الناعمة جوهرة من جورة الذهب
عبير نوف – (قلم)
كغيرة ممن لم يعهد وطنه ويترعرع فوق أرضها يتفيّء بفيئها ويلعب بحصاها،لكنّه حمل ارضه حلما وذكريات أبيه وصيّة، سمع عنها بأنها جوهرة، فجال باحثا عن سرّ الأرض من جدوده ومسنين قريته "الناعمة" قضاء صفد فلسطين، هذه المنطقة الممتدة من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي على مسافة كيلو متر ونصف، حيث تقع في سهول غور الحولة.
قرية تحمل أسماً وأراد الدهر أن تكون مُسمّا في قلوب اهلها فهي الجميلة المشتهاة، التي أشتهاها كمال جمعة مشيرفة (أبو فادي) أبن هذه القرية الذي وُلد تحت سماء فلسطين وخرج منها في العام نفسه نكبة عام 1948، تربى في مخيّم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين متلقّيا دروسه الأولى في مدارس الأنروا ليكمل المرحلة الثانويّة في مدرسة الأتحاد – صور، تمّ يتابع مسيرة حياته في العمل الأجتماعي والثقافي منذ السبعينات حتى إستمراره الى هذا اليوم في جمعية الحولة الأجتماعية، ليضع بين أيادينا كتابه الناعمة جوهرة من جورة الذهب بمادّة غنيّة كغنى أرضه وأهميتها الأقتصادية، تحدث بلسان المسنين عن الزرع، والأفراح والأتراح، عن الحب، عن ظلم المحتل والأقطاع، عن النضال ضد المحتل، عن شراء السلاح للدفاع عن الأرض والشعب.
ولمعرفة تفاصيل الكتاب قصدنا الكاتب مشيرفة مكان عمله مكتبة سهيل صباغ العامة في مخيم برج الشمالي فجرى الحوار على الشكل التالي:
ما سبب إختيارك "الناعمة جوهرة من جورة الذهب" كعنوان للكتاب؟
العنوان تاريخيا لن يكتب الكثير عن قرى شمال فلسطين الاّ القليل، فقرى منطقة الحولة لم يكتب عنها تفصيليا، ولكن من خلال مطالعتي للكاتب المؤرّخ اللّبناني سلام الراسي بمجلده الأول للأعمال الكاملة سمّى الحولة بجورة الذهب لغناها وخصوبتها، وغنى مياهها ومطمع الصهاينة بها ومحاولة جر مياهها الى بئر السبع للأستغلالها . فهذه المنطقة غنيّة بسبب الترسّبات حيث يتم الزراعة بها على مدار ثلاث مواسم وأنّ الصهاينة أعتمد طرد الفلاح من أرضه وإفتعال المجازر عام 1948 وطرده من أرضه كي لا شيء يربطه بالمكان، فأطماعهم بفلسطين كل فلسطين.
متى بدأت بأعداد كتابك وما هي المصادر التي إعتمدتها؟
فكرة الكتاب بدأت في عام 1997 بمشاركتي في تسجيل الذاكرة الفلسطينيّة ما قبل 1948 في مركز جنى لمعتز الدجاني ببيروت، ومن خلالها أستطعت تسجيل مقابلات مع حوالي 11 مسن من قرى مختلفة، ولهذا قررت أن أوثّق هذه الذاكرة في كتاب خوفا من تلاشيها فتناولت مواضيع عديدة وما يميّز كتابي الأبواب الشعبيّة التي من الممكن أن ينساها الشباب كالعادات والتقاليد والعلاقات الطيبة بين الأهالي وكرم الضيافة والمشورة وأحترام الصغير للكبير كل ما يميّزنا ويحسدنا الغرب عليه التي تتلاشى مع مرور السنين .
أمّا المصاعب التي واجته فقال "المصادر قليلة فهناك كتاب مصطفى العبّاسي وسلام الراسي، وشفيق رشيدات بالأضافة الى كتاب الأستاذ محمود بركة الذي سيقدّم كتابي قبل نهاية السنة بالأضافة الى غيرهم من الكتاب لكن كل هذا لم بكفي فأردت التعمق في واقع العيش في بلادنا، لكن ما عوض عنها المسنين التي أظهرت مدى تمسّكهم بأرضهم.
ماهو أكثر موضوع تعمّقت به في الكتاب وأحسست أنّه يمسّك؟
المعاناة التي نعيشها الأن، هو نفس الالم الداخلي الذي يعيش بها المسنون حين يقولون " يا محلى خيرات بلادنا، يا ريت ترجع أيام زمان، الحنين الدائم والأمل في عيون المسنيين للعودة الى الوطن، الحديث عن عادات بلادنا كل هذه المواضيع تمسّني في العمق وخوفي من ان ينساها الأجيال والشباب دفعني للتركيز على مدى تعلّق جدودنا بهذه الأرض الطيبة.
من شجّعك على إصدار الكتاب؟
في البداية كان بمجهودي الشخصي، أماّ لاحقا كان الفضل الدكتور الجامعي أنور موسى فقدّم لي بعض التوجيهات، بالأضافة الى الأستاذ جهاد دكور والأستاذ محمود دكور الذي تابعني لغويا فهو له الفضل الكبير الذي يشكر عليه.
كونك كنت مرافق الشهيد الرئيس أبو عمّار في فترة زمنيّة محدّدة وكونك أبن القرية التي تتحدث عنها في كتابك لماذا لم تدوّن هذه المرحلة في الكتاب؟
إذا وجدت إقبال على هذا الكتاب وأستفاد منه الشباب سوف أكتب مرحلة بعد الشتات المرحلة التي مرّ بها شعبنا، من قتال وقصف ودمار ومجازر.
وإذا تمّ نقد الكتاب بطريقة أغناء الكتاب سوف يكون هناك طبعة ثانية للأضافات والتعديل. وأحب أن اوضح بأني لا ابغي الريح من الكتاب بل هو تقدمة مني الى شبابنا وهو من تمويلي الشخصي وسوف أهدي كتابي الى المكتبات العامة.
ما هي الرسالة التي توجهها الى الشباب الفلسطيني؟
بلادنا أسمها فلسطين، لا الضفّة ولاالقطاع،بلادنا الضفة والقطاع وأراضي 48 من البحر الى النهر وعدونا واحد أسرائيل وأعدوا له ما أسنطعتم من قوة، وغزّة لمّا تسلّحت أنتصرت ونحن كشعب فلسطيني إذا توحّدنا وتسلّحنا بننتصر، فلسطين أمانة في أعناقكم وتنتظر منّكم الكتير.. خاتما أمنيتي الوحيدة أن أعود الى وطني فلسطين كي أموت وأدفن في ترابها.