الإثنين،
11 تشرين الأول، 2021
منذ صدور القرار الرئاسي في 9 أيلول/سبتمبرالفائت،
بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مخيم اليرموك في سوريا، دون قيد أو شرط، وأكثر العائلات
التي كانت تقطن المخيم تعزف عن العودة لأسباب متعددة.
ولم تفلح ورش الترميم، وحملات إزالة الأنقاض
والأتربة المتراكمة، المستمرة منذ أربعة أيام، والتي يتداول نشطاء من اللاجئين أخبارها
عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بإقناع عشرات الآلاف من المهجرين إلى مخيمات الشمال السوري،
بالرجوع مجددًا إلى مخيمهم.
العودة "حلم بعيد المنال"
ويقول اللاجئ الفلسطيني في مخيم دير بلوط
بريف عفرين شمال سوريا، أبو زيد، إنه يحدق وزوجته في الصور والفيديوهات التي ينشرها
الناس على مواقع التواصل الاجتماعي لمظاهر العودة إلى مخيم اليرموك، ولكن ذلك لم يدفعه
إلى التفكير بالعودة، التي باتت حلمًا بعيد المنال.
ويضيف لـ"قدس برس": "تذكّرنا
هذه المنشورات التي نراها، بمن كان يسكن في هذا البناء أو تلك الحارة، ونحاول من خلال
الصور أن نقيّم الأضرار التي لحقت في المباني، متسائلين إنْ كان أصحاب هذه المنازل
والمحلات قد عادوا إليها أم لا، بعد كل هذا الدمار!".
واستبعد الناشط السياسي الفلسطيني، أمين
أبو هاشم، أن يعود مخيم اليرموك إلى سابق عهده، مؤكداً أن عودة الأهالي إلى المخيم
غير ممكنة من الناحية العملية لعدة أسباب.
وقال لـ"قدس برس": "أول
هذه الأسباب؛ أن أكثر من 120 ألف فلسطيني من أهالي المخيم هاجروا إلى أوروبا عبر طرق
التهريب، وهؤلاء يستحيل أن يفكروا في العودة بعد المصاعب والمخاطر التي مروا بها في
سبيل حياة كريمة بالخارج، بالمقارنة مع الأوضاع المأساوية في مخيم اليرموك".
وأوضح أن السبب الثاني هو عمليات النهب
والسرقة التي تعرض لها المخيم على مدار أكثر من سنتين ونصف "بشكل ممنهج"
فيما بات يعرف بـ"التعفيش" مما أدى إلى "شعور أصحاب العقارات بالإحباط
وعدم رغبتهم بالعودة، حيث عرضوا ممتلكاتهم للبيع بأسعار زهيدة".
أما السبب الثالث، وفق "أبو هاشم"؛
فهو العائق الأمني الذي لا يزال قائمًا، حيث أن معظم الفلسطينيين المهجرين إلى الشمال
مطلوبون أمنيًا، وبالتالي فإن كثيرون منهم يحجمون عن العودة خشية تعرضهم للاعتقال.
وأكد أبو هاشم أن "عدد العائدين لمخيم
اليرموك حتى الآن لم يتجاوز 750 عائلة، من أصل نحو 240 ألف شخص كانوا يقيمون في المخيم،
مشيرًا إلى أن هذه العائلات ينتمي أبناؤها في الغالب لـ"القيادة العامة"
و"فتح الانتفاضة" و"الصاعقة" و"فتح عرفات" ويحصل هؤلاء
على تسهيلات أكثر من غيرهم، بالإضافة إلى بضع عائلات فقيرة معدومة، مستعدة للسكن في
المنازل المدمرة.
الظروف غير مهيأة للعودة
من جهته؛ رأى الناشط الفلسطيني ثائر أبو
شرخ أن العودة إلى مخيم اليرموك هو "حلم كل فلسطيني؛ لأن المخيم هو الوطن الصغير
بالنسبة لهم".
واستدرك أبو شرح في حديثه لـ"قدس برس"
بالقول إن "الظروف لا زالت غير مهيأة لعودة الفلسطينيين المهجرين إلى الشمال السوري"،
مشيرًا إلى أن "هذه العودة ترتبط بشكل أساسي في تحقيق تسوية عادلة للأزمة السورية؛
تضمن عودة جميع المهجرين إلى ديارهم، دون تعرضهم لأية مشاكل أمنية".
وأضاف أن "مخيم اليرموك لن يعود، كما
كان سابقا، عاصمة للشعب الفلسطيني في الشتات، وفي أحسن الأحوال سيتحول إلى حي من أحياء
العاصمة دمشق"، لافتًا إلى أن "الصورة ما زالت غير واضحة في المخيم، خاصة
وأنه يحتاج إلى إعادة تأهيل البنية التحتية في المخيم، ليصبح صالحًا لعودة الأهالي
إليه".
وأعرب أبو شرخ عن أمله "في حدوث تغيير
إيجابي في سوريا"، متابعًا: "عندها لن نتردد في العودة إلى مخيم اليرموك،
واستعادة ذكرياتنا في شارع صفد والعروبة ومدرسة الكرمل، وكل تفاصيل المخيم".
وتداول ناشطون، السبت، أنباء عن إغلاق حركة
دخول أهالي مخيم اليرموك غير القاطنين فيه حالياً، لإتاحة الحرية لحركة الآليات التي
تعمل في إزالة الأنقاض".
إعادة الإعمار
وكان سفير السلطة الفلسطينية في دمشق، سمير
الرفاعي، قد أعلن مؤخراً أن ورش إزالة الأنقاض التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بدأت
عملها بترحيل الأنقاض اعتباراً من صباح 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، واصفًا العملية
بأنها ليست بالسهلة، وستأخذ وقتًا يستمر لنحو شهرين.
واعتبر الرفاعي أن هذه العملية ستشكل حجر
الأساس لبدء عودة الحياة إلى مخيم اليرموك، مشيرًا إلى أن الأونروا تنتظر إزالة الركام
للبدء بعمليات الصيانة لمدارسها ومنشآتها في المخيم.
كما أوضح أن خدمات النقل والبنى التحتية،
من مياه وكهرباء وصرف صحي، بانتظار انتهاء عمليات ترحيل الأنقاض للبدء بعمليات الصيانة،
وتقديم الخدمات للمخيم.
وعن إعادة إعمار المنازل المدمرة؛ قال الرفاعي
إن الحكومة السورية أعلنت سابقاً أن مالك العقار سيتكفل بذلك، وفي المقابل ستقدم الحكومة
بعض التسهيلات، إلى جانب منح التراخيص السابقة بطوابق إضافية مجاناً، بحيث يُمنح المبنى
المرخص بأربعة طوابق سابقاً؛ رخصة لمبنى مؤلف من ستة طوابق، أي سيحظى برخصة طابقين
مجاناً كجزء من التعويض.
وأضاف الرفاعي أن بعض المنظمات الدولية
تستعد حالياً للمشاركة في عمليات إعادة الإعمار، في حين أن منظمة التحرير قدمت بعض
المساعدات المالية للقاطنين في مخيم اليرموك ومخيم حندرات؛ كنوع من الدعم للعودة إلى منازلهم، والبدء
بعمليات الإعمار.