أبناء
المخيمات الفلسطينية في سورية "أين فصائلنا" ؟
بقلم:
فايز أبو عيد
في
ظل الصراع الدائر في سورية وما تتعرض له المخيمات الفلسطينية من قصف وتهجير وقتل،
ورغم أن اللاجئ الفلسطيني هناك اختار الحياد وشدد على ضرورة تحييده عن الصراع ،
إلا أنه وجد نفسه في أتون هذه الحرب التي زج بها عنوة يبحث عن مظلة تحميه أو
مرجعية وطنية رسمية تتحدث باسمه و تعمل على إخراجه من حالة الإحباط والتخبط التي
يعيشها.
وهنا
اتجهت أنظار اللاجئ الفلسطيني في سورية نحو منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر
نفسها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني ، وكله أمل بأن تضطلع تلك الفصائل
بدور هام في حماية أبناء الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من آلام ومعاناة .
والسؤال
الذي يُطرح الآن وبقوة هو هل استطاعت هذه الفصائل أن تكون السند والحامي لفلسطينيي
سورية؟ وما الذي يعول عليها أن تقدمه لهم!؟ وما المطلوب منها ؟
الناشطة
"فاطمة جابر" رأت أن قسطاً كبيراً مما وصل إليه وضع فلسطينيي سوريا
" يعود إلى تخلي منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية عن مسؤولياتهم تجاه
اللاجئين الفلسطينين الذين هم بالأساس جزء من الشعب الفلسطيني وأساس القضية"،
وأضافت " مع كل أسف المأساة السورية
و محنة اليرموك وباقي المخيمات الفلسطينية في سوريا، كشفت عن أزمة وطنية عميقة،
وعن مشكلات حادة تدخل في صميم علاقة اللاجئين بمرجعيتهم الوطنية وبينت مدى غياب
القيادة الفلسطينية عن طموحات وهموم شعبنا وبأنها لا تمثل هذا الشعب إلا رسمياً
وبالمحافل الدولية لا أكثر" ، وأردفت
" أن موقف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية الداعي للحياد لم يمنع ولم
يجنب المخيمات التداعيات المأساوية التي طالت فعلياً أغلب مخيماتنا في سوريا، و
مخيم اليرموك أكبر شاهد على ذلك بالإضافة إلى تقصيرهم على الصعيد الإنساني
والإغاثي، و ما تم تقديمه من مساعدات في المخيمات وللنازحين خارجها أقل
بكثير."
أما
فؤاد من مخيم الحسينية فأكد " أن الفصائل محاصرة من كل الجهات رغم أنها فعلت
ما تستطيع أن تفعله، وكان موقف غالبيتها عقلانياً ، وهي جزء من هذا الواقع
بايجابياته وسلبياته، ورأى أن المشكلة في فرقتنا وتمترسنا بآرائنا وتخوين بعضنا
الآخر"، وأضاف " إننا نطالب بالحرية والديمقراطية في حين نمارس القمع
على بعضنا، نطالب الفصائل بالوقوف إلى جانب شعبنا ونخونها ونرفض التعامل معها ...!
وختم بأن المسؤولية يتحملها الجميع أفراداً وعائلات وجمعيات ومؤسسات وتنظيمات ،
وبدون تعاون الجميع وتوحيد الجهود سنبقى ندور في دائرة مفرغة....!"
واعتبر
الكاتب والباحث خليل الصمادي أن أغلب الشعب الفلسطيني في سورية غير راضٍ إطلاقاً
عن عجز الفصائل عن إيجاد حل أو مصالحة لعودة المهجرين إلى ديارهم إن كانوا من مخيم
اليرموك أو السبينة أو الحسينية أو غيرها في حين أن بعض الوجهاء في بعض المناطق
وجدوا حلاً لرعاياهم.
وأشار
إلى أن بعض الفصائل ونكاية في فصائل أخرى اتخذت موقفاً مغايراً ساهم في تعطيل
المصالحات التي كانت مطروحة حين يجد أن المبعوث الفلاني أو المسؤول الفلاني يريد
أن يسحب الاهتمام الإعلامي منه ! .
في
حين قال اللاجئ الفلسطيني أبو حسين (49 عاماً) من سكان مخيم اليرموك:" نحن لا
نريد نقداً فارغاً بدون هدف، فالكل يستطيع أن ينتقد وبكل سهولة فالكثيرون
قالوا"أين فصائلنا "؟ فصائلنا موجودة بقوة وقد بذلت جهود حثيثة في تحييد
المخيمات الفلسطينية في سورية"، وأضاف نحن أهالي مخيم اليرموك لا ننكر الدور
النضالي لفصائلنا على مر الزمن..
أما
محمد أحد الناشطين الفلسطينين السوريين فقد أكد بأنه غير راضٍ عن أداء الفصائل
وبتقديره أن أزمة فلسطينيي سورية كشفت أن لا مشروع حقيقي نحو تفعيل دور اللاجئين
لدى كل الفصائل بخلاف الشعارات المرفوعة، لكن في ظل حالة شتم الفصائل كأسهل سلوك
نمارسه في كل لحظة، يجب أن يكون معلوماً أن أكبر جهد إغاثي في المخيمات كان
فصائلياً، وأن أكبر تاريخ للتضحيات في تاريخنا الفلسطيني كان فصائلياً، دون أن
يلغي هذا أن أكبر تاريخ للتوريط الفلسطيني والفساد كان فصائلياً أيضاً.
وبدوره
وضح إياد صحفي فلسطيني من أبناء مخيم خان الشيح أن الحقيقة التي تتهرب منها تلك
الفصائل والتي تعلمها علم اليقين هي أن مرحلة ما بعد أوسلو حولت تلك الفصائل إلى
مؤسسات متقاعدين عسكريين لا يملكون من الأمر شيئاً، وكما حولت البعض إلى أذناب لجهات داخلية وأخرى
خارجية، وكما اتجه البعض منهم إلى التنظير
والتحليل واكتفى بموقع المراقب"، وأردف " لكننا لا نحمل الفصائل أكثر
مما لا يطيقون فهم لا يملكون الأدوات التي تمكنهم من أداء عملهم كما يرغبون إلا
إنهم مشكورون على كل الجهود المبذولة من قبلهم ضمن المستطاع ؟ أما بالنسبة لمصير اللاجئين
الفلسطيننيين السوريين فمصيرهم لن يكون أحسن من مصير فلسطينيي الكويت ولبنان
والعراق."
وأخيراً
ليس من قبيل المُبالغة القول إن فلسطينيي سوريا باتوا من أَبرز الضحايا المنسيين
في الصراع الدائر في سورية، فدماؤهم تسيل كل يوم، ومعظَمُهُم أمسى مُهجّراً دون
مأوى، والأهم من كل ذلك فقدانهم العملي على أرض الواقع للمرجعيات الوطنية الرسمية
التي يمكن لها أن تتحدث باسمهم وأن تَحمِلَ همومهم وأن تعمل على بلسمة جراحهم.