القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

الرشق: المصالحة خيار استراتيجي وليس تكتيكا مرحليا


السبت، 19 كانون الأول، 2020

أكد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عزت الرشق، أن "الهرولة نحو التطبيع هي خدمة مجانية لعدو يتربصّ بالأمَّة ومقدراتها"، داعيا، الأنظمة المطبّعة أن تراجع حساباتها ومصالحها الحقيقية، حتى لا تكون بوّابة لاختراق الأمن القومي العربي والإسلامي.

وأضاف، بأن "حماس ترى أنَّ الدول العربية والإسلامية هي عمقها الاستراتيجي، وقد استطاعت الحفاظ على علاقة متوازنة مع الجميع، بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة".

وفي حوار مع وكالة "قدس برس"، قال الرشق: إن "المصالحة الوطنية هي خيار استراتيجي وليس تكتيكاً مرحلياً، بذلت فيه حماس كل جهدها، وقدّمت في سبيله كل التنازلات من أجل إنجاحه وتجسيده على أرض الواقع".

وعن رأيه بالإدارة الأمريكية الجديدة، برئاسة جو بايدن، قال الرشق: "كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وعبر تاريخ النضال الفلسطيني كانت منحازة للاحتلال الصهيوني، وقد يختلف هذا الانحياز صعوداً أو نزولاً، لكنّه لن يكون في صالح قضية شعبنا الفلسطيني العادلة، وقد بلغ هذا الانحياز ذروته بشكل عدواني في عهد إدارة ترمب".

وتعليقا على مضي 33 عاما على انطلاقة حركته، أوضح الرشق: أن "حماس استطاعت أن تكون في قلب المعادلة السياسية الفلسطينية، ورقماً صعباً في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، سياسياً وعسكرياً، حيث استطاعت أن تزاوج بين العمل العسكري والسياسي، في تناغم وتكامل، وتمكّنت من التصدي لثلاثة حروب متتالية فرضت عليها".

وفيما يلي نص الحوار كاملاً:

-في ذكرى انطلاقة حركة حماس الثالثة والثلاثين، كيف يمكن تقييم وضع الحركة سياسياً وعسكرياً؟

حركة حماس بمنطلقاتها وأدبياتها الفكرية ورؤيتها السياسية، ومنهجها المتوازن وقرارها السيادي، وبفضل تراكم الخبرة والجهود والقوّة والإعداد والتضحيات، استطاعت أن تكون في قلب المعادلة السياسية الفلسطينية، ورقماً صعباً في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، سياسياً وعسكرياً، حيث استطاعت أن تزاوج بين العمل العسكري وبين العمل السياسي، في تناغم وتكامل، وتمكّنت بذلك من التصدي لثلاثة حروب متتالية فرضت عليها، أرادها العدو حرب كسر عظم وإنهاءَ وجود، فكانت انتصاراً وردعاً وإرغاماً لغطرسته.

ولا تزال حركة حماس في ذكرى انطلاقتها الـ33 وفيَّة لمبادئها، وفيَّة لشهدائها، وفيَّة لجرحاها وفيَّة لأسراها، وفيَّة لشعبها البطل في الداخل وفي غزة والضفة الغربية والقدس وفي الأراضي المحتلة عام 48 وفي الشتات ومخيمات اللّجوء، وفي كل شبر من أرض فلسطين، ثابتة على مواقفها الرّاسخة في مقاومة العدو حتى انتزاع الحقوق وتحرير الأسرى والمسرى، وإقامة الدولة الفلسطينية من النهر إلى البحر وعاصمتها القدس.

وخلال مسيرة حماس ذات الأعوام الـ33، والتي تحتفل في هذه الذكرى تحت شعار: (تحرير الأرض وحرية الإنسان)، مارست العمل السياسي بوعي وحكمة وفهم للواقع الفلسطيني والإقليمي وطبيعة العدو، حيث كانت المصالح العليا للشعب الفلسطيني وثوابته الوطنية في مقدّمة اهتماماتها، في محطات الانتخابات التشريعية التي اختارها الشعب الفلسطيني بأغلبية كبيرة، وفي محطات صفقة تبادل الأسرى في وفاء الأحرار، وفي محطات التصدّي للحصار الجائر، ومسيرات العودة الكبرى، ومواجهة قرارات ترمب العدوانية ومشاريع تصفية القضية الفلسطينية، عبر ما يسمّى "صفقة القرن" وخطة الضم، ومحطّات حشد التأييد والدعم والحضور السياسي الفاعل للحركة في مختلف المحافل والمناسبات، واستطاعت أن تقدّم نموذجاً سياسياً في قيادة وتمثيل الشعب الفلسطيني ونضاله وفضح جرائم الاحتلال وسياسته العدوانية من خلال العلاقات المتميّزة عربياً وإسلامياً وعلى المستوى الرّسمي والحزبي والشعبي.

كما قادت حماس المقاومة باقتدار، عبر جناحها العسكري كتائب القسّام، باعتباره حقاً مشروعاً للدفاع عن الأرض والشعب والمقدسات، وأبدعت فيه بجهود الحركة وبإخلاص وتضحيات أبطالها وبدعم من أحرار الأمَّة الإسلامية، حيث باتت الكتائب قوّة على الأرض أقضت مضاجع جيش الاحتلال، وضربت في قلوب جنوده الرّعب والخوف، مع اعتبار الفارق الكبير في القوّة المادية المتطورة التي يمتلكها الاحتلال والدعم اللامحدود والمتواصل سياسياً وعسكرياً من الإدارة الأمريكية.

وعلى الرّغم من التحديات التي تواجه الحركة من خلال الحصار الجائر المفروض عليها، والعدوان المستمر على شعبها وأرضها والقدس والمسجد الأقصى المبارك والأسرى، فإنّها ماضية في طريقها ومقاومتها ومشروعها الوطني في التحرير والعودة، حتى زوال الاحتلال بإذن الله.

-كيف تقيّمون في حركة حماس علاقاتكم العربية والإسلامية، بعد 33 عاماً على تأسيس الحركة؟

إنَّ عملية بناء أيّ علاقات سياسية مع العمق العربي والإسلامي على جميع المستويات تحكمها عدّة اعتبارات وتكتنفها جملة من التحديات ترتبط بواقع تلك الدول والبيئة السياسية والإقليمية المحيطة والتغيّرات المتسارعة في المواقف والمصالح والتحالفات.

وحركة حماس كحركة تحرّر وطني فلسطيني ليست بعيدة عن هذه الاعتبارات، فقد نسجت علاقاتها مع محيطها العربي والإسلامي (الرسمي والشعبي) على أساس الحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني ومقاومته، مع استقلالية القرار، والانفتاح على العمق العربي والإسلامي، من أجل تعزيز التعاون في كل ما يخصّ قضية الأمّة الأولى ضد عدوّها المشترك.

كما وترتبط حركة حماس بعلاقات طيّبة وناجحة مع محيطها العربي والإسلامي سواء على المستوى الرّسمي أو الحزبي.

حركة حماس ترى أنَّ الدول العربية والإسلامية هي عمقها الاستراتيجي، وتدعو دوماً وتتطلع إلى أن تراه موحّداً مستقراً، لأنَّ وحدته واستقراره وأمنه، سيعود بلا شك بالخير على حاضر ومستقبل شعبنا وقضيته.

استطاعت حركة حماس خلال مسيرتها المباركة توسيع دائرة علاقاتها السياسية والشعبية مع العديد من الدول العربية والإسلامية والحفاظ على علاقة متوازنة مع الجميع بما يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

-ماذا عن المشهد الفلسطيني الداخلي الفلسطيني، وأين تجد حماس نفسها؟

حركة حماس انطلقت من رحم الشعب الفلسطيني، فمن وسط انتفاضة الحجارة، الانتفاضة المباركة، أعلنت بيانها الأوّل، ومن قلب المعركة والمواجهة مع العدو دوّنت بأحرف من نور ميلادها الذي تحتفل اليوم بعيدها الثالث والثلاثين، فخلال هذه السنوات كانت حماس في قلب الشعب الفلسطيني تحمل قضيته وتعيش همومه وآلامه وآماله وتدافع عن حقوقه.

تولى حماس أهمية كبرى لضرورة إعادة ترتيب البيت الوطني الفلسطيني ضمن وحدة فلسطينية قائمة على برنامج واستراتيجية نضالية موحّدة تحمي الحقوق وتدافع عن الثوابت وترفض التنازل عنها أو التفريط سواء عبر التسوية السياسية أو المفاوضات التي ثبت فشلها ووصلت إلى طريق مسدود.

إنَّ استمرار الانقسام الداخلي والاستفراد بالقرار الفلسطيني خارج الإجماع الوطني يشكّل خطراً على القضية الفلسطينية، ولا حلّ إلاّ بوحدة فلسطينية حقيقية تجمع كل أطياف العمل الوطني ليشارك الجميع في المقاومة الشاملة التي تعدّ الطريق الوحيد والأسلم لتحقيق تطلعات شعبنا في التحرير والعودة.

-في ظل الهرولة العربية نحو التطبيع، ما هي رسالتكم للأنظمة والشعوب؟

التطبيع مع العدو الصهيوني هو خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وما أعلنته بعض الدول العربية خلال الآونة الأخيرة من تطبيع العلاقات برعاية أمريكية يمثّل طعنة غادرة، ليست موجّهة إلى صدر الشعب الفلسطيني فحسب، بل إلى صدر كل شعوب الأمّة العربية والإسلامية.

ماذا حصد الذين سارعوا إلى نهج سياسة التطبيع مع هذا الكيان الغاشم عبر التاريخ؟ لم يحصدوا شيئاً سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو غيره، والمؤشرات واضحة في ذلك لمن ألقى بصره وهو شهيد، إنّ الهرولة نحو التطبيع هي خدمة مجانية لعدو يتربصّ بالأمَّة ومقدراتها وخيراتها.

على الأنظمة المطبّعة أن تراجع حساباتها ومصالحها الحقيقية من المضي في مسار هذا التطبيع، لا نريد لها أن تكون بوّابة لاختراق الأمن القومي العربي والإسلامي ووحدته واستقراره، ولا نريد لها أن تكون مفتاحاً لأبواب الحصار والظلم والقتل والتشريد الذي يتعرّض له الشعب الفلسطيني. لا نريد لها أن تكون مظلة يستظل بها العدو لارتكاب المزيد من الجرائم في التهويد والاستيطان أو شمّاعة يعلّق عليها استفزازه لهوية شعبنا وأمتنا وقيمها وحضارتها. لا نريد لها أن تكون نفقاً مظلماً يمرّر من خلاله الكيان الصهيوني كل مشاريعه وقراراته في تقسيم الأقصى المبارك وطمس معالمه واستنزاف مقدرات الأمّة وخيراته.

نعتقد أنَّ هناك مسؤولية كبرى لشعوب أمتنا العربية والإسلامية في مواجهة التطبيع، وهي لا تقل أهمية عن مسؤولية الحكّام والقادة، فالتطبيع بحدّ ذاته موجّه لهذه الشعوب في محاولة لكسر هيبتها الرّافضة للعدو وكرهها لجرائمه وعدوانه على الشعب الفلسطيني ومقدساته، لتقبل بالكيان الصهيوني كجسم طبيعي تتعامل معه، بل هو كيان سرطاني خبيث.

المطلوب من شعوب أمتنا العربية والإسلامية أن تتحرّك رافضة ومندّدة بجريمة التطبيع بمختلف أشكالها، وفي جميع المستويات السياسية والإعلامية والثقافية والأكاديمية والرياضية والشعبية، دفاعاً عن هويتها وثقافتها وتاريخها التي يراد لها الطمس والتغييب، ورفض كل محاولات تجميل صورة العدو وتزيين العلاقة مع الكيان الصهيوني صاحب التاريخ الحافل بالجرائم والمجازر ليست ضد الأرض والشعب الفلسطيني بل ضد الأمَّة جمعاء.

-ما هي أبرز التحديات التي تواجهها الحركة اليوم؟

ككل حركات التحرّر الوطني والعمل النضالي المقاوم في العالم، تواجه حركة حماس جملة من التحديات على الصعيد الداخلي الفلسطيني وعلى صعيد العربي والإسلامي، أمّا على الصعيد الداخلي فهناك أصل التحدّي وهو وجود الاحتلال الصهيوني وعدوانه المتواصل عبر الحصار والاستيطان والتهويد والتهجير، وما يتصل به من تحديات في مواجهة صفقة القرن وتصفية القضية الفلسطينية، ثم يأتي تحدّي الانقسام الفلسطيني.

أمّا على الصعيد العربي والإسلامي، فهناك تحدّي حالة التشظي والاحتراب والانهيار التي تشهدها منطقتنا العربية والإسلامية ووجود اصطفافات وخلافات بينية وصراعات مستمرة وعدم الاستقرار السياسي في كل سوريا واليمن وليبيا والأزمة الخليجية، كل ذلك يؤثر على مستوى الاهتمام بالقضية المركزية للأمّة وجعلها في صلب اهتمامات وأولويات الدعم والمساندة.

أمام هذه التحديات، تعمل حركة حماس بالدرجة الأولى على تمتين البيت الفلسطيني من خلال الدفع باتجاه إنهاء الانقسام ودعم صمود الشعب الفلسطيني وتطوير أدوات المقاومة الشاملة بالشراكة والتعاون مع جميع الفصائل الفلسطينية.

كما تسعى حركة حماس إلى الانفتاح وتعزيز العلاقات مع محيطها العربي والإسلامي (الرّسمي والشعبي والحزبي) لدعم وإسناد مشروعها الوطني في التحرير والعودة.

-كيف تقرؤون تغير المشهد الأمريكي، بعد وصول جو بايدن للبيت الأبيض، وهل تعوّلون على إحداث أيّ تغيير؟

كل الإدارات الأمريكية المتعاقبة وعبر تاريخ النضال الفلسطيني كانت منحازة للاحتلال الصهيوني، قد يختلف هذا الانحياز صعوداً أو نزولاً، لكنّه لن يكون في صالح قضية شعبنا الفلسطيني العادلة، وقد بلغ هذا الانحياز ذروته بشكل عدواني في عهد إدارة ترمب، من حيث مواقفها المتطرّفة في الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان، وشرعنة سياسة الضمّ والاستيطان والابتزاز السياسي الذي مورس ضد بعض الدول العربية من أجل التطبيع مع الاحتلال.

شعبنا الفلسطيني بكل أطيافه لم ولن يعوّل على الإدارة الأمريكية الماضية أو القادمة، وإنّما يؤمن دومًا بمقدِّراته وإرادته ومقاومته سبيلًا لانتزاع حقوقه وتحرير أرضه، لا ينتظر منها شيئًا، سوى أن تكف الإدارة الأمريكية الجديدة عن انحيازها الفاضح للاحتلال الإسرائيلي، وأن تتوقف عن سياسة ازدواجية المعايير فيما يخصّ التعاطي مع شعبنا وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة.

-بعد قرار السلطة الفلسطينية العودة لطاولة المفاوضات، هل لديكم أي تواصل أو تنسيق مع السلطة، أم أنَّ قطار المصالحة توقف مجدّداً؟

تؤمن حركة حماس أنَّ البيت الفلسطيني الداخلي يجب أن يكون موحّداً في مواقفه وقراراته المصيرية ليبقى عنوان النضال والمقاومة ضد الاحتلال والعدوان، وترى أنَّ الحوار الوطني والمصالحة الحقيقية، هو المسار الصحيح للاتفاق على ترتيب البيت الوطني الفلسطيني.

المصالحة الوطنية هي خيار استراتيجي وليس تكتيكاً مرحلياً، بذلت فيه الحركة كل جهدها وقدّمت في سبيله كل التنازلات من أجل إنجاحه وتجسيده على أرض الواقع.

وكنّا قد عبّرنا عن إدانتنا الواضحة والصريحة لعودة السلطة إلى التنسيق الأمني والمفاوضات مع العدو.

لكن نحن لا نغلق الأبواب ولا تتوقف جهودنا ومساعينا لاستعادة الوحدة وإنهاء الإنقسام، لا خيار لنا غير ذلك، حتى تحقيقها خاصة في ظل المخاطر والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا.

والحركة ستواصل جهودها، وبالتعاون مع الفصائل الفلسطينية والقوى الحيّة في مجتمعنا للخروج من هذه الحالة الراهنة، وصولاً لتوافق وطني فلسطيني على برنامج نضالي مشترك للدفاع عن شعبنا ومواجهة العدو الصهيوني.