"معهد الأمل للأيتام"
ملجأ لضحايا الحرب على غزة
شبكة راية- لا تختفي آثار الحرب
الإسرائيلية القاسية على قطاع غزة التي استمرت 51 يوم ولا يمكن أن تمسح من ذاكرة
من شهدها لا سيما الأطفال، فبعد أن وضعت الحرب أوزارها بدأت الجراحات والآلام تطفو
على السطح، عشرات الأطفال أصبحوا أيتام بعد استشهاد أفراد من عائلاتهم وبعضهم
فقدوا جميع أفراد عائلتهم وأصبحوا بلا معيل.
عدد الأيتام في غزة ازداد بشكل ملحوظ
حيث وصل إلى قرابة 1500 يتيم، ولكن الخطورة تكمن في أن الجرائم الإسرائيلية ضد
الفلسطينيين فاقت كل خيال وتصور، وانعكست آثارها سلباً على نفسية الطفل الفلسطيني
على المدى القريب والبعيد، فذاكرة الطفل لا تنسى بسهولة مشاهد القتل والدمار
والخراب التي شاهدوها في الحرب، وبالأخص مشاهد أبائهم وأمهاتهم وهم عبارة عن جثث
مشوهة.
سُجلت حالات كثيرة خلال الحرب
الأخيرة استشهد فيها الأب والأم وبعض الأشقاء، مما خلف حالة نفسية صعبة للغاية لدى
الطفل اليتيم قد يحتاج إلى رعاية مكثفة وطويلة الأمد ليتمكن الطفل من إكمال حياته
المستقبلية.
"رايــة" زارت معهد الأمل
للأيتام الوحيد في قطاع غزة وعمره يفوق خمسة وستون عاما، حيث يتواجد أطفال في عمر
الزهور حرمتهم نيران وقذائف الاحتلال رؤية أبائهم وأمهاتهم وأفقدهم آمالهم في تذوق
طعم الحياة الطبيعية كغيرهم من الأطفال، فالصدمات النفسية التي تعرضوا لها الأطفال
بفقدانهم ذويهم كبيرة، ويحتاجون لمن يقف بجانبهم ويخرجهم من الحالة النفسية الصعبة
التي يعيشونها.
الأنشطة والبرامج التعليمية
والترفيهية التي يقدمها المعهد بالإمكانيات المتوفرة، تمكنهم من تفريغ الكبت والألم
الذي تعرضوا له، كما أن تقديم المعهد لجميع الخدمات الحياتية والتعليمية اللازمة
للأطفال يساعدهم على تيسير حياتهم اليومية والمعيشية ومساعدتهم في تحقيق طموحهم
المستقبلي.
رئيس معهد الأمل للأيتام الدكتور عبد
المجيد الخضري أكد أن الأطفال بحاجة ماسة إلى الرعاية النفسية لفترات مكثفة
ومتواصلة حتى يتمكنوا من التعافي مما تعرضوا لمواقف يصعب على الجبال تحملها، وأضاف
الخضري إن "عمليات القتل التي مارستها قوات الاحتلال ضد الأطفال وعوائلهم كان
عنيفة وكبيرة، خلقت حالة من الكبت واليأس لدى الأطفال، خاصة من فقدوا آبائهم وأمهاتهم".
وأشار إلى أن أعداد الأيتام الذي
خلفته آلة الحرب الإسرائيلية كبير ويحتاج إلى ميزانيات كبيرة لتأهيلهم والعناية
بهم، لتجاوز الحالة النفسية الصعبة لديهم، مشيرا إلى أن العمل في ظل هذه الأوضاع
صعب جدا ومرهق في ظل عدم توفر الإمكانيات اللازمة في القطاع واستمرار الحصار
المطبق على غزة.
كما دعا الخضري الجهات الوطنية
والدولية والخيرية إلى تكثيف جهودها في توفير الأموال والمساعدات للأيتام
والاهتمام بالمعالجة النفسية للأطفال، حتى يستطيع المعهد تقديم واجباته وخدماته لـ
130 يتيما يتكفل بهم المعهد حتى الآن ولإيصال الرسالة التي يسعى المعهد لتنفيذها.
معهد الأمل في غزة مقبل على تحدي
كبير كما يقول رئيس المعهد، حيث سيقوم بتشطيب طابق آخر في المعهد ليرفع قدرته
الاستيعابية من 120 إلى ما يقارب 300 يتيم، في ظل الارتفاع الكبير في عدد الأيتام،
إضافة إلى أن المعهد يحتاج لميزانية كبيرة لا سيما وأن رعاية كل يتيم يكلف المعهد
350 دولار شهرياً، بالإضافة إلى التكاليف التشغيلية للمعهد ورواتب الموظفين.
أخر من استقبلهم معهد الأيتام في غزة
هم 4 أطفال أشقاء من عائلة أبو طعيمة في مدينة خانوينس، حيث استشهد الأب والأم في
قصف إسرائيلي على المدينة، يعيشون الآن داخل المعهد ويحتاجون لرعاية نفسية
ومجتمعية وتعليمية طيلة السنوات المقبلة.
يوسف الشنباري وشقيقته خديجة
يتواجدون داخل هذا الملجأ "معهد الأيتام" بعد أن فقدوا جميع أفراد
العائلة في مجزرة بشعة ارتكبتها قوات الاحتلال في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل
اللاجئين"أونروا" في بيت حانون، فيقول يوسف: " كنت أنا وعائلتي في
المدرسة، وجاء الصليب الأحمر وقال بأن قوات الاحتلال أبلغتنا بإخلاء المدرسة
والتجمع وسطها تمهيدا لنقلنا خارجها، وفور تنفيذنا لذلك بدأت قذائف الاحتلال تنهال
علينا، ما أدى لاستشهاد عائلتي بالكامل، والآن نحن نعيش في المعهد".
الاستهداف المتعمد للمدنيين في الحرب
الأخيرة التي خلفت أكثر من 2170 شهيدا، رفـع عدد الأيتام إلى حد أثار مخاوف من عدم
القدرة على استيعابهم داخل المركز الوحيد في المدينة الذي بات يطالب بتأمين مبان
إضافية ليتسنى له استيعاب العدد المتزايد من الأيتام.
في ذات السياق قال المرصد
الأورمتوسطي إن "المعاهد المختصة برعاية الأيتام، ستواجه أزمة في استيعاب
مئات الأطفال، وتقديم الرعاية اللازمة لهم"، داعيا المجتمع الدولي إلى وقف
جرائم الحرب الإسرائيلية تجاه أطفال قطاع غزة، ولجم آلة الحرب الإسرائيلية التي لا
تحترم المعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية التي تنص على إبعاد الأطفال
والمدنيين العزل عن دائرة النزاعات والحروب.
"أيتام غزة" هم الجرح
الغائر الذي لازال ينزف حتى الآن رغم توقف العدوان الشرس على قطاع غزة، فالعائلات
التي أبيدت ومسحت بالكامل من السجل المدني الفلسطيني، تركت ورائها أطفال ستكبر
يوما ولن تنسى.