الرسام والفنان التشكيلي هاني عباس.. فنان روى بأنامله الم شعبه ومعاناتهم فنكأ الجرح وعرى كل متشدق
فايز أبوعيد - خاص لاجئ نت
فنان يروي بأنامله الم شعبه ومعاناتهم ويحاكي الواقع برسومات تعبر عن واقع مرير وأليم، هو ابن مخيم اليرموك من (مواليد العام 1977) من قرية صفورية في فلسطين، نزح يوم النكبة الثانية بتاريخ 17/12/2012 مع النازحين من مخيم اليرموك ، بدأ رسم الكاريكاتير عام 1998 نشر في عدة صحف عربية أهمها الوحدة الظبيانية وعمان العمانية والجزيرة السعودية وموقع الجزيرة نت القطري وصحيفة تشرين والثورة والنهضة السورية، كما أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية في سوريا ومصر ولبنان وفرنسا، وله أكثر من خمسة عشر معرضاً فردياً بعنوان «شخابير سياسة»، وأكثر من خمسة معارض مشتركة مع رسامين سوريين وعرب، وهو حاصل على المركز الأول لفئة الرسامين المحترفين في سورية في مسابقة الكاريكاتير السياسي في الموضوع العراقي 2003، كما شارك كعضو لجنة تحكيم لمسابقات محلية وعالمية.
هاني عباس الذي نزح إلى لبنان من مخيم اليرموك جراء الصراع الدائر في سورية عاش ألم النكبة من جديد التي عاشها أجداده يوم خروجهم عام 1948، هذا ما زاده إصراراً على الرسم ليعبر عن المصاب بلوحات كاريكاتيرية معتمداً على الأحداث المأساوية التي يمر بها اللاجئ الفلسطيني السوري بحيث يتناولها برسومات بسيطة ولكنها تلامس الوجع وتنكأ الجرح وتعري كل متشدق يتحدث عن القضية المركزية (فلسطين).
لاجئ نت كان لها الحوار التالي معه:
- حدثنا عن بدايتك.
بدأت الرسم العادي في فترة مبكرة من حياتي، ومن ثم طورت بعدها مهاراتي في الرسم بشكل ذاتي وشاركت في المعارض التي كانت تنظمها الأمم المتحدة، أنا ابن مخيم اليرموك ولدت ونشأت بين حاراته، وتشربت منذ الصغر معنى وجودنا كفلسطينيين في مخيم بعيداً عن أرضنا ووطننا، توقفت لفترة عن الرسم لاستكمال التحصيل العلمي. وفي عام 1998 بدأت أرسم الكاريكاتير السياسي.. في العتم نفسه نشر لي أول رسم في مجلة الهدف الفلسطينية.. بعدها اعتمدت على اقامة المعارض الفردية في المراكز الثقافية وكليات الجامعة...
- من الملاحظ أن رسوماتك تقريبًا تعكس الهم الفلسطيني بشكل خاص.. سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي. والسؤال وهل يمكن للمأساة أن تساهم في المسألة الإبداعية بشكل أكبر وأوسع..
اللحظات الحقيقية والصادقة في حياتنا هي لحظات الحزن والمآسي.. ونحن كفلسطينيين أخذنا النصيب الأكبر من الهم والحزن في حياتنا.. إضافة إلى أننا قد ورثنا ذاكرة أجدادنا التي تشكل زخماً إضافيا.. هذه المعانة اليومية تسهم بشكل مباشر في صياغة مفهوم صناعة الحيز الإبداعي في الشخصية الفلسطينية. وفي كافة المجالات.. ليس الفن فقط.. ولأن الفن هو الصيغة الأكثر وضوحاً وانتشاراً.. نجد بصمات المأساة الفلسطينية ظاهرة بشكل كبير في كل عمل فني.. مما تعطيه الصدق والعمق الأكبر.
- هل لك أن تصف لنا ما شعورك وأنت تضطر لمغادرة مخيم اليرموك وكيف انعكس ذلك في لوحاتك، وهل تجليات الأزمة السورية جعلتك تتجاوز خطوط حمراء أنت كنت تضعها لنفسك
هو الشعور الذي لا أستطيع وصفه،و توصيفه، شيء يشبه اقتلاع شجرة من التراب، ورميها في موقد مشتعل، فخلال فترة وجودي في المخيم تحت القصف والتي استمرت حوالي الخمسة شهور. كانت رسومي تنحى باتجاه التحدي والصمود، بعد أنا نزحنا من المخيم بدأت الرسوم تنحى نحو أزمة النزوح والتشرد الجديد، يمكنك ملاحظة ذلك من التسلسل الزمني للرسوم لدي..نحن نمر بأزمات متلاحقة ومركبة أحاول توثيقها فنياً.
- بدا واضحاً كثرة تكرار شخصيات الأطفال في أعمالك ، الطفولة الجانحة ماذا تركت من أثر في رسوماتك
الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا في الحروب، النقاء الذي يتعرض لكل تلك القسوة، الرسم بعيون طفل تعطيك رؤية بسيطة وواضحة لما يجري، لقد فقدنا الكثير من أطفالنا وتشرد الكثير منهم أيضاً، أنني دائماً أشعر بجرحهم الذي لم يعوه بعد، أنه الجرح الذي سيترك أثره بشكل واضح على مستقبلهم ومستقبل عدة أجيال من شعبنا، لاحظ براءة الطفل وهو ينظر إلى طائرة ربما تقلقي عليه صواريخها بعد ثوان..
- أكدت رسامة الكاريكاتير الفلسطينية أمية جحا أنَّ فن الكاريكاتير بات فنا مقاوما بعدما بزغت أهميته وتعاظمت مع ثورة الإنترنت والإعلام، ما رأيك في ذلك؟
فن الكاريكاتير هو بالأصل فن مقاوم، ومع ثورة الاتصالات الحديثة أصبح من الضروري استغلال هذه الثورة في الرسائل التي نريد إيصالها إلى العالم وبشكل أسهل وأسرع، وكلنا يعلم بأن الصورة أكثر تأثيراً من الكلمة والفكرة أكثر تأثيراً من الصورة قضيتنا عادلة وكان ينقصها سابقاً الوصول بشكل صحيح إلى العالم، أما الآن لا يمكن لأحد أن يمنع تدفق المعلومات والصور عبر الانترنت، لذلك علينا استغلال ذلك جيداً، أما بالنسبة لي كانت وسائل التواصل الاجتماعي من أهم القنوات التي استطعت إيصال عملي وفكرتي من خلالها، دون الحاجة لوسائل الإعلام التقليدية كالصحف والتلفزيونات التي اعتبرها ذات المساحة المحدودة في النشر والانتشار والتي تتحكم بها عقليات مؤطرة، مفهوم الحرية هو مفهوم راسخ هنا في إيصال أفكارك بمفردك،القصيدة تصنع ثورة، الحرب لا توقفها قصيدة.
ما هي أهم المؤثرات التي دفعتك باتجاه فن الكاريكاتير؟
صراحة لا ادري، وجدت نفسي مشدوداً إلى هذا الفن دون قرار مسبق، ربما بسبب مناسبته لنفسيتي وأفكاري وجدت فيه القدرة الأكبر للتعبير أكثر من اللوحة العادية ومجالاته كثيرة ومتنوعة..
- هل من الضرورة أن يكون فنان الكاريكاتير سياسياً أو محللاً في السياسة ؟ أم أنه ليس بالضرورة
من خلال التجربة تعلمت بان رسام الكاريكاتير يجب عليه الإلمام بكل شي، لا تستغرب، السياسة والاقتصاد والفيزياء وعلم النفس وغيرها من العلوم ،فهو محاسب أمام السياسي، والمثقف والصحفي والفنان، لكن الأهم من كل ذلك هو أن يكون الرسام ملتصقاً بالناس قريباً من همومهم وتطلعاتهم يعبر عنهم ويقدم رؤيته ورؤيتهم عن كل ما يجري حولنا..
- هل الكاريكاتير الناجح هو ذلك الذي يعتمد على الرمز أم المباشرة؟،.. وأيهما أكثر تأثيرا – برأيك - اللوحة التي تحتوي كلاما أو تعليقا أم تلك اللوحة الخالية من الكلام
لا يقاس الكاريكاتير بأن فيه كلام أم لا، فالمقياس الحقيقي له هو مدى تأثيره، سواء بكلام أو بدون كلام، انه يعتمد على ثقافة المجتمع الذي يوجه الكاريكاتير له، وطبيعة تحمل الكاريكاتير للكلام، أما بالنسبة لي نادراً جدا ما أكتب في الكاريكاتير، ولكن ان دعت الحاجة لا مانع في ذلم، المهم عندي هو وصول الرسالة، ولكن أقول أيضاً إن الكاريكاتير الذي لا يحتوي على كلمات ويعتمد على الرمز والفكرة والمفارقة هو أسهل بكثير بالوصول إلى العالم من الكاريكاتير المحكي..
متى سنشهد معرضاً لهاني يتحدث عن فلسطينيي سورية تحديداً؟
الشهر المقبل سأقيم معرضاً بهذا الخصوص والإعلان عنه سيكون قبل ثلاثة أيام من تاريخه، حيث سيضم المعرض خمسة وعشرين رسماً رمزياً مطبوعة بقياس كبير تحكي قصة الثورة والحرب والنزوح.