بطاقة
آفاد.. هل تنهي أحلام السوريين والفلسطينيين بالهجرة إلى أوروبا؟
تشير
الإحصائيات الرسمية إلى وجود نحو مليوني لاجئ سوري في تركيا اضطروا لمغادرة بلادهم
على خلفية النزاع الدائر منذ أكثر من ثلاث سنوات، فيما تذهب بعض الإحصائيات غير
الرسمية إلى أن العدد أكبر من ذلك بكثير، نظراً لوجود أعداد ضخمة من السوريين لا
يمتلكون جوازات سفر لسبب أو لآخر دخلوا البلاد دون تسجيل بياناتهم، بالإضافة إلى
الشريحة الكبيرة من الفلسطينيين السوريين الذين يحملون وثائق سفر لا تعترف بها
السلطات التركية ولا تمنحها تأشيرة دخول، الأمر الذي حتّم عليهم البحث عن خيارات
بديلة مثل التهريب للدخول إلى تركيا، البلد الوحيد المتاح في ظل رفض كل الدول
العربية القريبة والبعيدة منح تأشيرات دخول لهم.
وتسعى
الحكومة التركية مؤخراً، عبر إقرار قانون الهجرة في البرلمان التركي، إلى ترتيب
ملف اللاجئين لديها بغية تحقيق مكاسب على الصعيدين الخارجي والداخلي، خارجياً تسعى
الحكومة إلى إتمام الاتفاق "التاريخي" مع الاتحاد الأوروبي الذي يعفي
المواطنين الأتراك من الحصول على تأشيرة زيارة لدول الاتحاد الأوروبي، وذلك مقابل
التزام تركيا باستقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين عبروا أراضيها نحو الاتحاد
الأوروبي، أما داخلياً فترغب الحكومة بضبط ملف اللاجئين وإنهاء حالة الترهل
الحاصلة جراء التدفق الهائل وعمليات الهجرة غير الشرعية، وذلك عبر تنظيم إحصاء
شامل لكافة اللاجئين المتواجدين على أراضيها، وتسجيلهم رسمياً لبسط السيطرة وضبط
الملف بكليته خصوصاً بعد ورود معلومات شبه رسمية عن زيادة في معدل الجريمة بين
السوريين بنسبة 40% عن العام الماضي، وكذلك لتأمين انخراطهم في البرامج الخدمية
الحكومية كالتعليم والطبابة.
وفي
هذا السياق، قررت الحكومة التركية على لسان وزير العمل فاروق جيلك، إصدار البطاقة
التعريفية للاجئين (Yabanci
Tanitma Belgesi)،
أو ما يعرف ببطاقة (آفاد) الصادرة عن منظمة إدارة الكوارث والحروب في تركيا، بحيث
تكون أمراً إلزامياً لكافة اللاجئين الذين لا يحملون أي إقامة سارية المفعول في
البلاد.
تؤكد
الحكومة التركية أن حاملي البطاقة التعريفية سيستفيدون من الخدمات الحكومية
الأساسية، كالطبابة والاستشفاء في المشافي الرسمية، والالتحاق بالمدارس والخدمات
التعليمية، كما تمنح البطاقة لحاملها إذن رسمي بمزاولة العمل، وبذلك سيتمتع اللاجئون
بحق العمل بصفة قانونية وبحد أدنى من الأجر محدد وفق القانون التركي لتجنب
الابتزاز الذي يمكن أن يتعرضوا له أو استغلال الحاجة والعمل بأجور منخفضة.
جدير
بالذكر أن فكرة البطاقة التعريفية ليست جديدة تماماً، فقد دأبت الحكومة على
استصدارها للاجئين الواصلين عبر خط التهريب منذ وقت مبكر، وكانت مخصصة للتداول ضمن
محافظات معينة فقط وهي البطاقة التي تحمل الرمز (98)، بينما تحمل البطاقة الجديدة
الرمز (99) وهي بطاقة موحدة في كافة المحافظات التركية، ويمكن الحصول عليها من
أقرب فرع للأمنيات أو الهجرة في أي مدينة عبر إجراءات بسيطة لا تستغرق أكثر من نصف
ساعة.
ولكن
هل يمكن الجزم بأن حامل البطاقة محروم تماماً من اللجوء في أوروبا؟ لابد من القول
أن هناك العديد من التفاصيل في هذا الملف غير مكتملة بعد، ولكن وفقاً لما تم نشره
بهذا الخصوص، وبحسب تصريحات بعض المسؤولين الأتراك في مقابلات منشورة، فإن البطاقة
التعريفية تعتبر بمثابة تقديم لجوء في تركيا، وخضوع كامل لحماية الدولة التركية،
واستصدارها يستدعي تسليم البصمات (البيانات البيومترية) للحكومة التي ستشاركها
بدورها مع بنك المعلومات الأوروبي، وهذا يثبت اعتبار حامل البطاقة لاجئاً في تركياً
وفق النظام الأوروبي، وفي حال هاجر إلى أوروبا فإنه سيتم إعادته بعد ثلاث سنوات
بحسب الصيغة المنشورة للاتفاق التركي ــ الأوروبي.
إن
الإجابة الشافية على هذا السؤال مرتبطة بتطورات المفاوضات بين تركيا والاتحاد
الأوروبي، هذه النتائج ستحدد حجم الاعتراف وجدية التعامل مع "البصمة
التركية" على مستوى دول الاتحاد التي من الممكن أن تتخذ مواقف متباينة بهذا
الخصوص، وقد صرحت مصلحة الهجرة السويدية في شهر أكتوبر 2014م أن هذا الاتفاق
"لن يؤثر على اللاجئين الذين يحتاجون إلى حماية حقيقية" من دون أن توضح
تماماً فيما اذا كان ذلك يعني الإعادة من عدمها، بينما نقلت مصادر أخرى عن ذات
الجهة تأكيدها أنها لن تعيد أي لاجئ إلى تركيا.
المصدر:
مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية