الإثنين،
04 تشرين الأول، 2021
أثار
إعلان النسخة التجريبية من لعبة "فرسان الأقصى" الإلكترونية، العديد من ردود
الفعل الإسرائيلية الغاضبة، لإبرازها جزءًا من جرائم جنود الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومة الفلسطينيين
لأدوات قمع الاحتلال.
وهاجم
سياسيون إسرائيليون اللعبة التي أنتجتها عائلة فلسطينية تقيم في البرازيل، وستنطلق
رسميا بأواخر العام الحالي، وعدّوها
"معادية للسامية" و"تحريضية" تسعى لاستهداف الإسرائيليين وقتلهم.
وقال
عضو الكنيست الإسرائيلي، ورئيس حزب "قوة يهودية" إيتمار بن غفير، إن
"على وزارات الحكومة الإسرائيلية التدخل، ومخاطبة الجهات البرازيلية لمنع نشراللعبة
المعادية للسامية والمحرضة على القتل".
البطاقة الشخصية لمنتج اللعبة
وتعود
أصول منتج اللعبة نضال منير صالح نجم (37 عامًا) الذي يحمل الجنسية البرازيلية، إلى
قرية القباب المهجرة عام 1948، والتي تقع في الجنوب الشرقي لمدينة الرملة المحتلة،
ووالده من مواليد مخيم الأمعري عام 1959.
وأوضح
نجم لـ"قدس برس" أن اللعبة لم تكن إنتاجا فرديا، وتشارك في صناعتها مع والده
وشقيقه محمد، ووزعت الأدوار فيما بينهم، على مدى عشرة أعوام من التدريب وحضور الدورات،
وقد بدأت فكرة تأسيسها عام 2008.
وأكمل:
"بيتنا في البرازيل مليئ بصور فلسطين والشهداء، فوالدي زرع محبة بلادنا المحتلة
في أنفسنا، وكان يجبرنا على التدريب 12 – 13 ساعة يوميا؛ حتى أتقنا مهارات صناعة الفيديو
جيم، فهي تفيدنا أيضا بمجال عملنا كوننا نمتلك شركة إعلانات صغيرة، وكنا سابقا نعمل
في بيع الأزياء الشرعية".
بطل اللعبة مقاوم وليس إرهابي
ولخص
نضال اللعبة، في أنها "تتجسد في شخصية البطل أحمد الفلسطيني، وهي شخصية خيالية
مستمدة من الواقع، تحكي عن شاب من قطاع غزة يدرس في الجامعة، حلمه أن يتزوج ويكوّن
أسرة، ولكن اعتقاله لدى الاحتلال الإسرائيلي، وصدر حكم قضائي بسجنه خمسة أعوام، شكّل
علامة فارقة في حياته، لاسيما عند ورود خبر استشهاد جميع أسرته في غارة إسرائيلية".
وأضاف:
"عند خروج أحمد من السجن، يلتحق بحركة للمقاومة اسمها فرسان الأقصى، والتي تقوم
بتدريبه على شتى أنواع الأسلحة، ومن خلال اللعبة ينفذ عمليات ضد مواقع عسكرية صهيونية،
فاللعبة لا تستهدف المدنيين على الإطلاق".
ويؤكد
نضال: "نحن لسنا ضد اليهود كيهود، ولكننا ضدهم كمحتلين لبلادنا، وقد تحدثت مع
إعلاميين يهود، وقلت لهم إن الصهيونية من أوصلتكم إلى كل هذه الكراهية في العالم".
وتابع:
"لن أنسى حدة الألم، التي يصفها والدي عندما كان يرى بيت جدي في القباب محتلا،
ويسكنه صهاينة مهاجرون، عندما كان يأخذه جدي إليه زيارة عابرة من أمامه".
وزاد:
"كان جدي يعمل سائقا لشاحنة نقل، ووالدي خرج من فلسطين إلى لبنان عام 1975، ومن
لبنان بعد الاجتياح إلى البرازيل عام 1982".
تأخر العرب بهذه الصناعة
وحول
الدافع لإنتاج اللعبة، قال نجم لـ"قدس برس"، إن "الألعاب تؤثر كثيرا
في تغييير المفاهيم لدى الناس والأطفال تحديدا، والغرب والصهيونية العالمية استغلا
الإعلام بشكل كبير في تشويه صورة الفلسطيني ووصمه بالإرهاب، ودورنا تغيير تلك الصورة
وإظهار أحمد الفلسطيني كبطل مقاوم وليس كإرهابي".
وأوضح:
"التقيت أمريكيا قبل فترة قصيرة، وقال لي: قبل اللعبة كنت أكره الفلسطينيين، وبعد
مشاهدة النسخة التجريبية تغيرت نظرتي، فاللعبة تحتوي على تاريخ وأناشيد وأغاني وأهازيج
فلسطينية".
وعبر
نجم عن أسفه، لتأخر العرب والمسلمين في مجال التكنولوجيا، و"اقتحامنا هذه المجالات
جاء بعد تقدم الآخرين باعا طويلا".
وأردف:
"رغم بساطة الإمكانات، استطعنا أن ننافس أكبر الشركات التي تبيع ألعاب الفيديو
في أمريكا، فلعبة فرسان الأقصى متقدمة وعلى مستوى عالمي، ولو لم تكن كذلك لم تضعها
منصة (steam)
العالمية على منصته".
وزاد:
"في كل العالم تم إصدار النسخة التحريبية للعبة بعدة لغات، من أهمها: العربية
والإنجليزية والبرتغالية الصينية، وفي نهاية العام ستصل الى كافة اللغات".
قلق ومحاولات إسرائيلية لمنع اللعبة
وتوقع
نجم أن تشكل اللعبة رقما صعبا فيما وصفه بـ"الصراع السلمي مع الصهاينة"،
ففي الغرب عشرات الألوف من الشباب، بدأوا ببمارسة اللعبة وانتشارها في تزايد كبير،
مؤكدا على "ضرورة نشرها والترويج لها في العالم العربي".
وأكد
نجم موعد إطلاق اللعبة بشكل رسمي، في شهر كانون الأول/ديسمبر 2021، وفي اليوم الذي
تنطلق فيه لعبة الفلوجة الأمريكية، لتكون منافسة لها، وهي أحدث لعبة في العالم تظهر
العراقيين والعرب والمسلمين كإرهابيين ومجرمين يستحقون القتل والاحتلال بزعم نشر الحرية.
وقال
نجم: "انصرع الصهاينة من اللعبة، ودليل هزال كيانهم أنهم مرعوبون من لعبة، ويحاولون
بكل قوة منع انتشارها، فهم لا يريدون فلسطينيا بإمكاناته المتواضعة أن يزيل السواد
عن العيون".
وأضاف:
"لن نتضرر كوننا نقوم بأعمال قانونية مرخصة من كافة الدوائر الحكومية، وقد تواصلوا
مع موقع الألعاب وخرجوا بلا فائدة، وما استطاعه الصهاينة لحد الآن هو إغلاق الصفحة
على الفيسبوك، وسيطرتهم معروفة على هذه المنصة".
إبداع مطلوب
بدوره،
قال خبير تكنولوجيا المعلومات كفاح عيسى، إن "فكرة لعبة فرسان الأقصى مثال عملي
على الإبداع المطلوب، سواء من حيث القصة الأساسية أو المضامين كما يظهر بوضوح في العرض
الترويجي للعبة".
وأوضح
عيسى أن اللعبة لم تسلم من رد فعل غاضب من الكيان الإسرائيلي، والذي طالب بحذف اللعبة
من منصة الألعاب "بحجة معاداتها للسامية"، مبينًا أن إطلاق لعبة تتطلب من
اللاعب الانخراط في مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ستثير حتما زوبعة من ردود
الفعل الرافضة لهذه اللعبة من قبل سلطات الاحتلال واللوبي الصهيوني.
مشيرّا
إلى أن ردود الفعل الغاضبة، تنطبق على ما يحدث في صناعة السينما والمسلسلات والمحتوى
المرئي الذي يطرح فكرا يناقض السائد، رغم أن "ألعاب الجيش الأمريكي مثلا، تنتشر
وهو يقتل العراقيين بدم بارد".
وأضاف:
"لا ندري كيف سترد منصة (steam) على تلك الاعتراضات، ولكن
بغض النظر عن ردها فإن هناك تعطشا حقيقيا لهذا النوع من الألعاب والذي يقدم فكرا ووجهة
نظر مغايرة عن السائد، ولا ينحصر التعطش على المستوى العربي والإسلامي، بل على المستوى
العالمي أيضا، مما يمثل فرصة سانحة ونافذة للتعبير عن قضايانا وشرح قيمنا".
وشدد
عيسى على أن "قصة نجاح واحدة، ستجر بعدها محاولات أخرى وقصص نجاح أخرى بحول الله
تعالى"، لافتا الانتباه إلى أن ما يلزم الشباب العربي لدخول هذا المضمار، هو
"الإبداع في صياغة اللعبة وأفكارها ومضامينها التي تنطلق من قيمنا وتوفر الدعم
المادي ونموذج الأعمال المربح".
وأشار
إلى أن "سبب تأخرنا في دخول هذا المضمار، هو غياب الدعم والتوجيه للمبدعين؛ لأن
صناعة الألعاب يتطلب عددا كبيرا من المحاولات".
وبيّن:
"الدعم يبدأ باحتضان المحاولات وخصوصا الجيد منها، والمساهمة في نشرها وتقديم
الملاحظات البناءة للمطورين، بما في ذلك اقتراح الأفكار الجديدة والمبدعة".
وأكد
عيسى أن إنتاج لعبة ناجحة يتطلب بالضرورة عملا جماعيا وتمويلا ذاتيا، أو من خلال مؤسسات،
وأن المبدع الواحد مهما سما في إبداعه، يحتاج إلى التكامل مع الآخرين لإتمام العمل.