السلطة تدين ونتنياهو يحمّل عباس مسؤولية
التحريض على حرب دينية
مقتل 4 إسرائيليين في هجوم على كنيس واستشهاد
منفّذَي العملية
رام الله ـ أحمد رمضان
قتل أربعة إسرائيليين واصيب آخرون، وذلك عندما
هاجم فلسطينيان كنيساً يهودياً في معهد «هارنوف» الديني، في شارع «شمعون أغسي« في
حي «هارنوف« في القدس الغربية.
وقالت الناطقة باسم بالشرطة الإسرائيلية لوبا
السمري إن فلسطينيين مسلحين بمعاول وسكاكين ومسدسات، اقتحما كنيساً يهودياً في
معهد «هارنوف» غرب القدس، وهاجما مجموعة إسرائيليين داخل الكنيس، ما اسفر عن مقتل
أربعة اسرائيليين بينهم حاخام الكنيس، وأن عدداً آخر أصيب بجروح، وُصفت إصابة 5
منهم بأنها خطيرة جداً»، مضيفة أن «الفلسطينيين نفذا العملية بالسكاكين، والبلطات،
كما جرى خلال العملية اطلاق نار أسفر عن مقتل منفّذَي العملية«.
وأشارت سمري إلى أن القتلى الأربعة يحملون
جنسيات أخرى: ثلاثة منهم يحملون الجنسية الاميركية والرابع كان يحمل الجنسية
البريطانية.
وفي وقت لاحق، أعلنت «الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين« أن منفّذَي الهجوم على الكنيس اليهودي ينتميان اليها.
وقالت كتائب «أبو علي مصطفى« الجناح العسكري
للجبهة، في بيان، إن منفذي الهجوم هما غسان وعدي أبو جمل من سكان بلدة جبل المكبر
في شرق القدس، مؤكدة مباركتها للعملية «التي تأتي رداً طبيعياً على جرائم
الاحتلال، وشكلاً من أشكال المقاومة الشعبية«.
وذكرت الكتائب أن منفذي الهجوم «اقتحما المعهد
اليهودي متنكرين ومسلحين بمعاول وسكاكين ومسدسات وإرادة المقاومة، واستشهدا برصاص
قوات الشرطة الإسرائيلية بعد الاشتباك معهما«، داعية إلى تصعيد وتطوير العمليات في
القدس.
وفي المقابل، دانت رئاسة السلطة الفلسطينية
العملية، فيما حمل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني
محمود عباس المسؤولية، في حين أصدرت معظم الفصائل الفلسطينية بيانات باركت
العملية.
وقد ترأس الرئيس عباس اجتماعاً طارئاً للمجلس
الأمني الفلسطيني، والذي يضم قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، حيث دعا المجلس إلى
التهدئة التامة، ووقف جميع الأعمال، حتى يتاح العمل في المجال السياسي الذي يوصل
إلى السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب البيان الذي صدر عن اجتماع المجلس، فقد
وضع عباس المجلس في صورة التطورات على كل الأصعدة، مطالباً بالتهدئة وعدم القيام
بما من شأنه إعطاء الذرائع للجانب الإسرائيلي ومستوطنيه لتصعيد الأوضاع
والانتهاكات للمقدسات ودور العبادة خصوصاً في المسجد الأقصى المبارك.
وقال عباس في تصريح للتلفزيون والاذاعة
الفلسطينية عقب الاجتماع «إننا إذا كنا ضد الاعتداء على المسجد الأقصى والمقدسات
المسيحية، ونطالب الجانب الإسرائيلي بوقف هذه الاعتداءات، فإن ديننا الحنيف يحرّم
علينا المساس بكل دور العبادة لكل الأديان«، مطالباً بـ»الحفاظ على التهدئة التي
تم التفاهم حولها مع العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، ووزير الخارجية الأميركي
جون كيري في عمان، ومع كل الأطراف المعنية«.
وكانت الرئاسة الفلسطينية أصدرت بياناً قالت
فيه: «دانت الرئاسة الفلسطينية على الدوام عمليات قتل المدنيين من أي جهة كانت،
وهي تدين اليوم عملية قتل المصلين التي تمت في إحدى دور العبادة في القدس
الغربية«. وطلبت «بوقف الاقتحامات للمسجد الاقصى، واستفزازات المستوطنين وتحريض
بعض الوزراء الاسرائيليين«، مؤكدة أنه «قد آن الأوان لإنهاء الاحتلال، وإنهاء
أسباب التوتر والعنف«.
وفي وقت لاحق، قالت الرئاسة الفلسطينية ان
الرئيس عباس، بحث خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الأميركي، السبل الكفيلة لعدم
تصعيد الأوضاع، بحسب الوكالة الرسمية الفلسطينية «وفا» التي اضافت في خبر نقلته عن
الرئاسة الفلسطينية، أن عباس تلقى اتصالاً من كيري بحثا خلاله السبل الكفيلة لعدم
تصعيد الأوضاع، عقب الهجوم الذي نفذه فلسطينيان صباح أمس على كنيس يهودي في مدينة
القدس.
أما حركة «حماس« فقد اعتبرت أن العملية مؤشر على
«اننا على أبواب انتفاضة حقيقية عنوانها القدس والأقصى والاستيطان، وكوكبة الشهداء
الأبرار، وآخرها غسان وعدي أبو جمل هم منارات على هذه الأبواب«.
وأكد عضو المكتب السياسي للحركة موسى ابو مرزوق
في تصريح نشر على صفحته عبر «فايسبوك» أنه «لا يستطيع أحد وقف هذه الانتفاضة، ولا
الفخر بأي محاولة لإجهاضها«. وأضاف: «لقد فاوض الفلسطينيون كثيرًا ومديدًا، ولم
يتوقف الاستيطان والتهويد، ولا محاولات تقسيم المسجد الأقصى وتدنيسه، واليوم أصوات
الصهاينة من الرسميين والمتدينين يطالبون بوقف ذلك، وليس هذا إلا من النتائج
الأولى لهذه الانتفاضة المباركة«.
الناطق الرسمي باسم الحركة سامي أبو زهري، قال
إن «عملية القدس هي رد طبيعي على استمرار الجرائم الإسرائيلية«. وأضاف: «نبارك هذه
العملية البطولية، فهي رد فعل طبيعي على جرائم إسرائيل المستمرة في المسجد الأقصى،
والضفة، وحصار قطاع غزة«، محملاً إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حالة التوتر في
القدس، وتداعيات ما وصفه بـ»الجرائم الإسرائيلية المستمرة«.
وباركت «حركة الجهاد الإسلامي« العملية، ووصفتها
بـ«الفدائية«، مؤكدة أنها تأتي كرد طبيعي على الجرائم الإسرائيلية.
على المقلب الاسرائيلي، قال نتنياهو: «سنرد بحزم
على القتل المروع ليهود جاءوا للصلاة، على يد قتلة سفلة«.
ونقل اوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس الوزراء
الإسرائيلي، في تغريدات على تويتر عن نتنياهو قوله إن «هذه هي نتيجة مباشرة
للتحربض الذي يُقاد من قبل أبو مازن و«حماس«، والذي يتجاهله المجتمع الدولي بشكل
غير مسؤول«.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن «نتنياهو دعا
إلى اجتماع أمني في مكتبه بعد ظهر اليوم (امس) لتقييم الموقف في القدس«.
ومن جهته، توعد وزير الحرب الاسرائيلي موشيه
يعلون بملاحقة المسؤولين عن تنفيذ العمليات وضربهم داخل إسرائيل وخارجها«، مؤكداً
أنه «لن يتم السماح لأحد بتشويش مجرى الحياة الطبيعي لسكان إسرائيل«.
من جهته، حمل وزير الخارجية افيغدور ليبرمان
السلطة الفلسطينية ورئيسها المسؤولية عن الهجوم في القدس المحتلة، متهماً عباس
بـ»تحويل الصراع العربي الاسرائيلي إلى مواجهة دينية«.
وقال ليبرمان إن «عباس حول الصراع إلى صراع بين
اليهود والمسلمين«، مضيفاً أن «الهجوم الإرهابي على كنيس يهودي خلال الصلاة، يوضح
بجلاء، لؤم القتلة، والمسؤولية تقع كليا على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس».
واعتبر أن «عباس حول عمداً الصراع، إلى صراع
ديني بين اليهود والمسلمين، والتحريض المنهجي الذي يقوده ضد اليهود، وقوله إنه يجب
ألا يدخلوا جبل الهيكل (المسجد الأقصى)، فهذا الأمر بمثابة التوجيه لمثل هذه
الهجمات الشنيعة«.
وتابع ليبرمان «ينبغي على المجتمع الدولي أن
يدين تصريحات عباس المعادية للسامية، والتي تؤدي إلى مجازر رهيبة كما حدث صباح
اليوم (امس) في كنيس يهودي في القدس، وأن يوضح أن أولئك الذين يتصرفون بهذه
الطريقة، لا يمكن أن ينظر إليهم باعتبارهم شخصيات سياسية مشروعة«.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية عن رفع حالة
الاستنفار في صفوف قواتها في القدس إلى الدرجة «ج» عقب عملية الكنيس، صباح أمس.
وطالب رئيس حزب «ييش عتيد» ووزير المالية
الإسرائيلي، يائير لبيد، على صفحته على «فايسبوك» بقتل منفذي عمليات وهدم بيوتهم.
من جانبه، أصدر وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي
يتسحاق أهرنوفيتش تعليماته بالقيام خطوات عاجلة عدة للرد على عملية القدس، ومن
بينها عدم دفن منفذي العملية داخل القدس وهدم منازلهم.
وتشمل القرارات الجديدة التي اتخذها في أعقاب
جلسة مشاورات مع الشرطة و»الشاباك» أيضاً نصب الحواجز داخل الأحياء والقرى
الفلسطينية والقيام بعمليات تفتيش دقيقة للخارجين منها، بالإضافة لنشر 4 فصائل من
قوات ما يسمى «حرس الحدود«.
وتتضمن القرارات أيضاً تعزيز قوات الشرطة
بالمتطوعين من الحرس الوطني في شتى أرجاء الكيان، وكذلك فحص استئناف سياسة الاعتقال
الإداري في صفوف المقدسيين في حين قرر التخفيف من القيود على حصول المستوطنين على
رخص حمل السلاح.
وعقب وقوع العملية، قام جيش الاحتلال باجتياح
جبل المكبر حيث يقع منزل منفذي العملية، والذي تمت محاصرته، والاعتداء على ذوي
الشهيدين.
وأفاد محامي مؤسسة «الضمير لرعاية الأسير« وحقوق
الإنسان، محمد محمود، أن قوات الإحتلال اعتقلت 10 من أفراد عائلة الشهيدين من
منزلهم في بلدة جبل المكبر، جنوب شرقي القدس.
وأضاف محمود أن المعتقلين خضعوا للتحقيق من قبل
استخبارات الاحتلال في مركز تحقيق «المسكوبية« في القدس، ناقلاً عن عائلة أبو جمل
رفضها بشكل تام تشريح جثامين أبنائها، وهي بإنتظار قرار الإحتلال بالإفراج عن
جثامينهم.
في غضون ذلك، اندلعت مواجهات عنيفة، بين شبان
فلسطينيين، وقوات الاحتلال الإسرائيلية، في حي جبل المكبر، وذلك بعد إغلاق مداخل
الحي ومخارجه، ومنع الدخول وزالخروج.
وقال شهود عيان، إن الشبان رشقوا القوات
الإسرائيلية بالحجارة، فيما اطلقت الشرطة، قنابل الصوت، وقنابل الغاز المسيلة
للدموع، ما أسفر عن إصابة ما لا يقل عن 14 شاباً بالاختناق جراء استنشاقهم الغاز.
وبدورها، قالت السمري، إن «عشرات الشبان شرعوا
برشق الحجارة باتجاه قوات الشرطة المتواجدة في جبل المكبر، مما حدا بالأخيرة إلى
الرد بإبعادهم مع استخدامها لوسائل التفريق (من دون تحديدها)»، مضيفة أنه «تم
اعتقال 9 مشتبهين«.
وفي سياق متصل، اعتدى مئات المستوطنين على مدرسة
قرية عوريف، جنوب مدينة نابلس، حيث أصيب طالب بحجرٍ في رأسه .
وأفاد شهود عيان بأن مئات المستوطنين هاجموا
القرية وتوجهوا نحو المدرسة، وكانوا يلقون الحجارة ويحملون سيوفاً وبلطات.
وقال سكرتير المجلس القروي، عادل عامر، إن
المستوطنين هاجموا المدرسة في محاولة للاعتداء على الطلبة، إلا ان يقظة الاهالي
حالت دون ذلك. وأضاف أن مواجهات اندلعت في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى انسحاب
المستوطنين، وانتشارهم بمحيط القرية، مؤكداً أنه تم إخلاء المدارس من الطلبة
والمعلمين، وأن جنود الاحتلال حضروا إلى المكان، وأطلقوا قنابل الغاز بشكل كثيف.