الأربعاء، 18 آب، 2021
منذ أيار/ مايو الماضي، وأعداد اللاجئين
الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، في ازدياد مضطرد.
مخيمات لبنان باتت تشهد حالة نزوح كبيرة
من فلسطينيي سوريا، وارتفعت أعداد فلسطينيي سوريا في مخيمات عدة في صيدا وبيروت الشمال
والجنوب والبقاع.
أوضاع هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين القادمين
من سوريا لا يمكن وصفها، لا سيما وأن الأوضاع في لبنان ليست بأفضل من تلك التي غادروا
بسببها سوريا، منهم من يقطن في خيم في العراء، وآخرون لا يستطيعون الخروج من مخيماتهم
لدخولهم إليها بشكل غير شرعي، ما يعني عدم استطاعتهم التنقل خارجاً، كذلك القسم الأكبر
منهم عاطل عن العمل وفي ظروف اقتصادية واجتماعية منهارة، يضاف إلى ذلك انهيار في بنية
الدولة التي نزحوا إليها.
أرقام كبيرة.. ما السبب؟
يؤكد المعلومات الواردة أعلاه، مسؤول لجنة
مهجري فلسطينيي سوريا في مخيم عين الحلوة، أبو محمود قدورة، الذي قال لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ القادمين
إلى مدينة صيدا ومخيماتها، قد بلغ عددهم حوالي 100 عائلة، مؤكداً أنّ "أوضاع العائلات
هذه التي في غالبيتها تدخل لبنان بشكل غير شرعي، مأساوي وسيء للغاية، وأن قسماً من
هذه العائلات لا تستطيع تأمين ثمن ربطة الخبز وتعتاش على مساعدات من هنا وهناك.
أسوأ ما يحصل لفلسطييني سوريا القادمين
حديثاً إلى لبنان هو تعمد "الأونروا" التهرب من مسؤولياتها تجاههم
وبحسب قدورة فإن الأعداد في تزايد مستمر،
والسبب في ذلك يعود إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا بشكل كبير.
ويضيف أن أسوأ ما يحصل لهؤلاء القادمين
إلى لبنان هو "تعمد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إلى التهرب
من مسؤولياتها تجاههم، فتمتنع عن تسجيل بعضهم، فيما تضع شروطاً تعجيزية على آخرين،
منها ما يتعلق بتأمين أوراق ثبوتية يجب الاستحصال عليها من سوريا، فيما هي لديها من
الداتا والإمكانيات التي بإمكانها تحديد هوية اللاجئ دون تحميله أي أعباء ومسؤوليات".
ويوضح قدورة، "أعداد النازحين من سوريا
يتضاعف باتجاه لبنان، غالبيتهم من مخيمات اليرموك وتجمعاتها، كاليرموك وجرمانا وسبينة
وخان دنون وتجمع ركن الدين ومخيم النيرب، فيما يعتقد أنّ وضعهم سيكون أحسن في لبنان
من سوريا، لتكون الصدمة من الواقع لدى وصولهم إلى لبنان".
للأونروا أرقام أخرى ومعطيات مختلفة
من جهتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
"أونروا"، ترى وفقًا لأرقامها تراجعًا في أعداد اللاجئين الفلسطينيين من
سوريا، حيث بلغت أرقامهم وفقًا لإحصائياتها وحتى تاريخ الأول من آب/ أغسطس، 28 ألف
لاجئ، بعدما كان عددهم قبل عام 2019 حوالي 29 ألفًا.
المتحدث باسم وكالة "الأونروا"
في لبنان، فادي الطيّار، أكد خلال حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ
"أعدادًا قليلة من هؤلاء اللاجئين تعود الى سوريا، حيث سُجلت عودة 839 لاجئًا
فلسطينيًا إلى سوريا في العام 2020 أي بانخفاض نسبته 62٪ مقارنة بعام 2019".
إلا أنّ الطيّار أوضح، أنّه ومنذ العام
2020 أغلب اللاجئين الفلسطينيين من سوريا يدخلون بشكل غير نظامي إلى لبنان، وهذا يعني
أنّهم لا يستطيعون الحصول على الإقامة، ما سيساهم في تعرضهم إلى صعوبات جمّة منها ما
يتعلق في تسجيل الزواج وتسجيل الولادات التي تتطلب شهادة زواج وما لذلك من تأثير على
استصدار بطاقات هوية لأطفالهم، بالإضافة لصعوبة الحصول على تصاريح لدخول المخيمات،
وصعوبة تأمين سبل العيش والحصول على الخدمات الأساسية.
شكاوى من سياسات الأونروا: "تعجيزية"
وفي لقاءات قام بها مراسل "بوابة اللاجئين
الفلسطينيين" نذكرها تباعًا في التقرير، اشتكى اللاجئون الفلسطينيون من سوريا،
من شروط تعجيزية تفرضها وكالة "الأونروا" من أجل استحصالهم على المساعدات والخدمات، ففيما
يشير الطيار إلى أنّ "الإقامة ليست شرطًا للحصول على خدمات "أونروا"،
وبالتالي فإنّ هذه الفئة من اللاجئين الفلسطنيين من سوريا يمكنها الحصول على جميع خدمات الوكالة في لبنان،
وذلك بعد تسجيلهم في حال استوفت المعايير، يقول فلسطينيون قادمون حديثاً إلى لبنان
إن شروط الوكالة تعجيزية لتسجيلهم.
في هذا السياق يتحدث الطيار عن وحدة تسمى
المساعدة القانونية التابعة للأونروا، تقدم
المشورة والتوجيهات فيما يخصّ الحصول على الوثائق، بغضّ النظر عن وضعهم القانوني في
لبنان، لكن لم يشر اللاجئون الفلسطينيون إلى أنهم يستفيدون منها.
ويبرر الناطق باسم "الأونروا"
أن "التدقيق في المعلومات المفصلة مسألة أساسية في التسجيل للحصول على المساعدة"،
مضيفاً أن الوكالة "تتبع سياسة واضحة لتسجيل اللاجئين الفلسطينيين من سوريا وهي
تقوم بهذه العملية بحرص وربما أكثر من السابق، خاصة بالنظر إلى الوضع الصعب للفئات
الأخرى التي تعيش في لبنان في الوقت الحالي، الأمر الذي يتطلب منّا أن نكون أكثر حرصًا
حتى تصل المساعدة للمستحقين. في حين أننا نقدر أن هذا الامر قد يكون صعباً على بعض
العائلات، إلا أن هذه العملية قائمة منذ زمن وهي ضرورية للحفاظ على النزاهة فيما يخص
مساعدات الأونروا".
اللاجئة ثريا زكريا حسين، وهي امرأة أرملة،
من سكان مخيم حندرات بحلب ، اضطرت الدخول إلى لبنان خلسة مع إغلاق الحدود اللبنانية
السورية، بسبب تفاقم أزمة وباء كورونا، الأمر
الذي لا يسمح لها بالتحرك والتنقل كثيراً لعدم حيازتها مع أبنائها إقامة في لبنان.
تقول ثريا: إنها دخلت لبنان بحثاً عن حياة
أفضل من تلك الموجودة في سوريا، وسط تفاقملسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية هناك، وعدم تمكنها من الحصول على عمل، لكنها
صدمت بالواقع في لبنان، مؤكدة، "وضعي لم يتحسن أبدًا منذ دخولي لبنان قبل 5 أشهر
وحتى اليوم".
وتابعت: "أطفالي تتراوح أعمارهم بين
6 سنوات، يعاني من ضعف في السمع وصعوبة في النطق، وهو بحاجة لمعاينة طبية باستمرار،
وآخر عمره 9 سنوات، وقد تعرض قبل أيام لحادث أدى إلى احتراق جسمه، فيما لا أملك من
الأموال شيئًا كي أعالجه، وكلّ ما أتقاضاه من الأونروا عبارة عن 245 دولارًا أميركيًا
عن كلّ شهرين".
وعبّرت حسين، عن "خوفها من القادم،
ومحيطها، كونها أرملة مع طفلين، دون معيل، مع جو عام سيء للغاية، يكثر فيه الزعران
والشبيحة".
700 عائلة فلسطينية دخلت من سوريا إلى لبنان
مؤخراً
الناشط الفلسطيني السوري محمود الشهابي،
الذي يقطن منطقة البقاع اللبناني، أكد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ "عمليات
دخول ونزوح كبيرة تشهدها المعابر الشرعية وغير الشرعية بين لبنان وسوريا، منهم من يدخل
عبر معبر المصنع أو طريق حمص، فيما النزوح سببه البحث عن وضع أفضل".
ويشير الشهابي إلى أنّ "أوضاع اللاجئين
الفلسطينيين من سوريا كارثي للغاية، قسم كبير منهم يعانون من البطالة، فيما الأوضاع
اللبنانية وانهيار البلد أثر بشكل كبير على حياتهم، فهم دون كهرباء ولا ماء، ومنهم
من لا يستطيع شراء الخبز أو دفع إيجار منزله".
وأكد الشهابي، أنّ "ما يقارب من
700 عائلة من فلسطينيي سوريا قد دخلوا لبنان، منهم حوالي 100 عائلة تقطن مخيم الجليل
اليوم، بينما تقطن حوالي 25 عائلة خيماً في أراض مفتوحة في مناطق البقاع".
حالة من التمييز الكبيرة تشهدها المناطق
السورية ضد اللاجئ الفلسطيني
كذلك اللاجئة الفلسطينية من سوريا، دعاء
أكرم عليان، 23 سنة، دخلت لبنان قبل حوالي 10 أيام فقط، تقول في لبوابة اللاجئين الفلسطينيين،
"لجأت إلى وكالة الأونروا فور وصولي، ومعي عقد أجار منزلي في سوريا، وتسلسل دراسي
وهويتي، إلا أنّ الوكالة رفضت منحي أية مساعدة أو حتى تسجيلي بحجة أنّ أوراقي غير مكتملة،
وطلبت مني العودة إلى سوريا لاستكمال الأوراق".
وأوضحت عليان، "دخلت لبنان بطريقة
غير شرعية، فكيف بي العودة إلى سوريا؟!".
وأشارت اللاجئة الفلسطينية، إلى أنّ
"حالة من التمييز الكبيرة تشهدها المناطق السورية ضد اللاجئ الفلسطيني، حيث بات
يعامل كمواطن من الدرجة الرابعة، حيث يتمّ صرف العمال الفلسطينيين واستبدالهم بسوريين،
فيما المعاملة كذلك لم تعد كالسابق، وبات يشوبها الكثير من العنصرية".
وختمت عليان، "الوضع على الرغم من
سوئه في لبنان، إلا أنّه أرحم من سوريا، على الأقل وكالة الأونروا ستقدم لنا مساعدة
مالية هنا، فيما في سوريا الوضع الاجتماعي مزري للغاية".
ووفقًا لوكالة الأونروا، وفي تقرير لها
صدر في شهر آذار/ مارس من العام 2020، فإنّ حوالي 89% من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا
يعانون من الفقر، منهم 11٪ يعيشون في فقر مدقع. وأظهرت التقديرات حينها أنه بدون مساعدة
الأونروا سيعيش 95٪ من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا في الفقر المدقع. وقد أفاد جميع
اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الذين تمت مقابلتهم انهم يعتمدون على المساعدات النقدية
التي تقدمها الاونروا.
وتقدم الأونروا لعائلات اللاجئين الفلسطينيين
من سوريا مساعدة نقدية شهرية متعددة الأغراض بقيمة 100 دولار أميركي لكل عائلة و7.5
دولار اميركي إضافي - حسبما حدده برنامج الغذاء العالمي - لكل فرد من أفراد العائلة
شهريًا كمساعدة بدل الغذاء.
المصدر:
محمد شهابي – بوابة اللاجئين