نتنياهو يتهم أوروبا بالانحياز للفلسطينيين
بعد قرار استثناء الأراضي المحتلة من اتفاقات التعاون مع "إسرائيل"
ذكرت الشرق
الأوسط، لندن، عن نظير مجلي، أن مبادرة الاتحاد الأوروبي التي تستثني الأراضي
المحتلة من اتفاقات التعاون مع إسرائيل، تضع حكومة بنيامين نتنياهو في موقف حرج،
وبات عليها أن تختار بين تكبد خسائر اقتصادية، أو الإقرار بأن المستوطنات ليست
جزءا من أراضيها.
وفي الوقت الذي بدأ
فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سلسلة اتصالات هاتفية محمومة مع
القادة الأوروبيين بغرض تجميد قرارهم، أكدت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن هذا
القرار اتخذ في إطار التنسيق مع الإدارة الأميركية، وهدفه ممارسة الضغط على
إسرائيل حتى تغير موقفها وتجمد الاستيطان لفتح الطريق أمام استئناف المفاوضات. وقالت
هذه المصادر لصحيفة «هآرتس»، أمس، إن الرئيس باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري
اطلعا على القرار الأوروبي قبل صدوره. وإن الغرض الأساسي منه هو دفع نتنياهو إلى
تجميد كل القرارات بخصوص مشاريع الاستيطان.
وكان نتنياهو دعا أول
من أمس وزيري العدل والتجارة إضافة إلى نائب وزير الخارجية لمناقشة هذه التعليمات
الجديدة التي تبناها الاتحاد الأوروبي في يونيو، وقال: «لن نقبل بإملاءات من
الخارج في شأن حدودنا». وبحسب وسائل الإعلام فإنه لو قامت إسرائيل بالتخلي عن
الاتفاقات بسبب هذا البند الذي تعترض عليه فإن الأضرار التي ستلحق باقتصادها ستبلغ
مئات الملايين من الدولارات، خاصة في مجال الأبحاث والتنمية. ورأت وزيرة العدل
تسيبي ليفني المسؤولة عن مفاوضات السلام مع الفلسطينيين أن «الركود السياسي فيما
يتعلق بالملف الفلسطيني خلق فراغا يحاول المجتمع الدولي أن يملأه». وقال مسؤول
كبير في وزارة التعليم الإسرائيلية، أمس، إن تفعيل هذا القرار سيؤدي إلى ضربة
فتاكة للبحوث العلمية في الجامعات الإسرائيلية فعلا؛ لأنها تعتمد على دعم أوروبي
كبير.
وأضاف مسؤول في وزارة
المالية أن الخسارة التي ستلحق بإسرائيل جراء هذا القرار قد تصل إلى مليار يورو في
كل سنة، علما بأن التعليمات للمفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد
الأوروبي، ستكون نافذة المفعول ابتداء من يوم غد وحتى سنة 2020.
وقالت «هآرتس» إنه في
أعقاب القرار الأوروبي يسود مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزارة الخارجية
«توتر شديد وحتى حالة خوف»، وخاصة حيال تبعات القرار على العلاقات بين إسرائيل
والاتحاد الأوروبي. وإن محاولات من جانب نتنياهو ونائبه في وزارة الخارجية، زئيف
إلكين، لمنع صدور هذا القرار الأوروبي باءت بالفشل حتى الآن. لكن مصدرا إسرائيليا
كشف أمس عن أن نتنياهو جدد محاولته، فتحدث أمس هاتفيا مع عدد من القادة الأوروبيين
يطلب تدخلهم لتجميد القرار حاليا والدخول في محادثات مع إسرائيل حوله. وعلم أن من بين
المسؤولين الأوروبيين الذين هاتفهم نتنياهو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل،
ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، ورئيس
الحكومة الإيطالي ماريو مونتي، ومسؤولة ملف الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين
أشتون، وغيرهم. وأكدت هذه المصادر أن هذه المحادثات لم تقتصر على مقاطعة
المستوطنات، بل تطرقت أيضا إلى المفاوضات السلمية وضرورة أن تبادر إسرائيل إلى
خطوات تقنع الفلسطينيين بأن الطرف الآخر جاد في المفاوضات ومعني بإنهائها بإقامة
دولة فلسطينية ذات سيادة.
وأوردت السفير،
بيروت، عن حلمي موسى، أن زعيم «البيت اليهودي» وزير الاقتصاد نفتالي بينت هدد
بتخريب مساعي وزير الخارجية الأميركية جون كيري لإحياء عملية التسوية مع السلطة
الفلسطينية، إذا لم تلغ «العقوبات» الأوروبية.
ويسعى نتنياهو لتأجيل
نشر القرار رسمياً إلى ما بعد إكمال المداولات مع إسرائيل. وأشار مقربون من
نتنياهو، في محاولة لتخفيف أثر القرار، أن نتنياهو في مكالماته مع القادة
الأوروبيين، علم أنهم ليسوا في صورة القرار وموعد سريانه.
ويركز نتنياهو في
اتصالاته مع الأوروبيين على أن القرار الجديد يخرب مساعي كيري لاستئناف المفاوضات
مع الفلسطينيين. وقال بنيامين نتنياهو في مقابلة تنشر الاحد المقبل مع صحيفة
"دي فيلت" الالمانية ان قرار الاتحاد الاوروبي استثناء الاراضي المحتلة
من اتفاقات التعاون مع اسرائيل يثير تساؤلات حول حياده في عملية السلام. وبحسب
مقتطفات نشرتها الصحيفة امس، قال نتنياهو ان هذا الاجراء "محاولة لرسم حدود
اسرائيل بالقوة من خلال الضغط الاقتصادي بدلا من المفاوضات". واضاف "هذا
يقوي الموقف الفلسطيني ويضعف ثقة اسرائيل في حياد اوروبا" في عملية السلام مع
الفلسطينيين.
واعترف مسؤولون
إسرائيليون أنهم لم يفهموا جيداً المعنى الحقيقي لـ«البند الإقليمي» الوارد في
القرار، الذي يعتبر كل ما هو خارج حدود حزيران العام 1967 خارج إسرائيل. وكان
نتنياهو الذي اجتمع مع وزيرة خارجية الاتحاد كاترين أشتون قبل أقل من شهر، أكبر
المتفاجئين من معنى القرار.
واليوم يتبدى أن
واحداً من أشد المخاطر التي يتضمنها القرار هو أن توقف المصارف الأوروبية التعامل
مع المصارف والمتاجر والشركات الإسرائيلية، التي تتعامل مع المستوطنات. وليس صدفة
أن وزير الاقتصاد، الذي كان قد تباهى قبل أيام قليلة بسخافة الحديث عن فرض عزلة
دولية أو مقاطعة على إسرائيل، اضطر للإعلان أن القرار الأوروبي هو «تفجير
اقتصادي».
وفي المداولات
الوزارية، التي أجراها نتنياهو، تبنى كل من بينت ونائب وزير الخارجية زئيف ألكين
خطاً متشدداً، ودعوا إلى الرد بحزم على أوروبا. ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، فقد عرض
الاثنان على نتنياهو توجيه إنذار للاتحاد الأوروبي يقضي بأن سريان مفعول القرار
يعني منع إسرائيل للاتحاد من العمل في الضفة الغربية وحرمانه من المشاركة في عملية
السلام مع الفلسطينيين.
ولكن وزيرة العدل
تسيبي ليفني دعت إلى عدم التطرف وإلى اعتبار أن أفضل سبيل لتحييد الخطوات
الأوروبية هو استئناف العملية السلمية. وقالت «لا تنسوا أننا نحتاج أوروبا في
مسائل أمنية حساسة، وخصوصاً في موضوع النووي الإيراني».
ومن جهته، يفكر
نتنياهو، وفقاً لـ«معاريف»، بفرض قيود شديدة على حرية عمل الاتحاد الاوروبي في
الضفة الغربية. وذكرت الصحيفة أن نتنياهو يعمل على تأجيل سريان القرار وتلطيف
بنوده لاحقاً، ولكن إذا فشلت جهوده فإنه ينظر في التوصيات التي قدمت له. وبين هذه
التوصيات الوقف التام للتعاون مع مشاريع الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية، فضلاً
عن تقييد حركة الديبلوماسيين الأوروبيين المعتمدين لدى السلطة الفلسطينية.
وفي اتصال هاتفي مع
وزير الخارجية الأميركي جون كيري اعتبر نتنياهو أن القرار الأوروبي «يشوش على جهود
استئناف المفاوضات». كما بحث نتنياهو القضية مع رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه
مانويل باروزو، بحسب مصدر إسرائيلي. وفي أول رد فعل على القرار الأوروبي، قرر وزير
الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون تأجيل المداولات في الإدارة المدنية لإقرار بناء 300
وحدة سكنية في مستوطنات خارج الكتل الاستيطانية.
ونشرت القدس
العربي، لندن، عن زهير أندراوس، أن رئيسة المعارضة وزعيمة حزب العمل النائبة
شيلي يحيموفتش قالت ردا على قرار الاتحاد الأوروبي بالقول إن العزلة السياسية
المتزايدة تمس بإسرائيل واقتصادها، وتعتبر بمثابة تهديد استراتيجي لا يقل عن سلاح
محكم موجه باتجاه إسرائيل، داعية نتنياهو للدخول وبشكل فوري في محادثات مع السلطة
الفلسطينية والتوصل إلى حل دائم، على حد قولها.
وفي السياق ذاته،
انتقد وزير المالية الإسرائيلية يائير لابيد، نتنياهو، بشأن موقفه من استئناف
المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، موضحاً أن قراراته تزيد من عزلة إسرائيل يومًا
بعد يوم. وأضاف إن قرار نتنياهو الأخير بالتمسك بعدم وقف بناء المستوطنات هو جزء
من سلسلة طويلة من القرارات، التي ستسبب في عزل إسرائيل عن العالم، لافتًا إلى أن
الوقت لا يمضي لصالحنا وكل يوم لا تستأنف فيه إسرائيل المفاوضات، هو يوم تمس فيه
مكانة إسرائيل الدولية، وعلق لابيد على قرار بناء 1000 وحدة استيطانية جديدة في
الضفة الغربية بالقول إن القرار جاء في وقت خطير، ويسعى إلى تدمير الجهود التي
يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لمحاولة جلب الجانبين إلى طاولة
المفاوضات، على حد قوله ووصف لابيد قرار الاتحاد الأوروبي بأنه قرار خاطئ في زمن
وتوقيت غير مناسبين، ولكنه أضاف أن القرار سيزيد من عزلة الدولة العبرية في
العالم، ومن ناحية أخرى سيُخرب على جهود الوزير كيري لإعادة استئناف المفاوضات.
وأضافت الاخبار،
بيروت، عن علي حيدر، أن رئيس البيت اليهودي نفتالي بينيت ونائب وزير الخارجية
زئيف الكين عن حزب الليكود، حاولوا إجهاض الأهداف السياسية للقرار الأوروبي، عبر
تحذير وجهاه الى رئيس الوزراء من أنه في حال عدم نجاحه في إلغاء العقوبات الجديدة
للاتحاد الاوروبي، سيخربان مساعي كيري لاستئناف العملية السياسية. وأضاف المسؤولان
الإسرائيليان إنهما «حتى اليوم كانا مستعدين للموافقة بصمت على مبادرات حسن نية
محدودة للفلسطينيين، ولكن إذا كانت أوروبا توجّه لنا هذه الضربات بهذه الشدة، ولا
يقلص استئناف المفاوضات الضغوط من جانب الأسرة الدولية، فلا يوجد ما يدعو الى
تنفيذ المبادرات الطيبة».أما وزير الدفاع موشيه يعلون، فرأى أنه «ليس أمراً جديداً
أن دولاً كثيرة في العالم تتعامل مع الضفة الغربية على أنها مناطق محتلة، وتعمل
بما يتناسب مع ذلك»، مؤكداً في الوقت نفسه أن لإسرائيل سياستها، «وسنواصل العمل
وفقاً لها ووفق مصالحنا».
في المقابل، أعرب
رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت عن دهشته من رد الحكومة الإسرائيلية على قرار
الاتحاد الأوروبي حظر التعاون مع مؤسسات تقع خارج الخط الأخضر، معتبراً أن هذه
الخطوة كانت متوقعة وجاءت بسبب نفاد صبر الاتحاد الأوروبي من الجمود السياسي.