلم بالعودة ويتحدث عن القرية الى ان مات قبل عامين وعمره نحو مئة عام".
ويقع مخيم الدهيشه للاجئين الفلسطينيين جنوب شرق بيت لحم في الضفة الغربية ويضم نحو عشرة آلاف لاجىءاكثر من ثلثهم عاطلون عن العمل حسب وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا).
والمخيم اسس في 1949 ليكون ملاذا موقتا لنحو 3400 لاجىء جاؤوا من 45 قرية غرب القدس والخليل بعدما غادروا بيوتهم خلال حرب 1948.
وقال نضال ان "عائلتي دفعت ثمنا باهظا طوال حياتها في اللجوء".
ولا تقل معاناة نضال عما عاشته اسرته. وقال "اصبت برصاصة اسرائيلية هشمت ركبتي في مسيرة طلابية عند قبة راحيل واستشهد ابن عمي في الانتفاضة الثانية واخي اسير".
واضاف "سجنت وخرجت من السجن منذ شهر. مكثت ثلاثة اشهر في مركز تحقيق بتاح تكفا بعد اتهامهم لي بنشاطات في الجبهة الشعبية (لتحرير فلسطين) ولم يثبتوا شيئا وامضيت في الاعتقال الاداري ستة اشهر" اي بدون محاكمة لعدم وجود ادلة بحسب قوانين الطوارىء التي تعود الى الانتداب البريطاني.
وتابع "كنت ادرس في جامعة القدس لكني توقفت لعدم وجود نقود واتساءل الا يحق لنا العمل في مؤسسات السلطة".
ويفيد تقرير لمركز الاحصاء الفلسطيني الى ان "الحد الادنى لعدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات الاونروا بلغ نحو 4,8 ملايين لاجىء منتصف 2010".
من جهته قال محمد جابر (41 عاما) اللاجىء من قرية دير عطاب ويعمل موظفا في احدى المؤسسات "لا يوجد ما نخسره بالتوجه للامم المتحدة. خسرنا الكثير، وقرار الامم المتحدة للتقسيم كان وجود دولة فلسطينية بجانب دولة اسرائيل".
وعبر عن ثقته في ان محمود عباس "لن يتنازل عن قضية اللاجئين وحق العودة فهو نفسه لاجىء".
وتابع "نحن بحاجة للاعلان عن دولتنا اكثر من اي وقت مضى (...) في ظل تقليص خدمة الاونروا التي كانت مظلة للاجئين ولم يبق من خدماتها الا المدرسة وحبة الاسبيرين اصبحت خدماتها لا تغطي سوى خمسة بالمئة من احتياجات اللاجئين".
لكن هذه الخطوة لا تلقى موافقة الجميع. فقد قال آخرون في المخيم انهم غاضبون لان اعلان الدولة على حدود 1967 يعني "انهاء قضية اللاجئين الفلسطينين وحق العودة".
وصرح عبد الله الأفندي (18 عاما) الطالب في المحرلة الثانوية من قرية دير أبان: "نحب أن يكون لنا دولة، لكن فلسطين ليست فقط أراضي 1967، ومجرد إعلان حدود الدولة الآن يعني أننا سنكون محصورين في هذه الحدود ولن يكون هناك حق عودة".
وتساءل: "ماذا عن أراضينا ماذا عن بيوتنا؟ هل سنبقى لاجئين طوال عمرنا؟".
وعبر عن استيائه الشديد لأن فرقة "العاشقين" التي جاءت هذا الأسبوع إلى المخيم، كانت تغني أغاني لتحرير كل فلسطين وأصبحت تغني لاستحقاق أيلول.
المصدر: جريدة السبيل الأردنية