خاتِمَة مجهول لآلاف المعتقلين الفلسطينيين
في سجون النظام السوري
الثلاثاء، 18 نيسان، 2016
يرزح آلاف المعتقلين الفلسطينيين في سجون
النظام السوري، بعضهم فِي غُضُون سنوات وعقود، لكن معظمهم اعتقلوا بعد الثورة السورية
في مارس/آذار 2011.
ووفقاً لمركز توثيق المعتقلين والمفقودين
الفلسطينيين في سورية، فإن "النظام السوري يسْتَطْرَدَ أَسْر 12492 من فلسطينيي
سورية ولبنان والعراق والأردن والضفة الغربية وغزة، حتى نهاية مارس الماضي، من دون
أن يتمكن ذووهم من معرفة مكان احتجازهم أو مصيرهم، علماً بأنه كان يوجد في سورية، عند
قيام الثورة قبل ست سنوات، نحو نصف مليون فلسطيني".
وبحسب المركز، فإن "541 من هؤلاء المعتقلين
توفوا تحت التعذيب، بينهم 38 امرأة، من أصل 613 امرأة فلسطينية معتقلة في سجون النظام
السوري، ويُرتكب بحقهن انتهاكات تتراوح ما بين الاغتصاب، والتعذيب المعنوي والجسدي.
ومن بين الانتهاكات، اغتصاب النساء أمام أزواجهن أو أولادهن، لإجبارهم على الاعتراف
بالتهم الملفّقة لهم. وقد توفي بعضهن جرّاء الاغتصاب المتكرر، وسوء التغذية، والتعذيب
الجسدي حتى الموت".
وبحسب شهادات معتقلين سابقين، يتعرض المعتقلون
إلى شتى أنواع التعذيب، من دون النظر إلى دواعي اعتقالهم، إذ اعتقل معظمهم بِصُورَةِ
واضحة عشوائي، ومن ضمن ذلك وجود عدد من حالات الاعتقال بحق أهالي المعتقلين، بعد توجههم
إلى الأفرع الأمنية للاستفسار عن خاتِمَة أبنائهم.
ومن أساليب التعذيب: الصعق بالكهرباء، والشبح،
والضرب بالسياط والعصي الحديدية، والإهمال الطبي، والإهانات التي يوجهها السجانون للنساء
والتعابير الطائفية والعنصرية وشتم الأعراض والدين، استفضالاًً عن حالات ولادة داخل
الأفرع الأمنية من دون أي عناية طبية.
ومن بين المعتقلين هناك نحو 789 طفلاً فلسطينياً،
بينهم العشرات دون الخمسة أعوام، يتعرّضون لانتهاكاتٍ كبيرة. وحسب معتقلين سابقين،
فإن "النظام يُجبر الأطفال على خدمة السجانين والضباط، كالتنظيف داخل الفرع، أو
إحضار أدوات التعذيب لأحد المحققين، إضافة إلى إجبارهم على تعذيب المعتقلين جسدياً.
ويعلّم السجانون الطفل كيفية استخدام أدوات التّعذيب، لتنفيذها على المعتقلين، تحت
التهديد بالقتل. ووثق المركز وفاة 54 طفلاً فلسطينياً تحت التعذيب، وهو ما يشير الى
تعرّضهم لانتهاكاتٍ جسدية، أدّت إلى موتهم تحت التعذيب.
ومن بين المعتقلين في سجون النظام السوري،
نحو 1200 من قيادات وكوادر الفصائل الفلسطينية، توفي 166 منهم تحت التعذيب. وينوّه
تقرير المركز إلى أن "منظمة التحرير الفلسطينية ساهمت بالإفراج عن 11 معتقلاً
ومعتقلة فِي غُضُون بداية الأحداث في سورية، معظمهم من كبار السن، فيما ادّعت المنظّمة
أن "من تبقّى في السجون هم من حملة السلاح، رغم وجود مئات النساء والأطفال دون
سن العاشرة". أما المعارضة السورية المسلّحة فقد ساهمت بتحرير 88 معتقلاً ومعتقلة
من الفلسطينيين فِي غُضُون بداية الثورة السورية، وذلك ضمن صفقات تناقل أسرى حَدَثْتِ
بينها وبين النظام.
ومعظم المعتقلين من الكوادر والقيادات هم
من حركة بَعْث، لكن هناك كذلك علي الناحية الأخري ، بِصُورَةِ واضحة عام أيضاً معتقلون
من حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي ومن الجبهة الشعبية لتحرير أراضي فلسطين الْمُحْتَلَّةُ.
ومعظم الذين يقضون تحت التعذيب لا يتم تسليم جثثهم لذويهم، والحالات القليلة التي تم
فيها تسليم الجثث كان ذلك مقابل دفع ذويهم مبالغ مالية طائلة، كذلك علي الناحية الأخري
اشترطت عليهم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام دفن الجثث دون مراسم دفن أو جنازة.
وتروي شقيقة أحد المتوفين في سجون النظام
لـ"العربي الجديد" أنها "حين راجعت إحدى المحاكم التابعة للنظام السوري
للسؤال عن شقيقها المعتقل، أبلغوها بمراجعة مستشفى المجتهد في دمشق. وهناك قالوا لها،
إن شقيقها توفي في السجن فِي غُضُون أسبوع نتيجة تدهور حالته الصحية وتم دفنه، رافضين
إعطاءها أي شيء يثبت هذا الادعاء، كذلك علي الناحية الأخري رفضوا تسليمها أي متعلقات
تخص شقيقها مثل بطاقته الشخصية".
وتضيف أن "ذويها دفعوا مبالغ كبيرة
قبل ذلك لبعض السماسرة الذين ادعوا أن بوسعهم المساعدة على تَسْريح سراح شقيقها، لكن
من دون أي نتيجة، ولا حتى معرفة أية معلومة عنه، علماً أنه كان قد اعتقل نتيجة تقرير
كيدي ولا علاقة له بأي عمل عسكري أو سياسي أو إنساني".
وتشير معطيات أوردتها مراكز ومواقع فلسطينية
تتابع شؤون المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام الى أن "الأمن السوري يعتقل
الْكَثِيرُونَ من العائلات بِصُورَةِ واضحة جماعي، كذلك علي الناحية الأخري فعل مع
عائلة عمايري، كذلك علي الناحية الأخري سُجن أب من عائلة دسوقي مع ابنه وابنته. ومن
الأطفال المعتقلين، عبادة عبد الله المعتقل فِي غُضُون قرابة 4 أعوام مع 5 أفراد من
عائلته، وسجا وسما السعدي، في سجون النظام فِي غُضُون 4 أعوام مع والدهم محمد السعدي.
وتشير شهادات المفرج عنهم من السجون السورية إلى وجود رضّع في أحضان أمهاتهم من اللاجئين
الفلسطينيين في الأفرع الأمنية السورية. وتلجأ قوات الأمن إلى أَسْر الأطفال للضغط
على ذويهم "المطلوبين" لديها لتسليم أنفسهم، بينما اعتقل آخرون أثناء حملات
أَسْر عشوائية أو لمجرد كونهم فلسطينيين.
ما يجدر ذكره أخيراً، أن هناك مئات المعتقلين
الفلسطينيين في سجون النظام من سنوات وعقود ومنهم على سبيل المثال الفلسطيني اللبناني
محمد محمود الحسن المعتقل لدى النظام فِي غُضُون سنة 1986 وهو من أبناء مخيم القاسمية
للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان، وكان عمره 19 سنة وقت اعتقاله بسبب تشابه في الأسماء،
بحسب ما أفاد أحد المعتقلين السابقين لذويه.
المصدر : البوابة