
بيروت – لاجئ نت|| الخميس، 15 أيار،
2025
بينما يحيي الفلسطينيون في أرجاء
العالم الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، التي لا تزال تمثل جرحًا غائرًا في
الذاكرة الفلسطينية، يواجه اللاجئون واقعًا معيشيًا صعبًا يتميز باللجوء والحرمان
المستمرين. وفي ظل محاولات تهميش حق العودة وإزالته من الأولويات السياسية، تبرز
مؤسسات المجتمع المدني كحصن منيع للحفاظ على الهوية الفلسطينية وتعزيز التمسك
بالانتماء الوطني للأجيال المتعاقبة.
في مقابلة مع شبكة "لاجئ
نت"، سلط الأستاذ علي هويدي، المدير العام لـ "الهيئة 302 للدفاع عن
حقوق اللاجئين"، الضوء على الوضع الراهن للاجئين الفلسطينيين، والتحديات
الكبيرة التي يواجهونها في مناطق لجوئهم، والدور الأساسي الذي تقوم به مؤسسات
المجتمع المدني، بالإضافة إلى تقييم موقف المجتمع الدولي والجهود المستمرة لتقويض
دور وكالة الأونروا.
دور محوري في صون الهوية وحق العودة:
أكد الأستاذ هويدي على الأهمية البالغة
للدور الذي تلعبه مؤسسات المجتمع المدني في الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية،
خاصة بين اللاجئين. وأوضح أن هذه المؤسسات، من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية
المتنوعة، وإقامة المعارض التي توثق أحداث النكبة، وعقد الندوات التوعوية، تعمل
على نقل الرواية الفلسطينية الحقيقية إلى الأجيال الشابة، وتحصينهم ضد محاولات طمس
الهوية. كما تساهم بشكل فعال في ترسيخ رموز الهوية الوطنية، مثل تسمية المؤسسات
والأحياء بأسماء المدن والقرى الفلسطينية المهجرة، والاهتمام بالحفاظ على التراث
الثقافي الفلسطيني الغني.
تحديات اقتصادية واجتماعية في لبنان:
أشار هويدي إلى أن اللاجئين
الفلسطينيين في لبنان يواجهون تحديات معيشية تزداد تعقيدًا، وعلى رأسها ارتفاع
معدلات الفقر والبطالة بشكل ملحوظ، وتراجع مستوى الخدمات التي تقدمها وكالة
الأونروا. بالإضافة إلى ذلك، تزيد القيود القانونية المفروضة عليهم، والتي تحرمهم
من ممارسة العديد من المهن، من معاناتهم اليومية وتجعل حياتهم أكثر صعوبة. ومع
ذلك، أكد هويدي على صمود اللاجئين وتمسكهم الثابت بحق العودة إلى ديارهم، ورفضهم
القاطع لأي مشاريع تستهدف توطينهم، وإصرارهم على العيش بكرامة حتى تحقيق هذا الحق
المشروع.
مواجهة محاولات تقويض
"الأونروا":
حذر الأستاذ هويدي بشدة من الحملة
الشرسة التي تستهدف وكالة الأونروا، والتي يرى أنها تهدف بشكل أساسي إلى تقويض
دورها الحيوي كشاهد دولي على النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني. وشدد على أن حق
العودة هو حق أصيل وثابت لا يمكن أن يسقط بالتقادم، وأن الأونروا ليست مجرد منظمة
إغاثية تقدم خدمات، بل هي رمز للهوية والحقوق الفلسطينية. لذلك، دعا المجتمع
الدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة تجاه هذه الوكالة وتقديم الدعم المالي المستدام
لضمان استمرار خدماتها الأساسية التي يعتمد عليها اللاجئون في حياتهم اليومية.
دعوة للمجتمع الدولي للتحرك:
وجه هويدي رسالة واضحة إلى المجتمع
الدولي بضرورة التحرك الفعال لدعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين. وطالب بضرورة ممارسة
ضغوط حقيقية على "إسرائيل" لحملها على الامتثال الكامل للقرارات الدولية
الصادرة عن الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار رقم 194 الذي ينص صراحة على حق
اللاجئين في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم أو الحصول على تعويض عادل. كما
أكد على المسؤولية الجماعية في توفير الدعم المالي اللازم لوكالة الأونروا لضمان
استمرار تقديم خدماتها الحيوية. وشدد على أن الاعتراف بالحقوق المشروعة للاجئين
الفلسطينيين والعمل الجاد على تحقيق العدالة لهم يمثل واجبًا إنسانيًا وقانونيًا
لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه.
رسالة في ذكرى النكبة:
في ختام حديثه، وجه الأستاذ علي هويدي
رسالة قوية في ذكرى النكبة، مؤكدًا أن هذه ليست مجرد ذكرى لحدث تاريخي مضى، بل هي
قضية حية ومستمرة تتطلب تحقيق العدالة والإنصاف للشعب الفلسطيني. وشدد على أن
اللاجئين الفلسطينيين سيظلون متمسكين بحقوقهم الثابتة، وأن مؤسسات المجتمع المدني
ستواصل عملها الدؤوب في تعزيز الهوية الوطنية وتوثيق فصول النكبة والمطالبة
بالحقوق المشروعة حتى يتحقق حلم العودة إلى الديار.