القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

فلسطينيو سورية

«كورونا» تقود فلسطينيي سوريا في لبنان إلى ذروة الانهيار المعيشي، ماذا ستفعل «الأونروا»؟


الخميس، 09 نيسان، 2020

توقّعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في تقرير النداء الطارئ الصادر عنها مطلع العام 2020 الجاري، أن يؤثر التدهور الاقتصادي الذي يشهده لبنان، على قدرة اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا والبالغ عددهم 27 ألف لاجئ، على الصمود والتحمل، في حين شخصّت حالهم بـ"الشريحة الأكثر تهميشاً في المنطقة".

وأوردت في أرقامها أنّ 89% منهم يعيشون في فقر، في حين يعتمد 80% منهم على المعونات المالية التي تقدّمها الوكالة بشكل شهري، فيما بنت توقّعها على أنّ المصاعب والتوترات الاجتماعية والاقتصاديّة التي يشهدها لبنان، ساهمت في مفاقمة الأوضاع المعيشيّة المترديّة أصلاً للاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا، في حين تتجه بهم إلى المزيد من الإضعاف الاقتصادي والمعيشي.

ولم تقترح الوكالة بعد تقييمها أعلاه، أيّة إجراءات جديدة بالتوازي مع تفاقم الانهيار، بل بدا وكأنّه لحثّ المتبرعّين على الاستمرار في دعمها للاستمرار في تقديم معونتها الشهريّة لهذه الشريحة، دون الإشارة إلى زيادتها أو اتباع خطط إغاثيّة إضافيّة، وهي معونة لا تكفي في الظروف العاديّة لتلبية ما خصصت من أجله، وهو بدل الإيواء الذي قررت الوكالة أنّ مبلغ 150 الف ليرة لبنانية يكفي العائلة لسداده، إضافة إلى 40 الف ليرة بدل غذاء وهو مبلغ لم يعد يكفي للإيفاء بمتطلبات السلّة الغذائيّة لمدّة أسبوع واحد بأكبر صورها تقشّفاً.

جائحة "كورونا" ضربة معيشيّة من خارج السياق

الوكالة التي بنت توقعها في استمرار انهيار الوضع المعيشي، على معطيات المسار العام للوضع الاقتصادي والاجتماعي اللبناني، لم تضع في حسبانها ظرفاً قد يحلّ، ويوقف العجلة الاقتصاديّة بشكل مطلق، وبالتالي يسدّ أيّ مصدر مُساعد كان يرفد هذه الشريحة من اللاجئين، ببعض الموارد المعيشيّة، ومنها الأعمال اليوميّة والخدميّة، أو بعض التحويلات من الخارج التي كانت تأتي لبعض العائلات التي لها قريب مُهاجر، فكل شيء قد أوقفته جائحة "كورونا".

أبو يوسف شعبان، لاجئ فلسطيني مهجّر من مخيّم اليرموك في سوريا إلى لبنان ويعيش في مخيّم عين الحلوة في صيدا، يشرح لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" ما وصفه بـ" الجحيم المعيشي غير المتوقّع" الذي سببته الجائحة، ويقول :" حتّى في قمّة تدهور الاوضاع المعيشيّة في لبنان قبل الكورونا، كانت لدينا مساحة لتدبّر أمورنا، ولو عبر اللجوء إلى أقاربنا في الخارج".

ويضيف شعبان " أنا لدي أخ مغترب في الدانمارك متزوج وله أولاد، كنت اتصل به وأقول له يا اخي اقطع عن نفسك جزءاً وأرسل لي ما يعيننا على إكمال أجرة المنزل ودفع الفواتير على الأقل، واليوم فقدنا هذه المُساعدة" مضيفاً "صرت أخجل من الطلب منه وخصوصاً أنّ أوضاع أهلنا في أوروبا تأثرت، وصارت حركتهم محدودة بسبب انتشار المرض".

لاجئ آخر مهجّر من سوريا، ليس له لا قريب في الخارج ولا معيل في الداخل سوى عربة لبيع الخُضار، طالما كانت معيله الوحيد هو وأسرته الصغيرة المكوّنة من زوجته وطفله، طوال السنوات السبع التي عاشها في لبنان، وهي اليوم مركونة بجانب المنزل في مخيّم عين الحلوة، لم يعد قادراً على ملئها بالخضار والفاكهة لبيعها، وقد قضمت الأزمة كافة مدخراته الضئيلة، التي جلب بها ما تيسّر من مونة غذائيّة، كاستجابة لإجراءات الوقاية والبقاء في المنزل، عدا عن انعدام امكانيّة العمل، بعد أن تعطلّت الحياة في البلاد وغلقت الأسواق وارتفعت الأسعار، إثر الإجراءات الحكوميّة الصارمة للحد من انتشار فايروس " كورونا".

يقول هذا اللاجئ ويدعى أبو أحمد نعيمي، في شهادة حول وضعه المعيشي لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ ما جرى لم يكن متوقعاً، من ناحية توقّف الأعمال بشكل كامل، وانعدام أي مصدر للعيش سوى معونة الوكالة التي لا تكفي متطلبات الغذاء، فكيف بباقي المستحقات كأجرة المنزل والفواتير؟

"كورونا" كان متردّياً لكننا لم نخف أن نجوع بشكل مطلق، ويشرح:" كنا نقول أنّه لا أحد يموت من الجوع ولو عشنا يومياً على شورية العدس والخبز فقط، لكننا اليوم صرنا نخاف فقدان هذه المواد بعد أن تنفد من المنزل، في حين أنّ معونة الوكالة أيضا لا تكفي لسداد بدل الإيواء فماذا سيحصل بعد شهر او أقل في حال بقي الحال على ما هو عليه"؟

تساؤل، لا يجد اللاجئ إجابة له، فاحتمالاته مرعبة يتجنّب تخيّلها، فماذا لو لم يتمكّن من سداد أجرة منزله البالغة 400 ألف ليرة لبنانية الشهر المقبل، وماذا لو نفدت المواد الغذائيّة من منزله، كيف سيدبّر الطعام؟ ولم يجد سوى أن يحيل هذه الأسئلة لمسؤولي وكالة "الأونروا” قائلاً :" أطلب من المسؤولين عن الملف الإغاثي في الوكالة، أن ينزلوا إلى السوق ومعهم 40 الف ليرة، ويعاينوا بأنفسهم ما هي المواد التي يمكنهن شراؤها في هذا المبلغ، وكم ستكفيهم".

ماذا ستفعل الوكالة؟

وليس للاجئ الفلسطيني سوى وكالة " أونروا" قدره الإغاثي حتّى عودته، هذا ما طبعه الواقع بعد نكبة عام 1948، وهو غير مسؤول عن أزماتها الماليّة وكيف ستتدبّر أمورها لحمايتهم من الجوع والتشرّد على الأقلّ، في ظل هكذا ظرف استثنائيّ عالمي، أوقف عجلة الأعمال والموارد لمعظم الشرائح الاجتماعيّة فكيف للاجئ الفلسطيني المهجّر من سوريا وهو الأكثر ضعفاً وتهميشاً وفي تقييمها لحاله؟ وفق ما يتساءل ناشطون.

طالب حسن رئيس "رابطة اللاجئين المهجّرين من سوريا إلى لبنان" وهي منظمة مدنيّة معنية بشؤون هذه الشريحة من اللاجئين، يحذّر من مغبّة تجاهل الوكالة لمسؤولياتها الإغاثيّة لفلسطينيي سوريا في لبنان واستثنائهم من أيّة خطّة للإغاثة الطارئة.

وعبّر حسن في حديث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن مخاوفه من أنّ الوكالة تتعامل مع هذه الشريحة من اللاجئين، على أنّها تحصل على مستحقاتها من المعونات، وهي ما يقدّم لها شهرياً، وبالتالي يجري استثناؤها من خطط جديدة قد توضع للاستجابة لأزمة "كورونا" الراهنة.

ويبني حسن مخاوفه، بناء على ما تلقته الرابطة في أوقات سابقة خلال تواصلها مع الوكالة، وأوضح حسن أنّ مسؤولة الإعلام والتواصل لدى الوكالة قد أخبرتهم في وقت سابق، في سياق المطالبات بالإغاثة العاجلة في خضم ازمة انهيار الليرة اللبنانية والتأزّم الاقتصادي، أنّ المعونات يجب ان تكون للمخيّمات الفلسطينية في لبنان، وكأنّها تستثني فلسطينيي السوري وفق قوله.

وفيما يخص الحديث الذي صدر عن المسؤول في جبهة التحرير الفلسطينية صلاح اليوسف، حول رصد "الأونروا” مبلغ 5 مليون دولار لمساعدة الفلسطينيين على الأراضي اللبنانية، ومن ثم تصريح لـ "الأونروا” حول تخصيص مبلغ من مواردها المالية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين الأشد فقراً في لبنان، استغرب حسن من استثناء اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى هذا البلد من هذه المساعدات.

وأشار حسن، إلى أنّ معونة "الأونروا” الشهرية لهذه الشريحة من المهجّرين، لم تكن تكفيهم منذ أن قدموا من سوريا منذ العام 2012، لسداد بدل الإيواء فكيف للغذاء؟ ولفت إلى أنّ الأوضاع قبل هذه الأزمات كانت تتيح للاجئ المهجّر بأن يعمل هنا وهناك لتأمين حياته بالحدّ الأدنى، مُتسائلاً : كيف ستكون كافيّة الآن في ظل توقّف الأعمال، جرّاء انتشار "كورونا" والتزام جميع الناس في منازلهم.

ولعل سؤال : "ماذا ستفعل وكالة "الأونروا" هو الأكثر إلحاحاً في أذهان اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى لبنان، وهي التي طالبتهم بالتزام منازلهم، تجنّباً للإصابة بعدوى " كورونا" فهل ستكتفي بتقديم النصائح الوقائيّة في المنازل التي قد يعجزون عن دفع أجرتها؟ وهل رميهم في الجوع أهون من المرض؟ كل ذلك برسم الوكالة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

المصدر: الوليد يحيى – بوابة اللاجئين