الإثنين، 27
تموز، 2020
يشتاق اللاجئ الفلسطيني
"ماهر حجازي"، والمقيم في هولندا، إلى مخيم اليرموك حيث وُلد، وهناك بدأت أولى خطواته تلاحق أحلامه
وشغفه وترسم ملامح شخصيته ومستقبله، وتحديدا في حارة "جبع" جادة 5، في حي
دير ياسين.
يقول "حجازي"
لـ"قدس برس": "في مخيم اليرموك ولدت ودرست وتزوجت ورزقت بأبناء، وبقيت
فيه حتى العام 2015، عندما بدأت أزمة الحصار والجوع".
وأضاف، لطالما
كنا نُسأل في المدرسة وفي علاقاتنا عن مكان سكننا، فنجيب حارة جبع جادة 5، موضحا أن
"جبع"، قرية فلسطينية تقع على الجانب الشرقي لمدينة القدس.
وأوضح أن معظم
أحياء المخيم تحمل أسماء المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، وكذلك أسماء الشهداء، حتى
بتنا نشعر أن المخيم هو فكرة مصغرة عن فلسطين بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
يتابع: "لم
تكن فكرة المخيم واضحة عند بعض أصدقائنا السوريين، كان بعضهم يظن أننا نقيم في خيام
أو في مكان خطر، لكن عندما يزوروننا كانت الدهشة تملأ تعابير وجوههم لما يروه من عمران
وأسواق وحياة، فيبدأون بالتعرف على مدننا وقرانا ورموزنا من اللافتات التي كانت تزدان
بأسمائها على مداخل الأحياء والحارات".
ولا تزال جلسة
"المصطبة" عالقة في ذهنية "حجازي"، إذ كان الأهالي قبيل الغروب
"يشطفون" بالماء كل أمام بيته، ويتسامرون حتى ساعة متأخرة من الليل، بينما
يلعب أطفالهم من حولهم في كرنفال يومي بهيج.
كان "حجازي"
يستمتع بالذهاب مع والدته إلى السوق، وخاصة سوق فلسطين القريب من ثانوية اليرموك للبنات،
والذي يعد من أقدم الأسواق في المخيم، ويُشتهر بتنوع الخضار والفواكه وكل أنواع اللحوم
والألبان والأجبان.
وأوضح "حجازي"
أن بعض الأسواق تحولت إلى مركز تجاري واقتصادي مهم على مستوى العاصمة، وأن أهالي الأحياء
الدمشقية كالمزّة والميدان والمناطق المجاورة للمخيم، كانوا يقصدون المحلات التجارية
في شارع لوبية وشارع صفد الشهيرين، لتوفر أنواع البضائع كافة، وبنفس جودة مثيلاتها
في أسواق دمشق، ولكن بأسعار منافسة وخاصة في مواسم الأعياد حيث تزدحم الشوارع والأسواق.
وتحدث أيضا عن
سوق العروبة الذي أُنشئ بعد سوق فلسطين وبشكل أكثر حداثة، إذ كانت تتوفر فيه الأدوات
المستعملة والمفروشات، وكذلك شارع الثلاثين حيث تنشط تجارة السيارات فيه عند المساء.
يفتقد "حجازي"
اليوم بغربته في هولندا، كل تلك الذكريات والطقوس والأسماء ورغم الدمار الكبير التي
حل بمنزله وحارته والأسواق في المخيم، يتمنى العودة إليه، فهو يعده، "حياة وقاعدة
انطلاق للعودة إلى فلسطين".
أهم معالم مخيم
اليرموك
اللاجئ الفلسطيني
"مهيب عصفور"، والذي غادر المخيم مع بداية الحرب متوجها لضاحية قدسيا بريف
دمشق، يفرد لـ"قدس برس" خريطة جغرافية لمداخل وشوارع "اليرموك"،
فيبين أن المخيم يبدأ عند الجسر بتفرعين، هما شارع فلسطين واليرموك، ويلتقيان عند جامع
البشير.
ويضيف: "إلى
يسار شارع اليرموك، يوجد سوق السيراميك وشارع راما، الذي ينتهي عند ساحة الريجة، ثم
شارع عين غزال ومنطقة المشروع وجامع الوسيم، حيث كانت تلك المنطقة سابقا بستانا كبيرا،
وفي الناحية الخلفية ملعب ترابي متواضع يسمى ملعب شاكر".
وأردف، كانت تنتشر
على جنبات شارع اليرموك المطاعم والمقاهي ومحلات الألبسة، ولعل أشهر المطاعم علي بابا،
الزعيم، الباشا، الشاطر حسن، بالإضافة إلى بعض المحلات المشهورة، "بن الحسناء،
محلات مطر للمفروشات، بروستد الملك والتاج، مخللات داود، كباب أبو دياب، فلافل طيبة،
فلافل على كيفك".
وفي بداية المخيم
كان مركز حلوة زيدان، وهو مركز ثقافي تقام فيه المنتديات والمهرجانات، بالإضافة إلى
مستشفى "فايز حلاوة"، وهو مستوصف أو مستشفى صغير تابع لجيش التحرير الفلسطيني،
كما يوجد في شارع اليرموك مخبز "أبو فؤاد" المقابل لشارع لوبية المركز التجاري
القوي في المخيم.
وأوضح أن شارعي
"لوبية" و"صفد"، كانا يسيطران على حوالي 60% من مبيعات الملابس
في دمشق.
يتابع عصفور جولته
معنا: "ينتهي شارع صفد بشارع يازور ويتقاطع مع شارع المدارس التابعة للأونروا
بالكامل، حتى المرحلة الإعدادية، ومن المدارس، القسطل، المنصورة، والفالوجة، صبارين
للبنات، الجرمق، رأس العين، ترشيحا ابتدائي.. وغيرها.
وبالإضافة لشارع
صفد وشارع لوبية الشهيرين، يذكر "عصفور" شارع حيفا الملاصق لشارع اليرموك
وشارع لوبية، وحارات شارع الجاعونة الملاصقة لشارع يازور، وحارات شارع المدارس، حيث
ينتهي شارع يازور عند تقاطع طرق بالقرب من جامع فلسطين، وعلى اليسار شارع القدس، وعلى
اليمين شارع نوح إبراهيم وعطا الزير، الذي يمتد حتى حديقة فلسطين ورخام الجنداوي".
أما شارع القدس
فيمتد حتى دوار فلسطين، ويتقاطع في المنتصف بحارات شارع المغاربة التي يسكنها فلسطينيون
من أصول مغاربية، وهناك توجد مقبرة اليرموك القديمة، الذي دفن فيها جل المقاومين في
الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وشهداء المقاومة.
وفي نهاية حارة
المغاربة يوجد ملعب المدينة الرياضية الملعب الأشهر في المخيم، وفيه أندية لرفع الأثقال،
كما يوجد مسبح الباسل الشهير والملاصق للمدينة الرياضية.
أما المراكز الطبية،
يعدد "عصفور" من المستوصفات، مركز الخامس التابع للأونروا، والذي شيده ودشنه
الملك المغربي محمد الخامس، وسمي باسمه، ومركز اليمان التابع لحركة "حماس"
في مشروع الوسيم، ومركز الجليل للأونروا.
أما المشافي فيوجد
مشفى الرحمة في بداية المخيم، وهو مشفى خاص، ومشفى فايز حلاوة التابع لجيش التحرير
الفلسطيني ومشفى الباسل التابع للجمعية الخيرية، ومشفى فلسطين التابع لجمعية الهلال
الأحمر الفلسطيني.
يؤكد "عصفور"
أن القائمة تطول، وهي تعكس حالة العنفوان والشباب التي تميز بها أهالي مخيم اليرموك،
قبيل الحرب، وحركة عمرانية وازدهارا اقتصاديا كبيرا، لكن لم يبق من كل ذلك إلا الأطلال
والذكريات.
ويقع مخيم اليرموك
داخل حدود مدينة دمشق، ويبعد حوالي 8 كيلو مترات عن وسط المدينة، وقد تأسس عام
1957، فوق مساحة من الأرض تبلغ 2.1 كيلو متر مربع، بهدف استيعاب اللاجئين الفلسطينيين
الذي كانوا متفرقين في الأماكن العامة آنذاك.
وأثار إعلان محافظة
دمشق في الخامس والعشرين من شهر حزيران/ يونيو الماضي، الموافقة على المخطط التنظيمي
الجديد لمخيم اليرموك، المزيد من مخاوف أبنائه، الذين هجروا منه، بشطب رمزيته وتلاشي
حلم المهجرين بالعودة إليه.