الخميس، 18 حزيران، 2020
نشطت في الآونة الأخيرة، العلاقات الثنائية الفلسطينية-اللبنانية، في سبيل تحقيق نتائج ملموسة تخرج بإقرار القوانين المرتبطة بالحقوق الفلسطينية في لبنان، وتحسين ظروفهم المعيشية والاقتصادية.
وكالة"قدس برس"التقت بممثل حركة حماس في لبنان، ومسؤولها السياسي أحمد عبد الهادي، وبحثت معه مطولًا في اللقاء الذي جرى بين الحركة ورئيس الوزراء اللبناني، حسان دياب، وفي الأمور الفلسطينية الداخلية من جهة، والعلاقة مع الأحزاب اللبنانية من جهة أخرى، وماهية الخطط الموضوعة لمواجهة الانهيار الاقتصادي المحدق في لبنان، الذي سيتأثر فيه لا محالة اللاجئين الفلسطينيين، وعن دور وكالة الأونروا في ظل هذه الأزمات.
لقاء حماس برئيس الحكومة اللبنانية:
وقال عبد الهادي، في حديثه مع "قدس برس"، إن "اللقاء كان مهمًا جدًا، حيث بحثنا بعدة ملفات من بينها، التخوفات التي أثارها رئيس الحكومة اللبنانية، عن مساعٍ إسرائيلية لزعزعة الساحة اللبنانية، من أجل تمرير ملف ضمّ أجزاء من الضفة الغربية”.
وأكد أن "الكيان الصهيوني قد يستغل الأوضاع في لبنان، عبر استعمال الساحة الفلسطينية أيضًا”.
وحذر: "من معلومات حصلت عليها قيادة الحركة، تشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع القيادة الأمريكية يسعون إلى توتير الأوضاع في لبنان، لتمرير مشاريع تضر بالقضية الفلسطينية”.
وأضاف عبد الهادي: "أوضحنا في اجتماعنا مع الرئيس دياب، مخاطر مشروع الضمّ، وبينا خطورته، مؤكدين له: "أننا في حركة حماس قد اتخذنا خيار مواجهة القرار بموقف فلسطيني موحد”.
وتابع: "كما ناقشنا معه، دور رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في استئناف عمل هيئة العمل الفلسطيني المشترك، والتي قد استأنفت عملها منذ يوم الثلاثاء الماضي، وأطلعناه على أهمية دور الهيئة في مقاربة ملفات العمل الفلسطينية وقضايا الشعب الفلسطيني للخروج بموقف فلسطيني موحد”.
واستطرد:"كذلك تناول اللقاء الحقوق الإنسانية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين وسبل تحصيلها”.
وأوضح عبد الهادي: "أطلعنا رئيس الحكومة، على الجهد الذي بذلناه كفصائل فلسطينية، من خلال هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وبالتنسيق مع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ومع الأحزاب والكتل النيابية الوازنة في لبنان، على إثر الإجراءات التي قامت بها وزارة العمل اللبنانية، بإلغاء قرارها القاضي باستحصال الفلسطيني على إجازة عمل، بالإضافة لطرح قانون حق التملك للفلسطينيين، فطلبنا منه بعضًا من الجهد في هذا السياق”.
واسترسل: "استفسر الرئيس دياب عن موقف رئيس مجلس النواب اللبناني من مشاريع القوانين، فأجبناه: الرئيس نبيه بري موافق عليها، كذلك الرئيس سعد الحريري كان موافقًا، ومعظم الكتل الوازنة أبدت موافقتها أيضًا، وعلى إثر ذلك، طلب دياب منّا متابعة الموضوع، مؤكدًا، على أنه سيساهم في تسهيله”.
أما فيما يتعلق بوكالة الأونروا، فأشار عبد الهادي: "طلبنا من الرئيس دياب، التقدم لعقد اتفاقية (مقر) بين الحكومة اللبنانية ووكالة الأونروا، وهو أمر حاصل في الأقاليم كافة التي تنتشر فيها الوكالة، وتخول هذه الاتفاقية الدولة المضيفة، بأن تراقب وتتابع وتلاحق أعمال الأونروا، وأن تتأكد من التزامها بالمعايير الدولية وسياساتها التي أنشأت على أساسها"، الأمر الذي أثار استغراب رئيس الوزراء دياب، "بعدم وجود هكذا اتفاقية بين لبنان ووكالة الأونروا”.
وبين عبد الهادي، للرئيس دياب، أنّ "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني قد تقدمت في الوثيقة الأخيرة التي رفعتها للحكومة اللبنانية السابقة، بتوصية لتنفيذ هذه الاتفاقية"، عندها وعد دياب: "سنقوم بمتابعة الموضوع”.
كذلك كشف عبد الهادي أن اللقاء تناول أيضًا، "قرار منع البناء العمراني في المخيمات، على إثر قرار صدر عن الحكومة اللبنانية ويشرف على تطبيقه الجيش اللبناني، فتمنينا عليه إلغاءه ومراعاة الفلسطينيين، خاصة مع وجود قرار مرادف بمنع الفلسطيني من تملك شقة سكنية”.
وتقدمت حماس بطلب إلى رئيس الحكومة اللبنانية، "بأن يشمل قرار العفو العام الذي يجري العمل عليه في البرلمان اللبناني، الفلسطينيين"، فطمأن دياب: "أن القانون متعلق بالعفو عن جميع الجرائم، دون البحث في جنسيات أصحابها، أكانت لبنانية أم أجنبية”.
وختم عبد الهادي، أن "الحركة تقدمت بطلب الحصول على إيعاز للأجهزة الأمنية اللبنانية، للتعاون مع الفصائل الفلسطينية، لاستكمال مسألة تسليم وملاحقة تجار المخدرات، والتي كانت قد حققت تقدمًا كبيرًا في الفترة الأخيرة وأثمرت عن اعتقال 9 من كبار التجار في مخيم برج البراجنة، بالإضافة إلى عشرات آخرين في مخيمي شاتيلا والرشيدية”.
وكان وفد من حركة حماس، برئاسة ممثلها في لبنان، أحمد عبد الهادي، قد التقى يوم السبت الماضي، برئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، في مكتبه بمقر رئاسة الوزراء، في العاصمة اللبنانية بيروت، تناول اللقاء عددًا من النقاط على الساحتين اللبنانية والفلسطينية.
على مستوى العلاقات مع الأحزاب اللبنانية:
بيّن عبد الهادي، أن "علاقة حركة حماس جيدة مع مختلف الأحزاب، وفي مقدمتها، حزب الله، إذ وصفها بالوطيدة، كذلك على ذات المنوال، علاقتنا مع حركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب القومي السوري، وجميعهم يملكون كتلًا أو نوابًا داخل مجلس النواب”.
واستدرك: "كذلك بإمكاننا السعي لإحداث تقارب في العلاقة مع التيار الوطني الحر، على إثر علاقتنا مع حزب الله”.
وأكد: "أنّ حزبي القوات والكتائب اللبنانية، تكاد تكون العلاقة شبه مقطوعة، والسبب يعود لفيتو شعبي فلسطيني على حزب القوات، حيث لا يستسيغه الشعب الفلسطيني، نتيجة لأحداث قديمة، لكنه لا مانع لدينا كحركة أن نلتقي بنوابهم من حزبي الكتائب أو القوات”.
وذكر عبد الهادي: "هذه العلاقات الجيدة مع الأحزاب اللبنانية، نحاول أن نستثمرها في سبيل تحصيل حقوقنا الفلسطينية داخل الدولة اللبنانية، وقد كنّا على بعد خطوات أخيرة من الحصول عليها، إلا أن استقالة حكومة الحريري أعادنا لاستئناف الجهود من جديد، وإعادة التواصل فيما بيننا بجهد فلسطيني مشترك”.
واقع الأونروا في لبنان:
فيما يخص التعامل مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، تحدث عبد الهادي، عن "منحى في التعامل مع الوكالة ضمن استراتيجية من شقين، الأولى: التمسك فيها وبوجودها، وهو شق سياسي، كونها الشاهد الوحيد والحي على قضية اللاجئين الفلسطينيين والضامن لحق العودة، فنحن مستعدون بأي وقت أن ندافع عن وجودها في ظل الهجمة الصهيوأمريكية عليها ومحاولة شطبها وإلغائها”.
وتابع: "أما الشق الثاني: فالدفاع عن الوكالة، لا يلغي أن نقف معها عند تقصيرها في تقديم خدماتها، فمنذ فترة، ونحن نلحظ التقليصات التي تقوم بها، وبدأنا ممارسة ضغوطات عليها خلال فترة كورونا وسبق كذلك مع بدء الأزمة الاقتصادية، فقمنا بالضغط كتحالف قوى فلسطينية وحركة حماس، وأثمرت جهودنا بتنفيذ عدد من المشاريع من بينها تنفيذ مركز سبيلن وإعداد برنامج الطوارئ”.
وأردف عبد الهادي، "قدمنا طرحًا لوكالة الأونروا، كي نكون شركاء معهم في المسؤولية، الأمر الذي يخفف من العبء عليهم، وهذا الأمر مبني على حصول تفاهمات أساسها الشفافية في العمل بيننا في سبيل تأمين احتياجات الشعب الفلسطيني”.
الصورة الأمنية عن المخيمات:
وأكد عبد الهادي، أن "الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عن المخيمات الفلسطينية، قد جرى العمل على تغييرها، حيث بذل الفلسطينيون جهدًا كبيرًا في مواجهة التحديات التي نتجت عن الأحداث في المنطقة وبالذات في سوريا، والمجموعات المتطرفة والإرهابية التي عمدت إلى الدخول إلى لبنان، فقمنا بمنعهم من استخدام المخيمات كملاذ أو كنقطة انطلاق لتنفيذ عمليات للإضرار بالأمن والاستقرار في لبنان”.
وشدد على أنّ "مشروعًا تدميريًا كان يستهدف المخيمات الفلسطينية في فترة سنوات ليست ببعيدة، حيث كان المطلوب شطب المخيمات، خصوصًا الكبيرة منها، بالأخص مخيم عين الحلوة، فحافظنا على بقائها وتعاونا مع الدولة بكل مؤسساتها لهذا الغرض، واليوم الكل يشهد أن المخيمات هي أكثر أمنا من الواقع اللبناني حتى”.
وأشار إلى أنه "ومع تطور الأحداث في لبنان، نتخوف من خلط الأوراق وتدخل جهات معادية، قد تستخدم العنصر الفلسطيني، وعليه ناقشنا هذا الموضوع مع الجهات اللبنانية، ومن خلال هيئة العمل الفلسطيني المشترك، وتحت عنوان، "الأمن في المخيمات"، واتفقنا على ضرورة تفعيل القوة الأمنية في المخيمات وأن نحافظ على حيادية المخيمات، كي لا يستخدمها أحد ضمن أجندات تخدم مصالحه.
الرؤية الإنمائية للمخيمات:
وحول وجود خطة إنمائية لتطوير البنى التحتية في المخيمات، أو تحسين الواقع العمراني في المخيمات، علّق عبد الهادي: "هذا موضوع كبير ويتطلب جهدًا وإمكانات كبيرة، وله علاقة بالبعد الاجتماعي والبيئي والصحي وكيف نتعاون مع الدولة والأونروا، للخروج برؤية شاملة تسهم في تحسين الواقع”.
وأسهب: "هذا لا يلغي أن يكون للفصائل برامج خاصة، تستغل فيه الفرص المواتية لتقديم خدمات لتحسين المخيمات، من خلال مشاريع إنمائية ومساعدات مادية"، لكن أوضاعنا كفصائل فلسطينية عامة صعبة جدًا، خاصة عند الخوض بالأمور المالية.
العلاقات مع الفصائل الفلسطينية:
أوضح: "علاقتنا مع الفصائل الفلسطينية ممتازة جدًا بما في ذلك حركة فتح”.
وتابع: "الفصائل منقسمة ضمن أطر، فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وتحالف القوى الفلسطينية، وهناك القوى الإسلامية وأنصار الله، تربطنا معهم علاقات وثيقة، خاصة على صعيد فصائل التحالف، كوننا جزءًا منهم ونجتمع معهم باستمرار”.
"أما العلاقة مع فصائل المنظمة، فعلاقتنا هي الأخرى جيدة ولكن بتفاوت، فالعلاقة مع الجبهتين الشعبية والديمقراطية ربما أفضل منها من العلاقة مع جبهة التحرير العربية، وفي القيادي بحماس"، وفق عبد الهادي.
أما بالنسبة للعلاقة مع حركة فتح، فبيّن القيادي في "حماس"، أنه "ومنذ وقوع الانقسام الفلسطيني، حصل اتفاق بيننا وبين فتح، من أجل تحييد الساحة اللبنانية عن الخلافات الحاصلة مركزيًا، وذلك يعود لسببين، الأول: عدم قدرة شعبنا على تحمل هكذا خلافات، فيما يعود الأمر الثاني: إلى رفض أشقائنا في لبنان، لوقوع خلاف فلسطيني قد يؤثر على الأمن اللبناني”.
هل من خطة طوارئ لإنقاذ الشعب الفلسطيني في حال حدوث انهيار في لبنان؟:
أكد عبد الهادي أن "الأصل أن تقوم وكالة أونروا بدورها، خاصة خلال الحالات الطارئة، عبر رفع طلب للدول المانحة من أجل تقديم مساعدات عينية وإغاثية للشعب الفلسطيني، الأمر الذي حصل في كل المحطات السابقة، كفترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان أو الاجتياح الإسرائيلي”.
أما على صعيد الفصائل، بيّن أنه وعلى الرغم من أوضاعنا المالية الصعبة، نحاول جاهدين تأمين مشاريع اقتصادية وتنموية للشعب الفلسطيني، عبر التنسيق مع عدد من الدول من بينها تركيا وقطر واندونيسيا وماليزيا وغيرها”.
وأعلن عبد الهادي: "سنشهد قريبًا تأمين مساهمات عينية تقدمها بعض الدول الصديقة للشعب الفلسطيني، بعضها ستكون مشاريع تنموية وأخرى عينية، بالإضافة إلى أننا نتواصل مع بعض رجال الأعمال الفلسطينيين، حتى يكون لهم دور ومساهمة في النهوض في الواقع الاقتصادي لمخيماتنا”.
شعبية حماس في لبنان:
ذكر عبد الهادي أن "هذا السؤال يسأل لغيرنا، لكن تقديراتنا من خلال المجتمع الفلسطيني في المخيمات، أن حماس لها شعبية ممتازة ولها قبول في الشارع الفلسطيني، كونها تلامس احتياجات الشعب، ولأنها تدافع عن الحقوق وقضاياه”.
وتابع: "في كل مناسبة يكون هنالك تضييق على المخيمات أو التعاطي عنصريًا معه، تهب حماس لتدافع عن الفلسطينيين، وعليه تلقى الحركة قبولًا في الشارع، كذلك نلحظ عند حصول مناسبة ضخمة للحركة، كعقد مهرجان الانطلاقة على سبيل المثال، نجتذب جماهيرًا تقدر بـ 25 ألفًا تقريبًا، وهو رقم جيد يدلّ على شعبيتنا في المخيمات”.
المصدر: محمد شهابي – قدس برس