الخميس، 02 تموز، 2020
قال المحلل السياسي والمختص في الشأنين
الأردني والفلسطيني عاطف الجولاني، إن خطة الضم الإسرائيلية هي إحدى حلقات التآمر على
القضية الفلسطينية والأخطر على الإطلاق خلال العقود الأخيرة.
وأوضح الجولاني في حوار شامل مع "المركز الفلسطيني
للإعلام"، أن خطة "الضم" تهدف إلى حسم الملفات النهائية للقضية الفلسطينية
خاصة المنطقة الحدودية منها وارتباطها بمدينة القدس المحتلة.
وبين أن الاحتلال وضمن خطة صفقة القرن الأمريكية،
أعلن السيادة على القدس، ويسعى لتنفيذ الضم لحسم موضوع الأرض والسكان، وكل الملفات
كي لا يتبقى منها شيئاً للتفاوض.
وقال رئيس تحرير صحيفة السبيل الأردنية،
إن القضية الفلسطينية أمام مرحلة جديدة سواء طبقت خطة "الضم" دفعة واحدة
خلال الأسابيع القادمة أم طبقت على مراحل، وفي نهاية المطاف هي لم تبق شيئاً للتفاوض
وستحسم كل الملفات ولذلك من الواضح أن تداعياتها خطيرة على القضية الفلسطينية، وكذلك
الأردن".
وأضاف الجولاني في حديثه لـ"المركز
الفلسطيني للإعلام": "أتواجد في الأردن، وأستشعر حجم القلق على المستوى الرسمي
والشعبي، من تداعيات الخطة على الأردن والتي هي بذات القدر على القضية الفلسطينية".
مواجهة المخاطر
وحول المطلوب أمام التحدي الخطير الذي يعيشه
الشعبان الفلسطيني والأردني، أكد الجولاني على أهمية استشعار الجانبين وعلى المستوى
العربي خطورة الخطة التي تأتي جزءاً مهماً من صفقة القرن وعملياً تتمثل بـخطة
"الضم".
وبين أن أبرز المخاطر التي تشكلها الخطة،
هي أن الاستحقاقات التي يفترض أن تقدم للجانب الفلسطيني على الصعيد الدولي، يتم تجاوزها
عبر الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذه صفقة القرن.
وشدد على أن استشعار خطورة هذه الخطة وانعكاساتها
وتداعياتها على فلسطين والأردن والأمة العربية مهم جداً لمواجهتها وعدم تحقيقها وإبطال
مفاعيلها، قائلاً: "ينبغي أن يتعامل الجميع مع حجم الخطوة وحجم الخطورة ما دام
مستوى التهديد بهذا الحجم".
وأضاف: "ينبغي أن يتفق الفلسطينيون
على رؤية ينطلق منها الجميع في فلسطين والأردن وعلى مستوى الأمة، من أجل التعامل مع
هذه المواجهة لإفشال الخطط وليس عبر فلسفة التكيف والتعايش معها".
وتابع: علينا الحديث عن استراتيجيات جديدة
لمرحلة مختلفة تماماً عن المراحل السابقة، فالجانب الإسرائيلي لم يبق شيئاً للتفاوض،
وبالتالي موضوع التسوية وخيار التفاوض هذا ينبغي أن يتنحى جانباً، ولا نريد أن نسمع
حديثاً إضافياً عنه.
ولفت إلى أن الاحتلال الإسرائيلي هو الذي
شطب خيار التفاوض، ولم يبق هذا الخيار في اللحظة الراهنة، داعياً إلى ضرورة الاعتماد
على مبدأ ومنطق المواجهة لإفشال المخططات الإسرائيلية.
الآليات والخطوات
وحول آليات وخطوات المواجهة مع الاحتلال
الإسرائيلي، نبه إلى ضرورة أن يتم اتخاذها من جميع الأطراف وأن تتناسب وتتوافق مع فلسلفة
المواجهة وليست فلسفة التعايش، قائلاً: "العبء الأكبر على الشعب الفلسطيني والقيادة
الفلسطينية بكل مكوناتها".
ويرى أن المطلوب هو إعلان خيار المواجهة
الشاملة مع صفقة القرن، مع عدم التوجه لخيار المواجهة المحدودة الذي لا يجدي نفعاً
مع خطورة التهديد، مضيفاً: "يجب أن نتحول إلى برنامج وطني شامل ومواجهة شاملة".
وأكد على أن هذا الأمر مطلوب من السلطة
الفلسطينية من جهة وقوى المقاومة من جهة أخرى، عبر جهد وطني، وتحقيق المطلب الأساسي
على المستوى الفلسطيني بتجاوز حالة الانقسام.
واستدرك الجولاني حديثه بالقول: "إذا
لم يتح لنا في اللحظة الراهنة إنهاء حالة الانقسام والاتجاه لحالة الوحدة، على الأقل
فليحصل توافق فلسطيني- فلسطيني على تنحية جميع الخلافات والتباينات في وجهات النظر
وتجاوز كل الإشكاليات والخلافات، ولتتوجه البوصلة صوب مواجهة العدو الصهيوني ضد خطة
الضم".
وقال: "هذا السياق يعطينا التوجه للتوافق
على خطة وطنية مشتركة عنوانها المواجهة الشاملة بكافة أشكالها، وكنقطة توافق بين القوى
الفلسطينية، ربما بعض الأطراف تملك أن تذهب إلى سقوف مرتفعة في عملية المواجهة وبعض
الأطراف ليس لديها هذا الخيار".
وبين أن خيار المواجهة والمقاومة الشعبية
فلسطينياً هي عنصر توافق قبل وفي ظل خطة الضم، مؤكداً على أنها هي الخطوة الأساس واستحقاق
لا ينبغي ولا يجوز تأجيله.
وشدد الكاتب الجولاني على أهمية تنحية الخلافات
الفلسطينية جانباً، للتمكن من خوض المواجهة، مشيراً إلى أن الفترة المتبقية من ولاية
الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حتى نهاية العام، هي الفترة الأخطر.
وقال: "الاحتلال الإسرائيلي سيسابق
الزمن خلال الأشهر المتبقية حتى نوفمبر القادم لأنه لا يضمن نتائج الانتخابات الأمريكية،
ولا يضمن أن يتم التمديد لولاية ثانية للرئيس الأمريكي ترمب، وسيجتهد لاستغلال تلك
الشهور لتنفيذ أكبر حد ممكن من خطة الضم وصفقة القرن".
وأضاف: "هذه المرحلة خطيرة تحتاج من
الجانب الفلسطيني أن تكون الأولوية الأولى لمواجهة خطة الضم، بوحدة وطنية وبصف متماسك
وبخطة توافقية".
ما المطلوب أردنياً؟
وفيما يتعلق بالجهد الأردني المطلوب، أوضح
الجولاني أن الأردن متأثر فعلياً من خطة الضم تماماً كفلسطين ومتضرر منها.
وقال: "على مستوى المسؤولين والنخب
والحالة الشعبية في الأردن من الأطياف كافة، الجميع يستشعر أن الأردن مهدد كيانياً
وجغرافياً وديموغرافياً وعبر هويته العربية من خطة "الضم"، وبالتالي هو معني
بالمواجهة.
وأضاف: "من هذا المنطلق التنسيق بين
الحالة الأردنية والحالة الفلسطينية وبين الشعب الأردني والشعب الفلسطيني وبين القيادتين
خطوة لا غنى عنها، ولا يجوز أن تواجه الصفقة من طرفين منفردين".
ويعتقد أن الاحتلال الإسرائيلي سيعمل على
زرع بذور الفتنة والتشكيك ومحاولة توصيل رسائل طمأنة للجانب الأردني على سبيل المثال،
وربما يؤجل موضوع خط ضم الأغوار، ويبدأ بضم المستوطنات كي يخفف من ردة الفعل الأردني.
وأشار الجولاني إلى رد الفعل الذي جاء من
الملك الأردني عبد الله الثاني، قبل أسابيع، واصفاً إياه بـ"المستوى العالي"
بتهديده أن تنفيذ وتطبيق خطة الضم سيؤدي إلى صدام كبير مع الأردن، وأن خيارات الأردن
في الرد على تنفيذ الخطة مفتوحة.
وقال الجولاني: "أعتقد أن هذا التصريح
واضح للإسرائيليين أنه ليس مجرد خطاب إعلامي،، وهم يتحسبون لاحتمالات أن يذهب الأردن
إلى اتجاهات ليست مرغوبة، وهم لا زالوا حريصين في تقديري حتى الآن على استمرار معاهدة
وادي عربة، والاتفاقات مع الأردن، وبالتالي يلجؤون للتجزئة وتأجيل موضوع ضم الأغوار
والأردن".
وأكد على أن المطلوب من الأردن الانتباه
إلى طبيعة خطورة المخطط الإسرائيلي "وألا يشعر بأي درجة من الطمأنينة فيما لو
أجل موضوع ضم الأغوار إلى وقت لاحق، لأن المسألة ستكون مسألة وقت وعملية قضم تدريجي".
وتوقع الجولاني تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي
خلال الشهور القادمة أجزاء كبيرة من خطة الضم، قائلاً: "المطلوب تنسيق أردني فلسطيني
على أعلى مستوى، من الناجية الرسمية ومطلوب تنسيق شعبي أردني".
وأردف بالقول: "الساحة الأولى التي
تتفاعل مع تحرك الساحة الفلسطيني هي الأردن، وهذا شاهدناه في كل المراحل، بل ربما الساحة
الأردنية في بعض الأحيان كانت تتقدم على بعض المناطق في فلسطين".
وأكد على أن الشعب الأردني يعد نفسه جزءًا
من حالة المواجهة مع خطة الضم وصفقة القرن، مؤكداً على أن نقطة البدء هي تحرك الشعب
الفلسطيني بكامل فئاته، وبكل أماكن تواجد داخل فلسطين (الضفة الغربية والقدس المحتلتين
والداخل المحتل عام 1948م وقطاع غزة".
وأشار إلى أن هذه أيضاً ليست معركة طرف
من الأطراف لوحده، بل هي معركة فلسطين بالكامل، والأمة العربية أجمع "وعلى الكل
أن يتحرك، ويصنع صدى عالميا ليتحرك العالم للتصدي لتلك الخطة".
وأشار إلى وجود حراك أردني شعبي عبر تحالف
وطني تم تشكيله في الأردن لمجابهة صفقة القرن، ويضع في صلب أولوياته موضوع خطة الضم
ومواجهتها والتعاطي معها، "والحالة الأردنية أعتقد مؤهلة لأن تتفاعل مع أي تحرك
فلسطيني".
وشدد على أهمية أن تتحول الحالة الفلسطينية
الحالية إلى عمل وتنفيذ آليات لبرامج وخطط وطنية تمثل دور المواجهة للاحتلال الإسرائيلي،
قائلاً: "المقاومة الشعبية مهمة، والمقاومة غير الشعبية مهمة،، وكل أشكال المواجهة
مع الكيان الصهيوني لها تأثير عليه".
تحرك إسلامي عربي
ودعا الجولاني إلى ضرورة وجود تحرك عربي
وإسلامي عبر جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وتفعيل البيانات والقرارات
التي اتخذتها لمساندة الشعب الفلسطيني.
وقال: "ينبغي وجود تحرك دبلوماسي على
مستوى الدول المهمة والفاعلة إسلامياً مثل تركيا وإندونيسيا وباكستان وماليزيا وإيران،
ومشاركة التحرك الأردن الفلسطيني الرافض لتلك الخطة والإجراءات الإسرائيلية".
ويرى أنه من الضروري التواصل مع دول الاتحاد
الأوروبي لتشكيل رأي عام دولي قوي يحاصر الاحتلال وخططه الخطيرة الهادفة إلى سلب الأرض
الفلسطينية وتقطيع أواصر المدن والقرى الغنية بالمواد الطبيعية والمشكلة بيئة خصبة
للأمن الغذائي الفلسطيني والأردني.