تقرير حول الشهداء الفلسطينيون في الثورة السورية
منذ أن تداخلت الهوية الفلسطينية بالهوية السورية لدى الشباب الفلسطيني في سورية، لم يعد من الممكن الحديث عن وجود ذات فلسطينية غريبة ومغتربة داخل المجتمع السوري. فقد ترابط النسيج الاجتماعي بين الشعبين لدرجة بات الحديث عن فلسطيني/ سوري وكأننا نقول سوري/ فلسطيني.
لم تكن القوانين التشريعية هي المتغير الوحيد في موضوع الاندماج الفلسطيني السوري على المستوى الاجتماعي والنفسي، بل ساهم في الموضوع متغيرات أخرى لعل أهمها ذلك التواشج بين شعبين قدما للشعوب العربية قضايا شكلت هوية الذات العربية المعاصرة. ولهذا لم يكن مستغربا تواجد الشباب السوري في رحم الثورة الفلسطينية ووجود قائمة من الشهداء الذين ضحوا من أجل فلسطين الحلم والقضية. ولذات السبب أيضاً لم يكن من المستغرب تبني الذات الفلسطينية لقيم ثورة الكرامة السورية منذ انطلاقتها في 15 آذار 2011.
ومنذ الأيام الأولى استشرف الوعي الفلسطيني أهمية الثورة السورية على نظام عانى هو والمواطن السوري من عمليات القمع الممنهج وغياب الحريات والديكتاتورية بأبشع صورها والفساد الذي انتقل إلى بنية المواطن السوري والفلسطيني على حد سواء.
مع بدء الثورة السورية صبغت الأرض بدم شاب من أوائل شهداء الثورة في سورية في مدينة درعا، فأعلن الشاب الفلسطيني (وسام الغول) عن وجود المكوّن الفلسطيني في رحم الثورة واختلاط الدم الفلسطيني بالسوري حين استشهد برصاص الجيش لحظة محاولته المساعدة في سحب الجرحى من شوارع المدينة.
وبعد أن تبلورت الثورة السورية كثورة للكرامة والحرية وجد الحلم الفلسطيني فيها ضالته، فبعد الربيع العربي الذي تفتحت أوراقه في تونس ومصر وجد الفلسطيني نفسه أمام معادلة صعبة وشائكة في سورية، التي لا تزال ثورتها تصر على الكرامة والحرية كمطلب متجدد في ظل بطش النظام وأجهزته.
لا غالي ولا نفيس أمام نظام أعلن فلسفة البقاء أو التدمير والإحراق. وعلى هذا فلا مشكلة في قنص وقصف وتعذيب واعتقال الفلسطيني الفرد أو الفلسطينيين كمجموعة إن هم حاولوا اتخاذ موقف منحاز إلى الحراك الثوري تحديداً، على اعتبار أن الانحياز إلى النظام يترك الفلسطيني في هامش كبير من الأمان.
ولأنهم ليسوا ضيوف ولن يكونوا اندمج الفلسطينيون في الثورة السورية بأشكال متعددة ومتباينة، محاولين التغلب على قمع بعض القوى الفلسطينية الموالية للنظام (تنظيم الجبهة الشعبية/ القيادة العامة) وعيونه من الفلسطينيين والجيش والأمن وميليشيات الشبيحة السورية التي عاثت فسادا وسرقة ونهبا ومجازر بطرق بشعة بحق السوريين والفلسطينيين.
هكذا قدم فلسطينيو سورية حتى اليوم (434) شهيداً كانت نسبتهم الأكبر في مخيمي اليرموك وفلسطين الذين يدفعون ثمن الانحياز نحو الحراك الثوري ونحو احتضان النازحين السوريين الذي شردتهم آلة القمع والاقتحامات والمداهمات في المناطق المحيطة بالمخيمين وهي حي التضامن وحي الحجر الأسود ويلدا والقدم. وهو الثمن الذي دفعه ولا يزال مخيم العائدين في مدينة حمص وكذلك مخيم درعا ومخيم العائدين في حماه.
تلوّن الربيع السوري بدماء فلسطينية يرى كثير من الفلسطينيين أنها لم تذهب سدى لأنها إن لم تعبد طريق الحلم الفلسطيني فإنها حتما ساهمت كزمرة دم في زرع شجرة الحرية في سورية الجديدة.
إدارة المرصد الفلسطيني لحقوق الإنسان / سوريا
مدير المرصد :: د. عمار مقدسي