المؤرخ
الفلسطيني محمد مهدي في حوار مع "المركز الفلسطيني للإعلام": نحن بحاجة
إلى قيادة نظيفة
الخليل -
المركز الفلسطيني للإعلام
أكد
المؤرخ الفلسطيني الدكتور محمد حسن مهدي أن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى قيادة نظيفة
تؤمن بالثوابت واسترجاع الحقوق بالمقاومة من أجل التصدي لمبادرات تصفية القضية.
وقال
مهدي، في حوار مع "المركز الفلسطيني للإعلام" يُنشر كاملًا على التوازي:
"إذا كانت لدينا قيادة تؤمن بحق العودة وبالثوابت الفلسطينية من خلال
المقاومة الفلسطينية، فهناك أمل كبير أن تكون العودة عودة عتيدة ومحققه، لهذا يجب
أن نعتمد على ذاتنا، فإذا اعتمدنا على ذاتنا وأخلصنا لقضيتنا وكانت قيادتنا مخلصة
للوطن تؤمن بالثوابت الفلسطينية وتؤمن بالمقاومة عندها يتجدد الامل نحو العودة،
لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وبالتالي تصبح العودة قريبة جدًا، لكن
مهما طال الزمن فالعودة محققه إن شاء الله".
وأضاف
أستاذ القضية الفلسطينية في عدد من الجامعات إن فكرة تبادل الأراضي مع الاحتلال
الصهيوني "مرفوضة رفضًا تامًا وقاطعًا، فلا يوجد لأي إنسان حق التنازل أو
التخلي عن ذرة تراب واحدة من أرض فلسطين".
وتساءل:
"ما هو تبادل الأراضي، هل بقي لنا أراضي لنتبادل عليها، فالمستوطنات بعد
العام 93 لم تبق لنا شيئا، ماذا بقي من الضفة الغربية؟ 11 في المائة، وهذه المساحة
مجزئة فعن أي تبادل أراضي يتحدثون، من يملك حق التبادل؟، ليس هناك أي إنسان مخول
في التنازل أو التبادل عن أي شبر من أرض فلسطين. هذه الكلمة (تبادل) مرفوضة ليست
مني فقط وإنما من كل الشعب الفلسطيني لاجئين وغير لاجئين.
الأكاديمي
الفلسطيني الدكتور محمد حسن مهدي، كاتب ومؤرخ تخصص في دراسة وتدريس القضية
الفلسطينية ، ولد في بلدة العراق المنشية الفلسطينية عام 1942، هجر منها هو
وأجداده وآبائه وذويه، مرغما وتحت ضربات الطائرات الصهيونية عام 1948م ، لينتهي به
المطاف الى مخيم العروب غربي الخليل.
عبر أزقة
مخيم العروب للاجئين الفلسطينيين وفي غرفة لبيت متواضع، ملأتها الكتب والشهادات
العلمية والفخرية، جلس مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" يحاور ويحاكي
الكاتب والمؤرخ الفلسطيني الدكتور محمد مهدي فكان الحوار التالي:
* كم
كان عمرك يوم النكبة ومن أين هاجرتم وكيف ؟
- أرغمنا
على الخروج من بلدتنا عراق المنشية وكان عمري آنذاك ست سنوات، ولا زلت أذكر أيام
طفولتي ونحن نلعب في حواري القرية وأزقتها وسهولها وحقولها، وكأنها أمامي الآن ولن
تشطب من ذاكرتي ، اتحدث اليك وحرقة مريرة
والم يعتصر قلبي وأنا اتذكر مشهدد خروجنا من بلدتنا مرغمين تحت
قصف
الطائرات والمدافع والقذائف التي قتلت الكثير من ابناء بلدتنا قبل خروجهم منها
وهذا هو الذي اجبرنا على الرحيل منها.
* كيف
خرجتم من بلدتكم في حينه؟
- خرجنا
مشيًا على الأقدام باتجاه مدينة الخليل، ونحن نحمل فوق ظهورنا أمتعتنا وكان آبائي
وأجدادي وأعمامي يحملون على اكتافهم الاطفال وكبار السن المرضى وبعض الطعام
والأغطية، وكانت رحلتنا خطيرة خشية من العصابات الصهيونية التي كانت تطارد
المهاجرين وتقتلهم، حيث تعرضنا للموت في أكثر من مكان خلال رحلة النكبة المأساوية،
وذلك عندما اطلقت العصابات الصهيونية النار علينا في منطقة تسمى (المقحز). واستمر
الحال بنا إلى أن وصلنا منطقة العروب في محافظة الخليل.
* كم
كان لهذه الرحلة التراجيدية من أثر في نفسك وحياتك؟
- هذه
الأحداث الجسام زرعت في نفسي ومنذ الصغر إصرارا على تأريخ احداثها ومآسيها وذكرياتها
، لذلك قررت دراسة التاريخ وبالأخص تاريخ القضية الفلسطينية، فحصلت على
البكالوريوس في التاريخ من جامعة الاسكندرية وأكملت دراستي العليا في بيروت فحصلت
على الماجستير والدكتوراه، ودبلومات عليا اخرى ، فحصيلتي العلمية ستة شهادات
اكاديمية، ولحبي وعشقي لدراسة تاريخ قضيتي تفرغت لدراسة تاريخها وتحولاتها
وتعليمها للأجيال، فاصبحت استاذا لتاريخ القضية في جامعة الخليل وجامعة القدس
المفتوحة وجامعة بيت لحم، ورحبت بي الجامعة الاسلامية في قطاع غزة، إلا أن رفض
سلطات الاحتلال اعطائي تصريحا للوصول الى القطاع حال دون ذلك.
لقد خدمت
القضية الفلسطينية من خلال ترسيخها في أذهان الطلبة أربعين عامًا في مدارس وكالة
الغوث ومؤسساتها، وقرابة العشربن عاما في الجامعات الفلسطينية ، فكنت رسولا لخير
قضية.
* كيف
يرى الدكتور محمد مهدي مستقبل اللاجئين الفلسطينيين بعد 65 عاما من النكبة؟
- اللاجئ
الفلسطيني بغض النظر عن الغربة والشتات والنكبة التي بعثرته في شتى بقاع الأرض،
إلا أنه بقي متمسكا بأرضه، يعيش على الذكريات العظيمة التي لا تزال عالقة في ذهنه،
فهناك علاقة وجدانية بين اللاجئ الفلسطيني
و أرضه، كيف لا وهي مسقط رأسه لا يمكن في أي يوم أن ينساه أو يحيد عنه، لهذا
فاننا متمسكون في وطننا وارضنا مهما طال
الزمن ومهما غلت التضحيات، ولكن للأسف ضعف الأمة العربية وعدم اهتمامها بالقضية
وكذلك العالم الاسلامي ادى الى حالة من الخور والركون والمذلة، ومع ذلك لم تضعف
إرادة الفلسطينيين وخاصة اللاجئين منهم في المطالبة بحقهم في عودتهم، هذا الحق
الذي لا يمكن أن يسقط بالتقادم، نحن مررنا بكل مراحل البأس والعذاب لأننا أصررنا
على حقنا في العودة وعدم التنازل عنه لذلك فاننا على قناعة بان حقنا في وطننا
وارضنا لن يضيع.
* هل
بقي حق العودة ثابتا، أم أصبح متغيرا؟
- حق العودة سيبقى ثابتا، ولن يستطيع أي إنسان
مهما كان موقعه أن يتنازل عنه، وليس هناك من يملك حق التنازل عن حق العودة، فهو
ليس حق لشخص واحد وإنما هو حق لشعب واجيال بأكملها، فمهما كان موقع الإنسان ومهما
كان يحمل من المناصب فلا يسمح له بالتنازل عن حق العودة ، حتى ولو كان هذا الشخص
يمثل الشعب الفلسطيني.
* ما
هي الأزمات التي يعاني منها اللاجئون
الفلسطينيون؟
-
المعاناة والازمات داخل المخيمات الفلسطينية وفي كل مكان يوجد فيه لاجىء موجودة
وقائمة، فالوضع الاقتصادي سيء للغاية والظروف المعيشية في أسوء حالها، ورغم كل ذلك
بقي اللاجئ الفلسطيني صامدا صابرًا رافعًا رأسه نحو السماء يؤمن بحقه في ارضه
وقضيته ، يدافع عن ثوابته ولا يتنازل عنها ولا يسمح لأحد ان يعصف بها.
*
ماذا تقدم دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير للاجئين والمخيمات.. وهل هي
حقيقية أم مسمى؟
- وأنا
هنا أتساءل أيضا ماذا قدمت دائرة شؤون اللاجئين لهم، لم تقدم شيئا، تصور يوجد
عندنا مجموعة من الطلاب داخل المخيم فقراء ويحتاجون إلى أقساط جامعية كي يكملوا
تعليمهم، ولم يستطيعوا تأمينها ولم تقدم لهم لا دائرة شؤون اللاجئين ولا غيرها أي
دعم، لذلك اضطروا لتأجيل الدراسة عام بعد عام من اجل العمل وتامين المبلغ المطلوب
، فعن أي خدمات تتحدث، هل تقصد التحسينات التي حصلت في المخيم، نحن لسنا ضد
التحسينات، ولكن هذا لا يعني أنها قدمت الخدمات الضرورية للاجئين الفلسطينيين في
المخيمات، فقطاع التعليم مهمش وقطاع الحالات الاجتماعية من الفقراء كذلك مهمش، فلا
يوجد أي خدمات أو اهتمام باللاجئ الفلسطيني مع كل الأسف.
* كيف
تنظرون كلاجئين للعودة إلى المفاوضات في ظل تغول الاستيطان والهيمنة على الأرض؟
- أنا
لست ضد المفاوضات ولكن بشرط أن تكون هناك مقاومة تحمي هذه المفاوضات، مفاوضات دون
مقاومة لا يمكن ان تنجز شيئا ، فها نحن من عام 1993 إلى اليوم ومن اتفاقية مدريد
إلى أوسلو، ماذا حققنا بالمفاوضات؟ لا شيء، لأنه لا يوجد مقاومة تحمي المفاوضات.
نحن بحاجة إلى مقاومة تحمي هذه المفاوضات، لان الجانب المهم في الصراع هو المقاومة
فعدونا لا يعرف سوى لغة المقاومة.
* ألا
تشعر أن مسألة تبادل الأراضي، هي مسالة خطيرة تجري على حساب أصحاب الحق من لاجئين
ونازحين؟
- هذا
الموضوع مرفوض رفضا تاما وقاطعا، فلا يوجد لأي إنسان حق التنازل أو التخلي عن ذرة
تراب واحدة من ارض فلسطين. ما هو تبادل الأراضي ، هل بقي لنا ارضي لنتبادل عليها،
فالمستوطنات بعد العام 93 لم تبقي لنا شيء، ماذا بقي من الضفة الغربية؟ 11% وهذه
المساحة مجزئة فعن أي تبادل أراضي يتحدثون، من يملك حق التبادل؟، ليس هناك أي إنسان
مخول في التنازل أو التبادل عن أي شبر من اراضي فلسطين. هذه الكلمة (تبادل) مرفوضة
ليست مني فقط وإنما من كل الشعب الفلسطيني لاجئين وغير لاجئين.
*
أمام المبادرات التصفوية.. هل هناك أمل في العودة إلى ما احتل عام 1948؟
- نحن
بحاجة إلى قيادة نظيفة، إذا كانت لدينا قيادة تؤمن بحق العودة وبالثوابت
الفلسطينية من خلال المقاومة الفلسطينية، فهناك أمل كبير أن تكون العودة عودة عتيدة ومحققه، لهذا يجب أن نعتمد
على ذاتنا، فإذا اعتمدنا على ذاتنا وأخلصنا لقضيتنا وكانت قيادتنا مخلصة للوطن
تؤمن بالثوابت الفلسطينية وتؤمن بالمقاومة عندها يتجدد الامل نحو العودة، لأن ما
أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وبالتالي تصبح العودة قريبة جدًا، لكن مهما طال
الزمن فالعودة محققه إن شاء الله.