فرح فلسطيني وترحيب عربي بعضوية "الأونيسكو" وإحباط إسرائيلي وبحث قائمة عقوبات
منظمة التحرير تتحرك لطلب العضوية الكاملة في 16 وكالة تابعة للأمم المتحدة
الأربعاء، 02 تشرين الثاني، 2011
أكد السفير الفلسطيني في جنيف إبراهيم خريشه أن نجاح منظمة التحرير في تكريس عضوية فلسطين الكاملة في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، فتح الباب أمام تحرك للإنضمام الى 16 وكالة تابعة للأمم المتحدة في غضون الأسابيع المقبلة.
ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن خريشه قوله أمس: "ندرس الآن توقيت التحرك نحو عضوية كاملة في منظمات اخرى تابعة للأمم المتحدة.. ان هدفنا هو الانضمام الى كل منظمات ووكالات الأمم المتحدة.. نحن الآن نعمل على ذلك، واحدة تلو الأخرى، لأنه وقت التحرك بعدما ضمنا العضوية الكاملة في احدى اكبر واهم وكالات الأمم المتحدة (الأونيسكو). ان ذلك يفتح الباب لنا للذهاب أبعد في الإنضمام الى وكالات اخرى تابعة للأمم المتحدة".
فرح فلسطيني
وأمس توالت ردود الفعل الفلسطينية على نتائج التصويت على عضوية "الاونيسكو". وفي حين اظهرت سائر القوى والفصائل والمنظمات والنقابات الفلسطينية فرحها البالغ بما اعتبرته نصراً فلسطينيناً كاسحاً وهزيمة لكل من اسرائيل والولايات المتحدة اللتان عملتا على الحيلولة دون حصول فلسطين على عضوية "الاونيسكو".
فقد رحّبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالقرار الذي وصفته ببالغ الأهمية، واعتبرته قراراً تاريخياً للمجتمع الدولي، يعكس إرادة دولية في إنصاف الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقه الطبيعي بالاعتراف به وبدولته المستقلة.
ورحب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، بالقرار معتبرا ذلك إحقاقا لأحد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ويعطي دفعة قوية لعملية السلام، ويأتي في موعده بل انه تأخر 63 عاما.
ودعا الزعنون في تصريح صحفي الولايات المتحدة الأميركية والدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التي وقالت عضو اللجنة التفيذية للمنظمة حنان عشراوي: "إنه إنتصار للروح البشرية في مواجهة الخوف والإجبار". واضافت: "هناك دول صوتت على أساس المبدأ. وأعتقد أن هذا هام للغاية لأنه يرسل رسالة واضحة بأن هناك أغلبية كبيرة في العالم لا تريد التضحية بالفلسطينيين وإبعادهم من مجتمع الدول".
وأكدت حركة (حماس) أن حصول فلسطين على العضوية الكاملة دليل تراجع الإدارة الأميركية على الصعيد العالمي وتعزيز لمكانة فلسطين على المستوى الدولي. وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم "إن هذا حق طبيعي للشعب الفلسطيني حرم منه على مدار سنوات طويلة". وأضاف أن "شعبنا الفلسطيني صاحب حضارة وشعب عريق وله تراث وتاريخ، ومن غير المبرر أن يغيب طيلة هذه السنوات عن تمثيله في هذه المنظمة".
وطالب برهوم "اليونسكو" بضرورة "الحفاظ على تراث شبعنا الفلسطيني المنهوب والحفاظ على المقدسات الفلسطينية التي تهود، وأن تسعى لتطبيق كل القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة للحفاظ على التراث، واسترجاع كافة الآثار الفلسطينية التي سلبها الاحتلال الإسرائيلي".
واعتبرت حركة "فتح" اعتراف "اليونسكو" بدولة فلسطين عضواً "انتصاراً للثقافة الإنسانية وللحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطينى في وطنه والمراكز الروحية والثقافية ومؤسساته في القدس وكل المدن الفلسطينية".
ويسمح منح العضوية الكاملة لفلسطين في "يونيسكو"، للفلسطينيين بترشيح الكثير من المواقع الاثرية للتراث العالمي الانساني التي تعزز قطاع السياحة لكنه سيثير على الارجح جدلا كبيرا مع اسرائيل.
وصرحت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي لوكالة "فرانس برس" قائلة: "بعد حصولنا على العضوية في اليونيسكو بصفتنا دولة سنتمكن من العمل على حماية تراثنا وثقافتنا من الاجراءات الاسرائيلية المفروضة علينا".
وكانت السلطة الفلسطينية رشحت بالفعل رسميا في شباط (فبراير) الماضي مدينة بيت لحم في الضفة الغربية ومكان ميلاد المسيح لادراجهما على لائحة التراث العالمي. ويفترض ان تتخذ "اليونيسكو" قرارا في هذا الشأن في تموز (يوليو) 2012.
وقدمت كل من وزارة السياحة والاثار وبلدية المدينة ومركز حفظ التراث الثقافي في بيت لحم بطلب لادراج كنيسة المهد و"مسار الحجاج" الى اللائحة نفسها.
وتطمح السلطة الفلسطينية ايضا الى ادراج نحو عشرين موقعا اخر على القائمة من بينها مدينة الخليل التي تضم الحرم الابراهيمي الشريف وهو مكان متنازع عليه بين المسلمين واليهود، وكذلك اريحا وهي من اقدم المدن في التاريخ الانساني.
والعام الماضي قررت السلطات الاسرائيلية تجميد تعاونها مع "اليونيسكو" بعد قرار المنظمة اعتبار "قبر راحيل" مسجدا اسلاميا ايضا، الامر الذي رفضته اسرائيل ولكنها تراجعت عن قرارها بعد ذلك بوقت قصير.
وقبر راحيل هو المكان الذي يعتقد اليهود ان راحيل زوجة النبي يعقوب مدفونة فيه. وهو ثالث الاماكن اليهودية قدسية لكنه في الوقت عينه مكان مقدس بالنسبة الى المسلمين الذين يطلقون عليه اسم مسجد بلال بن رباح.
ويشكل هذا الموقع الديني جيبا يسيطر عليه الجيش الاسرائيلي في قلب مدينة بيت لحم الفلسطينية التابعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.
ومن المواقع الاخرى الدينية والثقافية والطبيعية التي يسعى الفلسطينيون لادراجها في اللائحة وحددتها دائرة الاثار الفلسطينية جبل جرزيم المقدس لدى الطائفة السامرية وخربة قمران على ضفاف البحر الميت حيث اكتشفت مخطوطات والبحر الميت، وبلدة نابلس القديمة شمال الضفة الغربية.
إحباط في إسرائيل
إسرائيل وقادتها أصيبوا بالاحباط وبدأت تل أبيب تعد العدة لمحاصرة النصر الفلسطيني توطئة لاجهاضه، فقد عقد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو اجتماعا مع ثمانية من وزراء الحكومة امس ناقش فرض عقوبات على السلطة الفلسطينية.
وشملت العقوبات المقترحة إلغاء وضع "شخصية مهمة" (v I p) لمسؤولين فلسطينيين، وهو الوضع الذي يساعدهم على المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية، وكذلك زيادة بناء المستوطنات ووقف تحويل عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية.
وردا على سؤال للاذاعة العامة اكد نائب وزير الخارجية الاسرائيلي داني ايالون امسان "اسرائيل تريد درس رد فعلها على هذا التصويت على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي مع اخذ مصالحها في الاعتبار".
وتابع ايالون انتقاده لليونيسكو قائلا "اصبحت (اليونيسكو) منظمة سياسية بضمها دولة غير موجودة بعد تصويت غالبية اعضائها (...) هذه الخطوة الفلسطينية تثبت انهم لا يريدون السلام ولا المفاوضات بل يريدون ان يستمر النزاع".
وقال ايالون ان اسرائيل ستعرب لفرنسا "عن خيبة املها" لتصويتها الذي وصفه بانه "غريب لان فرنسا الدولة الصديقة رضخت للسلطة الفلسطينية بعد ان حاولت اقناعها بعدم القيام بهذه الخطوة في اليونيسكو".
ترحيب عربي وإيراني
في المواقف ايضا، رحَّبت وزارة الخارجية المصرية بتصويت "الأونيسكو" لمنح فلسطين العضوية الكاملة. وأكد وزير الخارجية محمد كامل عمرو، في تصريح امس، أن "تصويت 107 دول من بينها دول أوروبية مهمة، لصالح حصول فلسطين على عضوية الـ(يونيسكو) يعكس حجم تأييد المجتمع الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وعلى رأسها حقه في إقامة دولته الحرة المستقلة ذات السيادة".
وفي تونس قال بيان لوزارة الخارجية: "عبرت تونس عن بالغ الارتياح لقبول فلسطين كعضو كامل العضوية" في اليونيسكو الاثنين "تتويجا للجهود" الفلسطينية المسنودة عربيا ودوليا.
كما رحبت طهران بالحدث. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست في تصريحات نقلتها وكالة الانباء الايرانية الرسمية ان "انضمام فلسطين خطوة رمزية للدعم العالمي لحقوق الشعب الفلسطيني".
وفي عمان عبر مجلس النواب الاردني الثلاثاء عن استهجانه قرار الولايات المتحدة وقف تمويل منظمة "اليونيسكو"، معتبرا قبول عضوية فلسطين الكاملة في المنظمة "خطوة في الاتجاه الصحيح".
كما استغرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، إقدام الولايات المتحدة على تجميد مساهماتها المالية في "الأونيسكو".
كندا "ليست سعيدة"
كندا اعلنت عبر وزير خارجية كندا جون بايرد انها "ليست سعيدة" بانضمام فلسطين الى "اليونيسكو" وقالت إنها سوف تطرح مسألة مشاركتها في هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة.
بان كي مون يدعو لسد العجز
الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون دعا، في غضون ذلك، الدول الأعضاء في "الأونيسكو" الى سد العجز الذى سيخلفه قرار الولايات المتحدة بالامتناع عن تمويل المنظمة بسبب موافقتها على منح فلسطين العضوية الكاملة بها.
المصدر: جريدة المستقبل ووكالات