
محمد السعيد، خاص – لاجئ نت|| الأحد،
02 شباط، 2025
في ظل محاولات طمس التاريخ والرواية
الفلسطينية، تبرز أهمية المؤسسات التي تعمل على حفظ الذاكرة الجماعية وتوثيق
التاريخ الفلسطيني. إحدى هذه المؤسسات الهامة هي "هوية"، التي تعمل منذ
14 عاماً على توثيق جذور العائلات الفلسطينية وحفظ رواياتهم من النسيان.
قصص من الواقع
شهدت "هوية" العديد من القصص
المؤثرة التي تظهر أهمية عملها. من بين هذه القصص، قصة عائلة الصلح في صيدا جنوب لبنان، حيث تمكنت "هوية" من ربط جذور العائلة الممتدة بين لبنان
وفلسطين. كما تمكنت من إعادة وصل عائلة شيبان في الولايات المتحدة بجزء من تاريخها
المفقود في فلسطين من خلال وثيقة نادرة وصورة لجدهم. هذه القصص وغيرها الكثير تشكل
حافزاً قوياً للمؤسسة والعاملين عليها لمواصلة جهودهم في حفظ الذاكرة الفلسطينية.
14 عاماً من التوثيق
منذ تأسيسها، أثبتت "هوية"
أن العمل التوثيقي ليس مجرد أرشفة، بل هو فعل وطني ومقاومة ثقافية. انطلقت المؤسسة
بهدف حفظ الرواية الفلسطينية بكل تفاصيلها، لتواجه الرواية الصهيونية التي زعمت أن
فلسطين كانت "أرضاً بلا شعب".
وتعمل "هوية" على جمع روايات
عائلية متكاملة، تشمل الحياة قبل النكبة، وتفاصيل التهجير، والأحداث التي مرت بها
كل عائلة فلسطينية. تدعم هذه الروايات بالشهادات، وشجرات العائلات، والصور،
بالإضافة إلى الوثائق مثل كواشين الأراضي والهويات، لتكون شاهداً على الانتماء
الفلسطيني المتجذر.
محمد أبو ليلى: "هوية" هي
حارس الذاكرة الفلسطينية
يقول محمد مصطفى أبو ليلى، المدير
التنفيذي لمؤسسة "هوية"، في حديث خاص لشبكة "لاجئ نت": "نحن
في "هوية" نؤمن بأن عملنا هو جزء من واجبنا تجاه شعبنا وتاريخنا. نسعى
جاهدين لجمع كل ما يتعلق بالتراث الفلسطيني وتوثيقه وحفظه للأجيال القادمة. نعتبر
أنفسنا حراس الذاكرة الفلسطينية، ومهمتنا هي أن ننقل هذه الذاكرة للأجيال الشابة
لكي لا ينسوا تاريخهم وهويتهم".
أرقام وإنجازات
حققت "هوية" العديد من
الإنجازات، حيث وثقت حتى اليوم أكثر من 6300 شجرة عائلة فلسطينية، وجمعت أكثر من
38 ألف صورة توثق البلدات والعائلات، ونشرت أكثر من 26 ألف وثيقة على موقعها
الإلكتروني، بالإضافة إلى إجراء أكثر من 1200 مقابلة مع شخصيات فلسطينية داخل
الوطن وخارجه.
ولا يقتصر عمل "هوية" على
التوثيق، بل تسعى أيضاً إلى تدريب الشباب الفلسطيني على كيفية جمع المعلومات
والصور والوثائق العائلية. هذه المبادرات تهدف إلى ترسيخ الوعي الوطني وتعزيز
الشعور بالانتماء لدى الأجيال الشابة.
مواجهة النسيان
يؤكد أبو ليلى أن مشروع
"هوية" يمثل حائط صد أمام الرواية الصهيونية التي راهنت على نسيان
الفلسطينيين لقضيتهم. من خلال توثيق الماضي، تثبت "هوية" أن الكبار
الذين رحلوا تركوا إرثاً سيحمله الصغار، ليحافظوا على التاريخ ويواصلوا النضال.
الطموح نحو المستقبل
تطمح "هوية" إلى توسيع
أنشطتها لتشمل المزيد من العائلات، وتنظيم معارض وورش عمل تعرف الأجيال الجديدة
بأهمية الحفاظ على الجذور والهوية.
رسالة "هوية"
يختتم أبو ليلى حديثه لـ"لاجئ
نت" بالقول: "إن "هوية” ليست مجرد مشروع توثيقي، بل هي رسالة وطنية تقول
إن التاريخ الفلسطيني حي، وإن الأجيال الجديدة لن تنسى. بل ستحمل الرواية، لتكون
شاهدة على حق العودة وقضية التحرير، حتى تحرير فلسطين".
تعتبر مؤسسة "هوية" نموذجاً
للمؤسسات الوطنية التي تعمل على حفظ الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني. من خلال
عملها الدؤوب، تساهم "هوية" في تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية وتثبيت
حق العودة، وتذكير العالم بأن التاريخ الفلسطيني حي، وأن الأجيال الشابة لن تنسى
قضيتها العادلة.