مراكب الموت البحرية تطال
اللاجئين الفلسطينيين من سورية
مجموعة العمل من أجل فلسطينيي
سورية - أيلول 2013
مقدمة
"مراكب الموت البحرية تطال
اللاجئين الفلسطينيين من سورية"، تقرير خاص لـ مجموعة العمل من أجل فلسطينيي
سورية، يسلط الضوء على محاولات اللاجئين الفلسطينيين السوريين الوصول إلى أوروبا
عن طريق البحر، وما يتعرضون له من مخاطر وصعوبات، حيث رصدت مجموعة العمل من أجل
فلسطينيي سورية هذه الظاهرة من خلال مندوبيها في مصر فقامت بإجراء المقابلات التي
رسمت ملامح تلك الرحلات بجميع مراحلها، لتقدم صورة حقيقية لحجم المعاناة والألم
التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني.
التقرير الأول "1/3"
لا زالت الحرب في سورية مستعرة
ولا زالت تحصد أرواح السوريين ومن في حكمهم من الفلسطينيين، بالإضافة إلى المئات
من والجرحى والمعتقلين وهدم للبيوت وسرقة للممتلكات.
ولعل من أهم تداعيات هذه الحرب،
وانعكاساتها على اللاجئ الفلسطيني هي حالة التشرد واللجوء التي طالته، والتي اتسعت
دائرتها وتجاوزت هذه المرة البحار والمحيطات والصحاري والقارات.
لقد خرج اللاجئ الفلسطيني من
المخيمات والتجمعات الفلسطينية "اليرموك والحسينية والسبينة والسيدة زينب وخان
الشيح وحندرات ودرعا والرمل والنيرب" في مدن دمشق وحلب وحمص ودرعا، إلى
الأردن ولبنان وتركيا ومصر, ومن تلك الدول انطلق إلى قارات الأرض المترامية
الأطراف، في أوربا وآسيا وأفريقيا.
فوجئ اللاجئ الفلسطيني من سورية
خلال لجوئه الجديد أنه يحمل لعنة تطارده أينما حل، وتحرمه من أبسط حقوق الإنسان
التي أقلها حرية التنقل بين البلدان، هذه اللعنة هي (وثيقة السفر)، فقرر أن يتجاوز
هذه اللعنة ويتخلص من هذه المعضلة، فامتطى مراكب الموت البحرية، وغاص وتاه على
اليابسة في رمال الصحراء، وخاطر في ركوب الجو بشهادات شخصية مزورة متجاهلاً خطر
الاعتقال المحتم في المطارات الدولية إن انكشف أمره.
لقد عانى اللاجئ الفلسطيني من
سورية أثناء تنقله بين الدول المختلفة شتى أنواع القهر والحرمان والذل والمهانة
والجوع والترحيل والسجن, حتى وصل به الأمر في بعض الأحيان إلى الموت غرقاً أو
انتحاراً.
توزع اللاجئون الفلسطينيون من
سورية إلى مصر – وكذلك السوريون - على المدن الرئيسية كالقاهرة والإسكندرية
والفيوم والمنصورة ومطروح, إلا أن السواد الأعظم منهم أقام في مدينة "6
أكتوبر" في القاهرة الكبرى.
لقد شكل الوضع الاقتصادي الصعب
في مصر من ارتفاع إيجارات المنازل وغلاء المعيشة وفقدان فرص العمل تحديا ً لهذه
العائلات منذ أن وطئت أرض الكنانة، فأصبحت الخيارات لديها صعبة، مما حذا ببعضها
للعودة إلى سورية أو المغادرة إلى لبنان, أو الانتقال إلى ليبيا التي وجد فيها
البعض ملاذاً اقتصادياً يوفر له لقمة العيش، وإن كان ذلك على حساب أمنه الشخصي.
وبعد أشهر من الوجود الفلسطيني
الجديد في مصر بدأ يكثر الحديث عن رحلات تنطلق عبر البحر من السواحل المصرية إلى
ايطالية ومن هناك إلى أوروبا، في رحلة ملؤها المخاطر تستمر أكثر من عشرة أيام غير
معلومة النتائج.
فأقبل الأطفال والنساء والشباب
واليافعين لركوب البحر يخاطرون بحياتهم بعد أن تساوى عندهم الموت مع الحياة فلا
دراسة ولا عمل ولا أفق للحل في سورية، طالبين الاستقرار والعيش بكرامة وحرية دون
خوف يهددهم، متمنين في نهاية رحلتهم هذه، الوصول إلى إحدى الجنتين - كما يعتقدون -
أوروبة أو جنة الله في السماء.
بعد نجاح أول تجربة لهم والوصول
إلى السواحل الايطالية ومنها إلى ألمانية فالدانمرك فالسويد فالنرويج، تشجع
الكثيرون من هؤلاء اللاجئين لركوب البحر، رغم عظم المبلغ المطلوب للشخص الواحد
الذي تراوح مابين 3000 و5000 دولار.
لقد رصدت مجموعة العمل من أجل
فلسطينيي سورية هذه الظاهرة من خلال مندوبيها في مصر فقامت بإجراء المقابلات التي
رسمت ملامح تلك الرحلات بجميع مراحلها، لتقدم صورة حقيقية لحجم المعاناة والألم
التي يعيشها اللاجئ الفلسطيني....
السيد (ب.ن):
شاب فلسطيني من مخيم اليرموك في
العقد الرابع من العمر متزوج وله أربعة أطفال أكبرهم في الصف الثالث الابتدائي
وأصغرهم طفلة لم يتجاوز عمرها الأربعة أشهر يقول هذا الشاب: "تعرض بيتي الذي
يقع في حي الثامن من آذار القريب من منطقة الحجر الأسود للقصف، وتعرضت عائلتي
للتهجير عدة مرات بسبب دخول الجيشان الحر والنظامي إلى المنطقة، فقررت الذهاب إلى
مصر لعلي استطيع العيش فيها أو أن أتمكن من الدخول إلى ليبيا حيث يتوفر العمل
والأجر الجيدان، ما يجعلني أعيش فيها عيشة كريمة، وأستطيع أن أساعد أخوتي الذين
تركتهم في سورية دون عمل أو مال".
ويتابع الشاب بحرقة "وصلت
إلى مصر وصدمت بعدة أشياء منها غلاء أجور المنازل الذي تجاوز في حده الأدنى
الـ300$، ثم صدمت في المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وأيضاً بعدم
وجود عمل, كان معي مبلغاً من المال، ولكن خلال شهرين كان على وشك النفاذ، فقررت
الذهاب إلى ليبيا، وحين وصلت إلى معبر "السلوم" الحدودي، إلا أننا منعنا
من دخول الأراضي الليبية بسبب قرار يمنع حملة الوثائق الفلسطينية من ذلك، فعدت
أدراجي إلى مدينة مطروح المصرية، حيث علمت أن بعض العائلات الفلسطينية تنزل هناك،
ويقوم أهالي تلك المدينة بتقديم العون لهم.
عملت في تلك المدينة بعضاً من
الوقت رغم الأجر الزهيد الذي لم يكن ليتناسب مع أحوال المعيشة, وبعد أن ضاقت بي
الدنيا علمت بأن عائلات فلسطينية ستركب البحر بعد أيام متجهة إلى إيطاليا, فأسرعت
وبدون أدنى تفكير إلى صرف مصاغ زوجتي وهو كل ما نملك, واتصلت بشقيق زوجتي الموجود
في سويسرا ليكمل لي المبلغ المطلوب، وقررت الذهاب غير مكترث بشيء، فإما أن نحيا
أنا وأطفالي حياة كريمة، وإما أن نموت جميعاً بعد أن أصبح الأمر لدينا سيان".
وتتابع الزوجة (س.ي) من مخيم
الحسينية قائلةً: "في اليوم المقرر للرحلة ركبنا البحر في زوارق صغيرة
وتكدسنا كأكياس الطحين فوق بعضنا بعضاً، وعبرنا عباب البحر في ليل دامس مخيف
وأطفالي يتعلقون بي وبزوجي خائفين مرعوبين.
الجميع يخيم عليهم صمت رهيب
ممزوج بالخوف من أي طارئ, تجاوزنا المرحلة الأولى بسلام بعد مسيرة 12 ساعة
تقريباً، وانتقلنا بعدها في عرض البحر إلى السفينة الأكبر حجماً لتقلنا إلى هدفنا
المنشود، وتم شحن القارب الصغير خلفنا، وبدأنا مسيرة الأيام الصعبة والموحشة التي
كانت تسير ببطء شديد, كنا نأكل خلال اليوم بعض التمرات، وبعض قطع الخبز، والبعض
كان يتناول قليلاً من المعلبات وقطع الجبن التي اصطحبها معه خلال الرحلة.
في اليوم الخامس لسيرنا جوبهنا
بأمواج البحر العالية التي تسببت بتحطم المركب الصغير الذي كان من المفترض أن
يقلنا من المياه الإقليمية الدولية إلى السواحل الايطالية، وبدأت الأمواج تعلو
وتعلو وأخذت المياه تدخل إلى السفينة، وأخذ المشرفون على الرحلة بإلقاء أمتعتنا في
البحر للتخفيف من حمولة السفينة، كما أفسدت المياه المتدفقة الخبز والمعجنات
والطعام الذي بحوزتنا.
ومع شدة علو الموج أخذ الأطفال
يبكون خائفين مذعورين، وكذلك النساء خوفاً على أنفسهن وعلى أطفالهن, أما الرجال
فكانوا حائرين تكاد قلوبهم وشرايينهم تتفجر، وسؤال يلاحقهم ماذا صنعنا بأولادنا
وبنسائنا وبحالنا؟ ولكن كلما كانوا يستذكرون المخيم وما حل به ويتذكرون الحصار
والجوع فيه والحواجز الأمنية، كانوا يزدادون إصرارا على أنهم لم يخطؤوا في خيارهم.
الجميع كان يتضرع إلى الله، ويدعوه
أن يساعدهم في انقضاء محنتهم هذه على خير، لقد استمر الوضع على حاله مدة ثلاثة
أيام تتلاطمنا تلك الأمواج العالية، وتضرب بسفينتنا، وكانت أرواحنا تتراقص فوق
رؤوسنا، فلا أحد يأكل من الطعام ولا يشرب من الشراب إلا ما قد يساعد جسده على
الوقوف".
السيد (ي.ش):
شاب في العقد الثالث من العمر
وحيد لأبويه على ثلاث بنات، أبوه في بداية العقد السادس من العمر لم يعد جسده يقوى
على العمل.
عمل هذا الشاب طوال السنوات
الأخيرة على تأمين منزل يكون له بيتاً لزوجة تشاركه تلك الحياة، ألا أنه خرج من
مخيم اليرموك مع من خرج بعد قصف المخيم بالطيران الحربي، في مشهد جنائزي حزين وصف
بأفظع من يوم النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948، كما أخبره جده الذي عاصر تلك
النكبة.
يضيف الشاب (ي.ش) بخروجي من
المخيم بهذا الشكل المهين، شعرت بأنه قد ضاعت معه كل أحلامي خاصة البيت الذي كرسنا
كل الجهد والإمكانيات لبنائه.
يتابع الشاب: وصلت مع عائلتي إلى
مصر قاصدين ليبيا، ولكن الحدود أوصدت في وجوهنا، تبادر إلى سمعي عن تلك الرحلة
البحرية فقررت السفر وبدأ أبي يراسل عمتي التي تعيش مع زوجها في السعودية طالباً
منها العون فبعثت له مبلغاً من المال، وأرسل أيضاً إلى زوج أختي في السويد، فأكمل
لنا المبلغ المطلوب لهذه الرحلة، قرابة الخمسة آلاف دولار منها 3500$ أجرة الرحلة
وما تبقى تكلفة الوصول إلى السويد عبر ألمانية والدانمرك.
يقول هذا الشاب بعد انقضاء
ثمانية أيام من رحلة العذاب هذه، خمسة ً منها تحت أشعة شمس حزيران المحرقة، وثلاثةً
في رعب الأمواج العاتية، تلاها هدوء قليل للموج.
واستمر المركب بالسير لنصل بعد
يوم واحد إلى المياه الإقليمية الايطالية، وهناك توقفنا في عرض البحر ننتظر من
سيوصلنا إلى الشواطئ الايطالية، فالسفينة لا تستطيع الدخول لتلك المياه، لأن خفر
السواحل سيصادرونها فور دخولها, ونحن فقدنا المركب الصغير الذي كان من المفترض أن
يقلنا إلى هناك، بعد أن كسرته أمواج البحر القوية.
بقينا ننتظر يوماً كاملاً، كان
من أصعب أيام حياتنا التي عشناها، كنا ننتظر الفرج أو ننتظر الموت، نقول لعل أحد
المراكب يمر ويقلنا إلى تلك السواحل، وكان الجوع يلوع الأطفال والنساء والرضع،
ويحملهم على البكاء والصراخ أحياناً، وحالة التعب والإرهاق أصبحت تسيطر حتى على
الرجال والشباب الأقوياء أيضاً.
وعند منتصف اليوم التالي جاء
الفرج مع مرور سفينة كانت تقل مركبا صغيراً أعد لهذه المهمات، توقفت السفينة
وتفاهم طاقم مركبنا مع طاقمها، واتفقوا على أن يعودوا ويأخذوننا إلى البر بعد أن
يتم توصيل ركاب سفينتهم.
وبينما نحن كذلك أخذ الموج يعلو
مرة أخرى، وكان البحر يفتح فمه ليبتلع في جوفه كل من على سطحه, أصبح الخوف يلون
وجوهنا جميعاً وساعات طوال قضيناها في الانتظار، لم نعد وقتها نفكر بأمعائنا
الخاوية التي تتلوى جوعاً وألماً، ولا بأرجلنا التي لا تكاد تقوى على حمل أجسادنا
المتهالكة, بل كانت عيوننا شاخصة ترقب الموج وترقب البحر وترقب قارب النجاة.
جاء المركب بعد انقضاء ثمان
ساعات من الانتظار, وعلى الفور بدأنا بالنزول من السفينة إلى المركب الذي سيقلنا
إلى الشواطئ الايطالية ولنسلم أنفسنا هناك لأول نقطة بوليس تصادفنا".
السيد (ب.غ):
في العقد الخامس من العمر يقول
له صديقه كيف سترسل ابنك ابن الرابعة عشرة من العمر وأخته ابنة الثامنة عشرة
ربيعاً إلى هذه المقامرة، والتي يمكن أن تفقدك إياهم وإلى الأبد أليسوا أولادك
فلذتي كبدك؟! حرام عليك أن ترميهم في هذه التهلكة.
يرد الوالد عليه: "أليس ذلك
أفضل لهم من وقفة الذل وربما الاعتقال على أبواب مخيم اليرموك عند حاجز الجيش
هناك؟ إني أرى الآن إما أن يعيشوا كرماء أحراراً، وإما فلا عيشة لهم, ذنبهم اليوم
ليس في رقبتي إذا ما حصل لهم مكروه ذنبهم في رقبة حكامنا العرب الذين أوصدوا
الحدود في وجوههم، ذنبهم اليوم في رقبة قادة شعبنا الفلسطيني الذين لم يفعلوا شيئا
لحماية 650 ألف لاجئ فلسطيني من أبناء شعبهم في سورية".
(ع.غ) في الصف الأول ثانوي
وشقيقته (ن.غ) طالبة جامعية سنة أولى في جامعة المنصورة قسم الآداب (لغة فرنسي)
هما أبناء (ب.غ) يقولان: عندما وصلنا أول نقطة بوليس ايطالية قمنا بتسليم أنفسنا
لأننا كنا منهكين جائعين تماماً لا نقوى على الوقوف أو السير خطوات نحو الأمام،
وكان الاهتمام بنا من البوليس الايطالي جيد، ولكن قاموا بأخذ بصماتنا، وبعد ثلاثة
أيام غادرنا إلى ميلانو ومنها دخلنا الحدود الألمانية في رحلة خوف وحذر عبر
القطارات, توزعنا خلالها على المقطورات لكي لا يشعر أحد بنا, ومن ألمانيا اتجهنا
إلى الدانمرك ومنها إلى السويد.
رحلة عذاب وشقاء كنا نتمنى لو
كانت إلى فلسطين التي كنا نحلم بها دائما ً، ولكننا اليوم بتنا نشعر أننا نبتعد
عنها أكثر فأكثر.
وفي رحلة أخرى من رحلات العذاب
والشقاء في رحلة الجنوب إلى الشمال انطلقت قبل أيام قليلة الرحلة السابعة أو
الثامنة من هذه الرحلات، متجهة أيضاً إلى السواحل الايطالية.
ركب قرابة الستين لاجئاً ولاجئة
من فلسطينيي سورية البحر، في قاربين صغيرين، ولكن خفر السواحل المصرية اكتشف
أمرهم، فما كان من قائد أحد المراكب إلا أن تركه يسير بسرعة وهرب فانقلب المركب
بركابه الثلاثين المكون من النساء والأطفال، فجاءت فرق الإنقاذ المصرية وأنقذتهم
من الغرق في اللحظات الأخيرة، ونقل الغرقى إلى مستشفى الإسكندرية ليتلقوا العلاج
هناك, أما ركاب الزورق الثاني والذي ركب على متنه الرجال والأطفال الآخرون انقطعت
أخبارهم تماماً، مدة ثمان وأربعين ساعة لم يعرف أحد شيئاً عن مصيرهم, مما أصاب
ذويهم ذهولاً وانهياراً في أعصابهم خوفاً على مصيرهم المجهول.
(م.م) شاب فلسطيني من حي
المغاربة في مخيم اليرموك لديه طفل وحيد في الثالثة من العمر رزق به بعد عشرين سنة
من الانتظار, ركب البحر وغامر بنفسه وبزوجته وابنه الوحيد، هذا الشاب كان ممن فقد
في الزورق الآخر هو وابنه.
(ن.ا) زوجة (م.م) كانت ممن غرق
في الزورق الأول وأصابها ما أصابها من جروح وكدمات في الجسم، وعندما علمت بفقدان
زوجها وابنها الوحيد انهارت تماماً ونقلت إلى مستشفى الإسكندرية.
يقول شقيق الغريقة (ن.ا): بعد أن
فقدنا الأمل؟ جاءتنا أخبار أن زوج أختي وابنه بخير وهم أحياء يرزقون، عالقون بإحدى
الجزر البحرية في وسط البحر, وبناء عليه وجهنا نداء استغاثة لإنقاذهم وإنقاذ
الثلاثين راكباً الآخرين, وأجرينا الاتصالات اللازمة, وبعد يومين آخرين اتصل زوج
أختي المفقود وأخبرنا أنه بخير هو ومن معه وقد وصلوا إلى جزيرة مالطة.
حين نشر في الإعلام خبر غرق
الزوارق، حاولت مافيات المراكب البحرية والمعنيون باستمرار رحلات الموت هذه، تكذيب
الخبر، وقامت بمهاجمة الجهة الإعلامية التي نشرت تلك الأخبار، ظناً منهم أن يكتموا
حقيقة ما يصنعون، وحقيقة ما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون من شتى ألوان البؤس
الممزوج بالعذاب والقهر.
أياً كان: إن ما حصل ويحصل
لهؤلاء اللاجئين اليوم هو غيض من فيض من أوجه المعاناة, وإن ما يحصل لذويهم وأقاربهم
في المخيمات في أرض المعركة لهو أفظع بكثير مما نتكلم، وأن الأذى الذي لحق بأبناء
الشعب الفلسطيني في سورية وفي مهاجرهم الجديدة يجعلنا ندق ناقوس الخطر، ونضعه برسم
المسؤولين الفلسطينيين والعرب والأمميين ليضطلعوا بمهامهم التي أوكلت إليهم من قبل
الشعوب.