الأطفال الفلسطينيون النازحون لـ "القدس للأنباء" : نزاول أعمالاً
شاقة لمساعدة عائلاتنا !!
الأربعاء، 30 كانون الأول، 2015
فجأة وجد الأطفال الفلسطينيون النازحون من سوريا أنفسهم أمام قدر قاس
لا يرحم، فقد اضطروا إلى ترك مدارسهم، ومزاولة أعمال شاقة كالعتالة وورش البناء والميكانيك
وقطف الثمار في البساتين وغيرها، ما عرضهم لأخطار شتى، لمساعدة عائلاتهم في مواجهة
أعباء الحياة، وقد تحدثوا لـ "وكالة القدس للأنباء" ومعاناة التعب والإرهاق
بادية على وجوههم البريئة، مؤكدين أن الخيارات الصعبة تأتي نتيجة الظروف الصعبة، فهي
أمامنا محدودة.
وكما لسان الأطفال كان لسان ذويهم، فالجميع يشعر بالقهر لأن أولادهم تعرَضوا
لمثل هذه الظروف الانسانية المريرة.
وأكد عضو لجنة متابعة النازحين الفلسطينيين من سوريا، أمجد بدوي لـ
"وكالة القدس للأنباء"، أن" المشكلة الكارثية لدى النازحين هو عدم استطاعتهم
تسجيل أولادهم في المدارس والجامعات، وحتى المولود الجديد لا يستطيع أهله تسجيله لأنهم
بحاجة لإخراج قيد نفوس جديد، وحتى يحصلوا عليه، يتوجب عليهم الذهاب إلى سوريا، وللأسف
هم لا يستطيعون الخروج من المخيم لعدم قدرتهم تجديد الإقامة، فمنذ 3 أشهر وأوراقهم
عالقة في الأمن العام حتى الآن".
وقال النازح الفلسطيني من مخيم اليرموك، عبد الناصر سعد:" أنا ومعظم
أفراد أسرتي مصابين بمرض القلب ونحتاج إلى أجهزة وأدوية طبية للقلب لكي نبقى على قيد
الحياة، فزوجتي بحاجة إلى قنينة أوكسجين لكي تستطيع العيش داخل المخيم وما حصل مع ولدي
الأكبر كان شيئاً مؤلماً حيث تأخر عن المنزل ذات يوم، وعندما عاد إلى المنزل وسألته
عن سبب التأخير، أجاب رفيقه أنه كان يبحث في المستشفيات ليضع رقمه لكي يبيع كليته لتأمين
مصاريف أخيه العلاجية والتي تكلف 34000 دولار، والمحزن والمخزي في الموضوع حين ساءت
حالة ولدي الصحية، حبست 9 أيام لدى الدولة اللبنانية وأنا في طريقي إلى إحدى المستشفيات
بسبب عدم تجديدي للإقامة.
أعمال شاقة ونتائج كارثية
وقال النازح الفلسطيني من مخيم اليرموك، ياسر منزلاوي :" اضطررت
لإخراج ولدي من المدرسة لكي يعمل في إعانتي ولكن معاناتي استمرت لأنه قطع أصبعه أثناء
عمله ما زاد الطين بلة".
وتابع: " أطفالنا يعانون من حالات نفسية مأساوية لدرجة أنهم يتمنون
الموت للظروف الصعبة التي يمرون بها، حيث انمحت صورة الطفولة التي رسموها في مخيلتهم
وظهرت مكانها صورة البؤس والحرمان، فلا يوجد من يساندهم في محنتهم ولا من يسأل عنهم،
فمن يعوضني عن خسارة أصبع ولدي ومدرسته، داعياً السفارة الفلسطينية بأن تنظر لحالة
ولدي وتعالجه".
واعتبر النازح الفلسطيني من مخيم النيرب، ربحي أحمد سخنيني، أن
" حالة أولادي تزداد سوءً في ظل توقفي عن العمل وتوقف مساعدات الأونروا، للأسف
أنا عاطل عن العمل وولدي الصغير ليس في مكانه الطبيعي، فقد تخلف عن الذهاب إلى المدرسة
بسبب عدم قدرتي على تأمين حاجاته المدرسية، وهو الآن يعمل في العتالة لساعات طويلة لقاء أجر قليل، لتخفيف
العبء عن كاهلي، فدعم الأونروا 100 دولار كبدل إيواء لا يكفي في سد احتياجات أسرتي
المكونة من عشرة أفراد، فهم بحاجة إلى أكل وشرب ومدارس ورعاية طبية ، فنحن نقطع اللقمة
عن فمنا لكي يذهب أطفالنا إلى المدرسة".
وأكد أمين سر لجنة متابعة المهجرين الفلسطينيين القادمين من سوريا ومخيماتها
في منطقة صيدا، ياسر غوطاني، أن" الأطفال يعانون كل المعاناة بسبب التقصير التربوي
واكتظاظ التلاميذ في مدارس الأونروا حيث يبلغ
عدد التلاميذ داخل الصف الواحد ناهز الخمسين طالباً، ما أدى إلى تدني المستوى التعليمي
لدى الطلاب ناهيك عن اختلاف المناهج والبرامج التعليمية عن تلك المتبعة في سوريا ما
جعل الطالب يواجه صعوبة في فهم الدروس وتحليلها، وغالباً ما يعاني الأطفال من الزكام
والرشح، والحساسية نظراً للظروف الحياتية الصعبة، ولا يوجد تغطية استشفائية لهم".
وقال: "هناك طلاب معاهد وجامعات لم يستكملوا تعليمهم منذ 3 سنوات
وآخرين تعذر عليهم استخراج وثائق ثبوتية لكي يتابعوا دراستهم".
وأكد أن " هناك حالات استغلال للأطفال مثل إجبارهم على العمل لساعات
طويلة لقاء أجر قليل وهم مضطرين على القبول لمساعدة ذويهم في دفع نفقات الإيجار والغذاء
ما اضطرهم للخروج من مقاعد الدراسة لعدم قدرتهم على التنسيق بين العمل ومتابعة الدراسة".
ورأت النازحة أم محمد عبد القادر، أنه " لا يوجد من يتكفل بالأطفال
لا صحياً ولا حتى من ناحية الملابس ولا الأدوية".
وأضافت:" يلجأ بعض الأطفال إلى العتالة، والأعمال الحرة كالعمل في
فرن أو محل ميكانيك، كي يؤمن مصروف أسرته أو لنفسه على الأقل. وهذه الأعمال خطرة على
أبنائنا نظراً لصغر سنهم وعدم قدرتهم على تحمل ظروف ذلك العمل، بالإضافة إلى الإختلاف
في مناهج التعليمية حي يعتبرها الطالب النازح جديدة عليه ولا تتلاءم مع مناهج التعليم
التي كان يدرسها".
الأطفال وسوق العمل التعسفي
وأوضح النازح من مخيم اليرموك، عاهد الشافعي، أن " الأطفال يعانون
غالباً من مشاكل ضعف النظر والرشح، ويزاولون أعمالاً عدة لتأمين المادة والمال ليؤمنوا
لقمة العيش اليومية، وإن القليل من الجمعيات تساند وترعى الأطفال حيث يتم تسجيلهم بالروضات
مجاناً، وتأمين ألبسة شتوية وكتب وحقائب، وأيام ترفيهية ومساعدة أحياناً للبعض منهم
بتغطية مالية، وقد انخرط بعض الأطفال بسوق العمل بأعداد قليلة بسب حالة الأستغلال التي
يتعرض لها الطفل في العمل ولندرة توفر فرص عمل لهم، وهذه الظاهرة سلبية بالمجتمع، كون
دخول الطفل مجال العمل ممنوع ويتوجب على أهله دفع غرامة مالية عند كاتب العدل مبلغاً
قدره 40 ألف ليرة، وفيه تعهد بعدم التكرار، ما ولد حالة من الإستياء لدى الأطفال لخطورته
وتأثيره عليهم بشكل سلبي".
ورأى النازح من مخيم اليرموك، أبو وليد مرزوق، أن" التغطية الإستشفائية
للأطفال تقدم كاملة دون مواجهة أي صعوبات في مؤسسات الأونروا، كما أن هناك احتضان لكافة
الأطفال من كل المؤسسات، فهي تقدم المساعدات اللازمة لجميع الأطفال كمؤسسة "نبع
الصمود" والتي تقوم بتقديم المساعدات بشرط أن يكون هؤلاء الأطفال مسجلين لديها
أو في روضتها، أما من الناحية التربوية للأطفال فلا يوجد أي مشكلة لديهم فهم يتلقون
التعليم في مدارس الأونروا في جميع المراحل".
ولفت مرزوق أن" هناك نسبة من الأطفال الذين لا زالوا في نعومة أظافرهم
وتحت السن، وقد فرض عليهم الواقع المرير الإنخراط في العمل بهدف إعانة ذويهم وعائلاتهم،
وعملوا في مجال قطاف الحمضيات وفي أعمال البناء ولكن بأجور متدنية لإستغلالهم من قبل
صاحب العمل الذي يعلم بحالتهم ومعاناتهم".
وقال النازح الفلسطيني إلى مخيم نهر البارد، أبو المجد:" أولادي
في المدارس ومعهد الأونروا في المخيم، ولكن هذا الجيل قد تحطمت نفسيته ولم يعد له همة
على متابعة تعليمه مثل السابق، وبخصوص موضوع الإستشفاء لا أحد يساعد في العماليات الجراحية
ولا يوجد تحويل للمستشفيات خارج المخيم ولا يوجد أدوية سوى المسكنات".
وأكد عضو الجنة النازحين الفلسطينيين من سوريا، أيو إيهاب حسن أن"
الطفل الفلسطيني النازح من سوريا يتلقى التعليم في مدارس الأونروا، وهناك دورات مهنية
مكثفة تقوم بها المؤسسات التي تعنى بشؤون الأطفال النازحين المتسربين من المدارس، بالإضافة
إلى بعض الأنشطة والمساعدات التي تقدمها المؤسسات التي ترعى الأطفال في المخيم، والعلاج
الصحي في عيادة الأونروا ومستوصفات المخيم".