لبنان يفتح الباب أمام مناقشة طلب عضوية فلسطين
الخميس، 29 أيلول، 2011
عقد مجلس الأمن الدولي أمس جلسة برئاسة لبنان أحال خلالها رئيس المجلس السفير نواف سلام طلب العضوية الذي قدمه يوم الجمعة الماضي الرئيس الفلسطيني محمود عباس للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسميا الى لجنة قبول العضوية، محددا جلسة مناقشة أولى غدا الجمعة في 30 أيلول لأعضاء المجلس على مستوى السفراء.
ما حصل أمس عمليا في مجلس الأمن يعني أن طلب عضوية فلسطين وضع على السكة الرسمية، بعدما قام لبنان المترئس للمجلس بمساع دبلوماسية حثيثة ذللت أية عقبات إجرائية كان من الممكن أن تعترض الطلب الفلسطيني، وقد ظهر الأمر عبر البت بتحويل الطلب في غضون 5 دقائق.
وعندما سأل سلام أعضاء المجلس عما إذا كان من اعتراض ما على تحويل الطلب الى لجنة العضوية لم تعمد أية دولة الى الاعتراض أو الى إبداء ملاحظة، فأقر سلام تحويل الطلب وحدد اجتماعا للمناقشة يوم الجمعة المقبل برئاسة لبنان بحسب المادة 59 من النظام الداخلي لمجلس الأمن، وهذا يعني أن لبنان قبل انتهاء رئاسته للمجلس في نهاية الشهر الحالي، ضمن إنقاذ فلسطين من المطبات الإجرائية التي كان من الممكن أن تثار، وأتاح المجال يوم الجمعة لمعالجة محتوى الطلب الفلسطيني من دون إبطاء.
وكشف رئيس بعثة السلطة الفلسطينية الى الأمم المتحدة في نيويورك رياض منصور لـ«السفير» أنّه «بهدف اتمام المبادرة الفلسطينية في مجلس الأمن الدولي يقول لنا بعض الأصدقاء بإمكان تقديم طلب مواز بعد فترة من الزمن الى الجمعية العامة، ما يشكل ضغطا على مجلس الأمن للتسريع في بت طلب العضوية بشكل إيجابي، والى أن يتم الحسم ربما يقترحون جعلنا دولة مراقبة». ووصف منصور إعلان اسرائيل أمس الاول نيتها بناء 1100 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة بانه «مسيء، واستفزازي وغير شرعي .. ويمثل 1100 اجابة لا» على جهود احياء المحادثات. وقال ان تلك الموافقة هي «اجابة واضحة من الحكومة الاسرائيلية على اللجنة الرباعية وعلى المفاوضات وعلى رفض الانصياع للتوافق العالمي على حقيقة ان المستوطنات تشكل عائقا غير شرعي أمام السلام».
أما السفير الاسرائيلي في الامم المتحدة رون بروسور فقال ان الفلسطينيين يستخدمون كل حجة «لكي لا يدخلوا في المفاوضات». وبشأن عملية المحادثات قال «هل الامر سهل، الجواب هو لا. ان الامر يبعث على الاحباط. هل نقضي ليالي دون نوم؟ نعم. ولكن في نهاية المطاف فإن هذه هي الطريقة الوحيدة أمامنا».
ولدى سؤاله عن موافقة الحكومة الاسرائيلية على بناء الوحدات السكنية الجديدة، قال بروسور ان اسرائيل مستعدة للتفاوض بشأن القدس وغيرها من قضايا الحل النهائي، لكنه قال «أود ان أؤكد ان القدس هي عاصمة الشعب اليهودي. انها قلبنا. اسمحوا لي ان اقول ان القدس كانت عاصمة الشعب اليهودي عندما كانت لندن مستنقعا». وأقر بروسور بان اسرائيل تعمل مع الولايات المتحدة لاقناع اعضاء مجلس الامن بالتصويت بالمعارضة او الامتناع عن التصويت بشأن عضوية فلسطين في الامم المتحدة. وقال «نعم، نحن كلانا يعمل .. لجعل كتلة من الدول تقول: ايها السيدات والسادة عودوا الى المفاوضات المباشرة، واجلسوا وتحدثوا مع بعضكم البعض».
وقال المتحدث باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو مارك ريغيف إن «جيلو ليست مستوطنة. إنها حي في قلب القدس على بعد حوالي 5 دقائق من وسط المدينة»، وأضاف «في كل خطة سلام طرحت على الطاولة خلال الأعوام الـ18 الماضية، بقيت جيلو جزءا من القدس وبالتالي فإن قرارنا لا يناقض بأي شكل من الأشكال رغبة الحكومة الاسرائيلية الحالية بالسلام المبني على أساس دولتين لشعبين».
لكن التنديدات بالإعلان الاسرائيلي تواصلت، وقال وزير الخارجية المصري محمد عمرو إن «هذا الإجراء الذى يفتقر لأي شرعية يشكل تحديا إسرائيليا جديدا وسافرا لأطراف المجتمع الدولي التي ترغب وتعمل من أجل استعادة المصداقية لمسار التسوية السياسية». وأكد وزير الخارجية المصري، الذي يقوم حاليا بزيارة لواشنطن، ان «الجانب الاسرائيلي تشجع ولا شك من جراء خلو بيان الرباعية الأخير من أية إشارة إلى ضرورة وقف الاستيطان الاسرائيلي». واضاف ان مصر تستشعر قلقا حقيقيا بسبب التسارع المطرد في وتيرة الاستيطان في الفترة الأخيرة، وخاصة في الشهرين الأخيرين اللذين شهدا الموافقة على بناء أكثر من ستة آلاف وحدة استيطانية، بما يمثل حالة من الانفلات الكامل وغير المسؤول فى البناء فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة». وأكد الوزير أن «الطرف الاسرائيلي يتحمل المسؤولية كاملة عما قد تتسبب فيه هذه السياسات الاستفزازية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة حاليا».
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في مؤتمر صحافي مع عمرو، «يجب أن تمارس مصر والولايات المتحدة والرباعية والجميع ضغطاً على الطرفين في محاولة لتحقيق تقدم نحو اتفاق حول المسائل العالقة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي ان «الصين تعرب عن اسفها العميق وتعارض موافقة اسرائيل على مشاريع توسيع المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية». واضاف ان بكين تطلب من اسرائيل «التصرف بتعقل» في هذا الموضوع.
ودعت روسيا اسرائيل الى التخلي عن خططها لبناء 1100 وحدة سكنية جديدة في حي جيلو الاستيطاني في القدس الشرقية، معربة عن مخاوفها من تأثير ذلك على محادثات السلام. وقالت وزارة الخارجية في بيان «نحن قلقون بشكل خاص بشأن اتخاذ قرارات في هذه المسألة الحساسة في وقت مهم للغاية لمستقبل عملية السلام». وانضمت روما الى روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وبريطانيا وفرنسا والصين في إدانة الاعلان الاسرائيلي. وقالت وزارة الخارجية ان «ايطاليا تعرب عن خيبة املها العميقة بشأن هذا القرار». واضافت ان الموافقة على البناء «هو عائق في طريق اعادة مناخ الثقة بين الاطراف»، داعية الى التخلي عن تلك الخطط.
إلى ذلك، دعا نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي سيلفان شالوم الى تبني خطة الرباعية الدولية للتوصل الى اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي قبل نهاية العام 2012، بعد مواقف مماثلة لعدة أعضاء آخرين في الحكومة. وقال شالوم لاذاعة الجيش «يجب بالطبع ان يكون ردنا إيجابيا» متحدثا غداة اجتماع عقده نتنياهو مع ثمانية وزراء ضمن الحكومة المصغرة ناقشوا خلاله على مدى خمس ساعات خطة اللجنة الرباعية. واضافت الاذاعة ان نتنياهو الذي رحب بخطة الرباعية سيواصل مشاوراته الاسبوع المقبل قبل اتخاذ قرار رسمي حول الموضوع، مشيرة الى وجود احتمال كبير بتبني الحكومة الاسرائيلية هذه الخطة.
وقال شالوم «يوجد اشكاليتان في مقترح الرباعية: ضرورة التوصل الى اتفاق في غضون عام والتوصل خلال ثلاثة اشهر الى ترتيبات حول الحدود والامن من دون معرفة ما سيحدث بالنسبة لمواضيع اخرى كالقدس».
المصدر: مارلين خليفة - السفير