لاجئ إلى الأبد.. ما مصير اللاجئين
الفلسطينيين في سوريا؟
الثلاثاء، 06 آذار، 2018
استعرض محلل إسرائيلي للشؤون العربية حال
اللاجئين الفلسطينيين ومستقبلهم في سوريا، الذين تمكنوا من الفرار من جحيم الحرب
السورية التي فتتت عائلتهم من جديد عقب طردهم على يد الاحتلال الإسرائيلي من وطنهم
فلسطين المحتلة.
تحت الحصار
وفي ظل الأحداث المتواصلة والمتعددة في
سوريا، يركز الكشاف المضيء على زاوية بعينها، فيما يبقى العديد من الزوايا في
الظلام، وعندما وقف الكشاف على زاوية الغوطة الشرقية التي تعيش تحت حصار النظام
السوري، نسي منذ فترة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وفق محلل الشؤون العربية
لدى صحيفة "هآرتس" العبرية، تسفي برئيل.
فمن أصل 150 ألف فلسطيني لاجئ كان يسكنون
المخيم ذاته، الذي تسيطر على ثلثه اليوم "داعش" وعلى الباقي "سلطة
تحرير سوريا" التي عرفت في الماضي باسم "جبهة النصرة"، لم يبق فيه
سوى 5 آلاف ساكن، معظمهم من الشيوخ والأرامل والأطفال بقوا في بيوتهم المهدمة.
والمعركة بين "داعش" و"تحرير
سوريا" تجري تحت حصار مشدد من قبل النظام السوري، الذي لم ينجح في السيطرة
على المخيم، لكن فصائل فلسطينية تعمل مع نظام الأسد، وأساس عملها هو الدفاع عن
السكان الباقين، وتوفير الغذاء وأدوية تصل بالقطارة، مع غياب الخدمات المدنية، وفق
برئيل.
وأوضح المحلل الإسرائيلي، في تقرير له نشرته
"هآرتس"، أنه "في ظل غياب الاهتمام بالحديث عن وضع اللاجئين
الفلسطينيين في سوريا، بقي موقع "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"
يعمل من بريطانيا، ويحاول نقل تقارير عن الأحداث في مخيمات اللاجئين".
ضرب وسرقة
ويفيد الموقع بأن نحو 3663 لاجئ فلسطيني قتل
في الحرب السورية، من أصل أكثر من نصف مليون قتيل هو إجمالي عدد القتلى في سوريا،
لكن الأمر الذي لا يقل إثارة للقشعريرة هي القصص الشخصية التي يجمعها الموقع ضمن
مشروعه الخاص "هذه قصتنا"، حيث نشر هذا الأسبوع قصة رقم 33 للاجئي
الفلسطيني عبدالسلام، الذي ولد في قرية عين التينة في محافظة صفد.
وحكى موقع المجموعة قصة عبد السلام الذي
هاجر من فلسطين إلى لبنان عام 1948، ومنها إلى سوريا، التي تركها عقب اندلاع الحرب
السورية، متجها إلى لبنان مرة أخرى، وسرد كيف تضاعفت معاناته عندما احتاج لإجراء
عملية طبية في لبنان تصل تكلفتها لنحو 10 آلاف دولار، وهو لا يجد هذا المبلغ.
وتساءل عبد السلام: "من أين يمكن تأمين
هذا المبلغ؟"، وهو ما دفعه للعودة مرة ثانية إلى سوريا التي أجبر كي يدخلها
مرة أخرى على دفع مبالغ مالية "رشاوى" للموظفين اللبنانيين على المعبر
الحدودي، وأخرى لموظفين سوريين، وفق ما اطلعت عليه "عربي21".
ولم يجد اللاجئ الفلسطيني في ظل هذه
المعاناة الكبيرة في سوريا سوى الفرار إلى تركيا، بعد تمكنه من عبور 13 حاجزا
عسكريا هو وعائلته المكونة من ولدين وفتاة، منوها بأنه عندما وصل إلى أحد الحواجز،
التي وصفها بـ"أقذر الحواجز"، والتي تتبع للنظام السوري، ضرب على رقبته،
رغم أنه كان يعاني من انزلاق غضروفي في الفقرات العليا في الرقبة، كما تم
"سرقة" مبلغ مالي كان بحوزته يقدر بنحو ألفي دولار.
إرهاب الأسد
وخلال رحلة هربه إلى تركيا، وعقب إطلاق سراح
أفراد عائلته وتركهم من قبل عناصر الأسد، تعرض عبد السلام لصنوف مختلفة من
التعذيب، وتم تجريدة من كل ملابسه حتى الداخلية، وأدخل إلى سجن حماه العسكري، وفي
اليوم التالي تم ترحيله إلى المخابرات العسكرية السورية بحماة، ومن ثم سجن
البولوني في حمص، وهو "من أسوأ أنواع السجون السورية، حيث الضرب والتعذيب
وقلة الأكل والبرد..".
وبعد عدة أيام من التحقيق والتعذيب، تم
ترحيل عبد السلام إلى سجن عدرا، ومنه تم الإفراج عنه، حيث بدأت مرحلة جديدة من
العذاب استمرت أشهر، حتى تمكن من بعدها من الوصول إلى تركيا والتسلل إلى اليونان،
التي مكث فيها تسعة أشهر، قبل أن يلتحق بعائلته في ألمانيا، عقب أن تقدم بطلب
"لم شمل" صحّي.
وفي ختام سرده لقصته، يقول عبد السلام:
"وصلت أوروبا بعد رحلة معاناة كبيرة قضيتها في الأفرع الأمنية والتعذيب
والهجرة والموت ألف مرة، إلا أني أحمل أملا أن نكمل حياتنا بسعادة وطمأنينة، بعيدا
عن إرهاب النظام السوري وأجهزته الأمنية..".
وتعليقا على قصة اللاجئ الفلسطيني، قال
المحلل الإسرائيلي برئيل: "قصة عبدالسلام ليست مختلفة عن قصص ملايين اللاجئين
السوريين الآخرين".
وتابع: "ولكن خلافا للاجئين السوريين
الذين يوجد لديهم وطن للرجوع إليه في يوم من الأيام، فإن اللاجئين الفلسطينيين
سيواصلون كونهم لاجئين إلى الأبد، وحتى عند عودتهم إلى سوريا"، وفق قوله.
يذكر أن اللاجئين الفلسطينيين يرفضون
توطينيهم في البلاد التي يقيمون فيها، ويطالبون بالعودة إلى مدنهم وقراهم في وطنهم
فلسطين المحتلة، التي طردوا منها عام 1948 على يد العصابات الصهيونية الإسرائيلية.
المصدر: عربي21- أحمد صقر