أسامه حمدان: "انتفاضة القدس"
انعكاس لروح المقاومة
الأربعاء، 19 تشرين الثاني، 2014
يرى مسؤول العلاقات الخارجية في حركة حماس أسامة حمدان، أن ما شهدته
مدينة القدس المحتلة في الأيام الأخيرة، وما تزامن معها من أحداث في الضفة
الغربية، يأتي "تجسيداً وانعكاساً لروح المقاومة الفلسطينية التي تسري في جسم
الإنسان الفلسطيني".
ويوضح حمدان، في الجزء الأول من اللقاء الخاص والشامل مع "المركز
الفلسطيني للإعلام"، والذي ينشر على ثلاثة أجزاء متتالية، أن ما يجري في
مدينة القدس المحتلة والضفة، والتي أطلق عليها البعض اسم "انتفاضة
القدس"، هو نابع من ثلاثة مقومات رئيسية.
ثلاثة مقومات
ويتمثل المقوم الأول، فيما يخص "انتفاضة القدس"، أن الشعب
الفلسطيني يمتلك من الحيوية والاستعداد لمواجهة الاحتلال وممارساته وعدوانه بشكل
فردي، حتى وإن لم يكن هناك ترتيب تنظيمي، والمبادرة الفردية من الشعب لمواجهة ما
يقوم به الاحتلال نابعة مما يحمله الشعب من إيمان بحقه، وما تنبع به نفوس أبناء
الشعب من عزة وكرامة.
ويرى حمدان أن هذه الحيوية "لا شك أنها من أهم مقومات هذا الصراع
ومن أهم مقومات تحيق إنجازات إذا ما وجدت قيادة حكيمة يمكن لها أن تقدرها".
أما المقوم الثاني، فيتمثل في أن هذه المبادرات وما يجري من فعاليات
مقاومة فردية وشعبية يأتي ردّا على عدوان صهيوني متواصل عجزت السلطة الفلسطينية عن
تقديم إجابات عليه، إذ أنه بالرغم من فشلها بالمفاوضات لا تزال تتمسك بها، لذا
الشعب يوصل رسالة من خلال مقاومته للسلطة أنه كفى، وآن الأوان أن تتجه البندقية
الفلسطينية ضد العدو.
ويتمثل المقوم الثالث، وفقا لما يراه حمدان، في أن الرهانات على أن الشعب
محاصر وملاحق ولا يمكنه أن يرد على العدوان قد سقطت، وها هو يرد على العدوان دون
ترتيب.
ويضيف "الشهداء أيضا رسموا طريقا جديدا في فعل المقاومة، حينما
قالوا إن المقاومة يمكن أن تفاجئ العدو من حيث لا يحتسب، الصهاينة أحسوا بخطر جدي،
المبادرات الفردية لا يمكن كشفها أو التنبؤ بها، واستمرارها سيؤدي لتغير نوعي في
المواجهة مع الاحتلال".
حماس لا تكتفي بالمراقبة
وفيما يتعلق برؤية حركة حماس لما يجري بالضفة ومدينة القدس،
واستراتيجيتها المقبلة، يوضح حمدان أن حماس أو فصائل المقاومة لا تحتاج إلى أن
تعلن عن أدوار محددة فيما يقوم به الشعب من مقاومة المحتل.
فالهدف الذي تسعى حماس إلى تحقيقه، كما يرى حمدان، هو أن تكون المقاومة
روحا وواقعا يسري في الشعب الفلسطيني، بغض النظر عمن ينفذ العمليات، لكن بكل تأكيد
فإن حماس معنية أن تدفع المواجهة إلى الأمام مع الاحتلال، وأن تتحمل مسئوليتها في
هذا السياق، وحماس وغيرها من الفصائل لا ينبغي أن تكتفي بالمراقبة.
ويضيف، كما أن لصمود الشعب والمعركة البطولية في غزة (صيف2014) كان لها
إلهام كبير لأهلنا في الضفة الذين اقتنعوا أن كل محاولات القمع لا يجب أن تكون
عائقا أمام استمرار المقاومة.
وعند سؤاله عن الأسباب التي تؤخر المقاومة بشكل عام وحماس بشكل خاص من
إعادة تفعيل دورها في مواجهة الاحتلال والمستوطنين بالضفة؟ قال حمدان: أذكر
القائلين بذلك أن حماس بغزة مرت بظروف أقسى من ظروفها الراهنة في الضفة، في نهاية
تسعينيات القرن الماضي، وراهن البعض أن ذلك هو انتهاء حماس، لكن لم يفهم هؤلاء أن
قوة حماس في مسألتين أساسيتين؛ الأولى، الشعب الذي يحمل جذوة المقاومة، والثانية
أن حماس حركة مؤسساتية إذا ما جرى إحباط جهودها في فترة لكنها لن تستسلم للواقع بل
تواصل مسيرة المواجهة، والأيام والشهور القادمة ستكشف أن المقاومة في الضفة هي
أكثر رسوخا من العدو والأجهزة الأمنية الفلسطينية التي تعمل على خدمة أعدائنا.
ويرد حمدان على من يتهم أن ما يجري بالضفة هو محاولة لرمي الشباب
بالمجهول دون أن يكون هناك ثمار قد يتم قطفها، ويقول حمدان: دعنا أولا نتفق على
مسألتين؛ الأولى، إن من يفترض أن المقاومة تدفع الشباب نحو المجهول فهو يفترض ضمنا
أحد أمرين؛ الأول أن هؤلاء الشباب لا يملكون قدرة على التفكير بحيث يمكن تسييرهم
كآلات، وهذا اتهام فظيع للشعب، ويعبر عن عدم مسئولية، وعد فهم لروح الشعب
الفلسطيني، والثاني أن هناك من يعطل استثمار فعل المقاومة، ويحاول أن يقوم بطريقة
غير مباشرة بإفشال كل جهد للمقاومة ميدانيا وسياسياً، وهذا خيانة وطنية.
ويضيف حمدان أما إذا جئنا نتكلم عن أصل المقاومة، ترى، من الذي يدفع
الشعب الفلسطيني إلى المجهول، الذي يقاتل العدو ويثخن فيه ويدفعه للانسحاب كما حصل
في غزة عام 2004 أم الذي يبرر للعدو تحت غطاء المفاوضات الاستيطان والتهويد؟، الذي
يدفع الشعب للمجهول هو الذي يصر حتى الآن على أن هناك فرصة للتفاوض مع العدو ويقدم
التنازلات للعدو، والذي يهاجم المقاومة ويفتري عليها، والذي لا يتحلى بالحس
الوطني، كفانا عبارات جوفاء لا معنى لها سوى إحباط الشعب وتثبيط عزيمة المقاوم.
وعلى هؤلاء أن يعلموا أن الضغط الصهيوني يجعلهم في موقع مختلف عما يظنون وعليهم أن
يستدركوا أنفسهم ويلحقوا بالركب الوطني الفلسطيني.
الهدنة مع الاحتلال
وفي رؤيته للهدنة مع الاحتلال، وانعكاساتها المستقبلية، يرى حمدان أن
منطق الهدنة منطق سياسي، وهذا منوط بما يقدم من مصالح للشعب. والذي يطالب حماس
بهدنة عليه أن يستعد لسؤال آخر، هل هو مستعد أن ينخرط في برنامج وطني للمقاومة، أم
أنه يريد أن يبقى حارسا لأمن الاحتلال، إذا كان دوره حارسا للاحتلال ليس من حقه أن
يطلب من المقاومة شيئا، الآن ما هي المصالح أن يكون هناك هدنة أو مقاومة، هذه
المصالح تقدر بقدرها، ومن يدير المقاومة يستطيع أن يقدرها، لأن عينه على حاجات
ومطالب الشعب الفلسطيني، وهذه مسئولية كل القوى المقاومة وليس فصيلا لوحده.
ويرى حمدان أنه لولا فعل المقاومة والصمود الفلسطيني لما كان بالإمكان
تحقيق أي إنجاز، وهذا يعني أن تحقيق مزيد من الإنجازات يحتاج إلى برنامج وطني
يستند إلى المقاومة، يسعدنا أن نبني على كل إنجاز فلسطيني، لم نقل يوما أننا
الوحيدون الذين ننجز، ولم نحتكر يوما النضال الفلسطيني، ونرفض أن يحتكر أحد
المسيرة الوطنية، الذي يقول أن هناك إنجازات منطلقا من عقلية الاحتكار، نقول له
هذه الإنجازات ليست ملكا لك، أما الذي يتكلم عن الإنجازات من منطق الشراكة الوطنية
والبرنامج الوطني، أعتقد أن هذا المنطق مقبول ولا بد أن يكون الجميع في بوتقته.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام