متابعة – لاجئ نت || الجمعة، 17 أيلول،
2021
رغم مرور 39 عاما على مجزرة "صبرا
وشاتيلا" التي ارتكبت بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إلا أن مشاهد الذبح
والقتل واغتصاب النساء لا تزال راسخة في أذهان من عاش تلك الأيام.
ووقعت تلك المجزرة الأليمة في مخيمي
"صبرا" و"شاتيلا" للاجئين الفلسطينيين غربي العاصمة اللبنانية
بيروت، في 16 سبتمبر/ أيلول 1982، واستمرت لمدة 3 أيام، خلال فترة الاجتياح الإسرائيلي
في العام نفسه، والحرب اللبنانية الأهلية (1975 ـ 1990).
وبدأت المجزرة مع شروق الشمس بعد أن فرض
الجيش الإسرائيلي حصارا على أبواب المخيمين تمهيدا للاقتحام، وذلك بعد أن سهّل الطريق
أمام "مليشيا حزب الكتائب" اللبنانية المسلحة، الشريكة في الهجوم، إضافة
إلى "جيش لبنان الجنوبي" الذي كان له دور أيضا فيما جرى.
وكانت هذه المليشيا مكونة من منتمين لـ"حزب
الكتائب اللبناني" المسيحي اليميني، إضافة إلى مليشيا "جيش لبنان الجنوبي"،
وقُدر عدد الضحايا بين 750 و3500 قتيل، أغلبهم من الفلسطينيين.
وتبلغ مساحة "صبرا" و"شاتيلا"
نحو كيلومتر مربع واحد، فيما يقدر عدد سكانهما اليوم بحوالي 12 ألف شخص (رقم غير رسمي)،
من بين 12 مخيما للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
ويستذكر الفلسطيني محمد سرور (56 عاما)
أحد الناجين من "صبرا وشاتيلا"، ملابسات هذه المجزرة والأيام المرعبة التي
مرت عليه وعلى عائلته.
ويقول: "المجزرة اندلعت فجر 16 سبتمبر
(1982) في حوالي الساعة الخامسة والنصف فجرا، وأخذ المعتدون من محيط المخيمين طريقاً
للهجوم، حيث كان التنكيل والذبح وإطلاق النار كما الاغتصاب سيد المشهد".
ويتابع سرور: "في صباح الجمعة 17 أيلول
التقى بشخص قال له إنهم قتلوا أبا أحمد سرور وأولاده، لم يكن يعلم أنني ابنه، توجهت
إلى مستشفى غزة، كان أخي يبكي، سألت شقيقتي نهاد عن والدي وأشقائي فلم تستطع الإجابة،
أخبرتني أنه حوالي الساعة الخامسة صباحاً، كانت والدتي تعد الفطور من دون أن تعلم بوجود
مجزرة.
صعدت جارتنا ليلى مجذوب إلى الطابق العلوي برفقة
أخي نضال، حينها رآها المسلحون وصرخوا: بعدكم طيبين؟ انزلوا، طلبوا منها أن يتحدثوا
إلى والدي، سألوه إن كان يحمل السلاح والمال، وطلبوا من الجميع الوقوف على الحائط وبدأوا
بإطلاق النار، مات والدي! كان أخي نضال مختبئاً خلف الخزانة لكنهم أصابوه، فيما تظاهرت
أمي وشقيقاتي بالموت، فغادر المسلحون، حينها سارعت والدتي إلى اصطحاب أختي نهاد إلى
المستشفى".
ويضيف سرور، "الجثث كانت مكدّسة فوق
بعضها البعض، أحياء تم هدمها فوق رؤوس قاطنيها الأبرياء، نساء بُقرت بطونها، نساء قطّعت
أثدائهن، أطفال صلبوا، رجال قطّعت رؤوسهم وعُلقّت على الأعواد، شيوخ حرقوا، جثث رميت
على أطراف الطرقات، تلك المشاهد تراودني كلّ يوم، أسعى إلى نسيانها لكنّ الجرح والجرم
أكبر بكثير".
ويضيف سرور: "لم يسلم منهم لا الإنسان
ولا حتى الحيوان، فقد قاموا بذبح حصان لأحد الأشخاص، وبشكل تقريبي كان عدد الضحايا
قد وصل إلى 3500 شخص بين مفقود ومقتول، وبعضهم معتقل".
وعن أكثر المشاهد التي ما زال رعبها يرافق
سرور يقول: "صورة جاري أحمد، الذي تعرض للذبح، ووُضِع رأسه على عصا في منتصف الشارع،
حيث وبالرغم من أنني قد خسرت عائلتي بكاملها في هذه المجزرة، إلا أن مشهد ذبح أحمد
ما زال يرافقني حتى اليوم".
وعن دوافع المجزرة يتابع: "كان السبب
الرئيسي حينها مقتل بشير الجميل، حيث كانت أصابع الاتهام متجهة دوما نحو الفلسطينيين
أنهم هم من اغتالوه، وهذا الذي لم يحصل" وفق قوله.
والجميّل، سياسي من "حزب الكتائب"،
انتخب رئيسا للبنان واغتيل في بيروت قبل تسلمه المنصب عام 1982، وفي أكتوبر/ تشرين
الأول 2017، أصدر القضاء اللبناني، حكما غيابيا بالإعدام على المتهمين باغتياله، وهما
اللبنانيان حبيب الشرتوني ونبيل العلم.
كما يعتبر سرور أن "الجريمة انتقام
لعملية ميونخ وعملية دلال المغربي (مقاتلة فلسطينية نفذت عملية اختطاف حافلة إسرائيلية
عام 1978 وقتلت فيها) والتي حصل على إثرها اجتياح عام 1978".
وعملية ميونخ هي عملية احتجاز رهائن إسرائيليين
حدثت أثناء دورة الأولمبياد الصيفية المقامة في ميونخ الألمانية من 5 إلى 6 سبتمبر
1972، نفذتها منظمة أيلول الأسود (فلسطينية مسلحة) وكان مطلبهم الإفراج عن 236 معتقلاً
في السجون الإسرائيلية.
وبدأ الفلسطينيون باللجوء إلى لبنان بعد
"النكبة"، وهو مصطلح يطلقونه على عملية تهجيرهم من أراضيهم، على أيدي
"عصابات صهيونية مسلحة" عام 1948، وإقامة دولة إسرائيل.
ويعيش في لبنان 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا،
في 12 مخيما و156 تجمعا، بحسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية عام
2017.