النازحون
الفلسطينيّــون من سوريـــا إنتهــاك فاضـح ومعاناة مضاعفـة
لا
يتطلّب من الإنسان كثير من البحث والتدقيق أو الحاجة إلى أبحاث واستطلاعات رأي
ليصل إلى إستنتاج أن النازحين الفلسطينيّين من سوريا إلى لبنان هم الفئة
الإجتماعيّة الأكثر معاناة وانتهاك لحقوقها من بين سائر المجموعات والفئات
الإجتماعية سواء على مستوى المواطنين أو المقيمين، ولعلّ القرار الفجّ الأخير الذي
أصدرته السلطات اللبنانيّة بمنع دخولهم إلى البلد دون سائر النازحين واللاجئين وإن
صوّر لاحقاً أن قرار المنع يشمل سائر النازحين، إلا أن الوقائع الميدانيّة تضحد
هذه الفكرة وتؤكّد أن قرار المنع يختصر وبشكل مبالغ فيه فقط على الفلسطينيّين ولا
يسمح بأي تجاوز له حتى وإن كان لأسباب إنسانيّة بحتة واضحة والأمثلة في هذا السياق
أكثر من أن تعدّ وتحصى.
إن
هذا القرار هو المثال الصّارخ والأكثر سطوعاً وبرهاناً على حجم الإنتهاك والمعاناة
التي يعانيها النازحون الفلسطينيّون والتي لا يمكن أن تبرّر تحت أي حجّة أمنيّة،
فالمراجعة الشاملة للتقارير الأمنيّة الرسميّة تؤكّد حتى هذه اللحظة، خلوها من أي
إتهام لأي من النازحين الفلسطينيّين سواء بارتكابات أمنيّة أو إرهابيّة أو حتى
جرائم جنائيّة عاديّة.
أمّا
الحجّة الثانية والتي تنطلق من قدرات وإمكانات السلطات اللبنانيّة بتأمين
الإحتياجات الإجتماعيّة والتربويّة والصحيّة فهي أكثر من واهية، إذ ما عرفنا أن
حجم النّازحين الفلسطينيّين لا يتجاوز أكثر من (1,5) من المجموع العامّ لسائر
النّازحين من سوريا، وأن أساس إقامتهم (80%) هي داخل المخيّمات والتجمّعات
الفلسطينيّة المحرومة أصلاً من معظم (حتى لا نبالغ ونقول كل) الخدمات الإجتماعيّة
والإقتصاديّة للدولة المضيفة، لذلك فإنّه من المنطقي التفكير والتأشير على القرار
من زاوية الإستهداف وفقط الإستهداف الفلسطيني.
النازحون
الفلسطينيّون من سوريا لم يأتوا إلى البلد إلاّ في فترات متأخّرة نسبيّاً، أي بعد
مرور سنة وثمانية أشهر على بدء الأحداث في سوريا، وكان مخيّم اليرموك الهادىء
نسبيّاً خلال هذه الفترة ملاذاً آمناً للفلسطينيّين في سوريا ولا سيّما المخيّمات
التي كانت تعيش وضعاً أمنيّاً متفجّراً (درعا- حمص) وهو ما يؤكّد أن الفلسطينيّين
لم يفكّروا أساساً باللجوء إلى لبنان أو أي من الدول المحيطة الأخرى (الأردن-
تركيّا اللتان منعتا علناً دخول الفلسطينيّين إليها) إلاّ تحت الضغط الأمني الخطير
فقط، ومنذ بداية النزوح الفلسطيني (كانون أول 2012).
تعاطت
السلطات اللبنانيّة وأجهزتها المختلفة بتجاهل كامل لمطالبهم الإغاثيّة معلّلة
الأمر بمسؤوليّة الأنروا والتي كانت خلال الأشهر الستّة الأولى من النزوح
الفلسطيني (أيّار 2013) وكانت محرومة من إنقطاع كامل من الموارد الإضافيّة تحت
شعار أن المانحين الدوليّين يقدّمون الأموال للدولة المضيفة وبذلك حُرم
الفلسطينيّون من موارد المانحين على مدار ستّة أشهر تحت عنوان الضياع في تحديد
المسؤوليّة.
كما
أن النّازحين الفلسطينيّين وأشقّائهم السوريّين تعرّضوا للإبتزاز من قبل الجمعيّات
الأهليّة ومؤسّسات المجتمع المدني التي رفعت شعار الإستخدام والتسييس ولا سيّما تلك
المتعاطفة مع المعارضة التي أغرقت في البداية ثم تمنّعت عن مواصلة تقديم
المساعدات.
النازحون
الفلسطينيّون من سوريا طالما يتنفّسون الصعداء مع كلّ خبر إعلامي يتحدّث عن إتّفاق
جدّي لتحييد مخيّم اليرموك وإيقاف إطلاق النّار لأنهم يتوقون للعودة إلى بلد طالما
احترم خصوصيّتهم الوطنيّة وتعامل بمساواة تامّة وعدالة مع حقوقهم المدنيّة
والإنسانيّة.
النازحون
الفلسطينيّون لا يطالبون اليوم ولفترة نأمل أن تكون قصيرة إلا بمعاملتهم قانونيّاً
كأشقّائهم السوريّين.
المصدر:
فريـق ناشـط التطـوّعي (حقـوق)