أبو مرزوق رئيسا للسلطة ... رأي القدس العربي
اثارت تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس لصحيفة 'هآرتس' الاسرائيلية، التي هدد فيها بتسليم مفاتيح السلطة لبنيامين نتنياهو اذا ما واصل رفضه العودة الى المفاوضات، الكثير من الجدل في الاوساط الفلسطينية.
الرئيس عباس اراد ان يعبر عن المأزق الذي يعيشه حاليا في ظل الازمة المالية الخانقة التي تعيشها السلطة، ووصول العملية السياسية التفاوضية الى طريق مسدود، ولكن ما حدث ان تعبيره هذا جرى تفسيره على اكثر من وجه، خاصة في هذا التوقيت بالذات.
الدكتور موسى ابو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة 'حماس' طالب الرئيس عباس بان يسلم السلطة لحركته بدلا من تسليم مفاتيحها لرئيس الوزراء الاسرائيلي، الامر الذي اثار استهجان حركة 'فتح' التي تساءل السيد احمد عساف احد المتحدثين باسمها حول كيفية قبول حماس بحكم الضفة الغربية في ظل استمرار الاستيطان، وفي ظل اوضاع لا يمكن ان تقود الا الى دولة ذات حدود مؤقتة، دولة الجوار والمعازل ودون القدس؟
الرد على السيد عساف بسيط وهو ان الرئيس عباس قبل بهذه السلطة منقوصة السيادة، وفي ظل استيطان اسرائيلي شرس لاكثر من ثمانية اعوام، والاهم من ذلك انه ما زال يطالب نتنياهو بالعودة الى المفاوضات كرئيس لهذه السلطة ودون اي تفويض من الشعب الفلسطيني.
ندرك جيدا ان الرئيس عباس يريد توجيه رسالة تحذير قوية الى الاسرائيليين يؤكد فيها رفضه استمرار الاستيطان وتهويد القدس، ولكن هذه الرسالة اعطت مفعولا معاكسا، وقوبلت بالتهكم والازدراء من قبلهم. فالتهديد بحل السلطة جرى النظر اليه كعلامة يأس وقلق وليس كمصدر قوة لانه لم يكن الاول، وطالما صدرت تهديدات مماثلة في الاطار نفسه ولم تنفذ على الاطلاق.
حل السلطة الفلسطينية في ظل تغول الاستيطان وانهيار العملية التفاوضية امر مشروع، ولكن يجب ان يتم في اطار برنامج بديل واضح مثل العودة الى المقاومة باشكالها كافة حتى يصبح الاحتلال الاسرائيلي مكلفا للغاية.
كنا نتمنى لو ان الرئيس عباس اقدم على حل هذه السلطة كرد على العدوان الاول على قطاع غزة اواخر عام 2008، او اثناء العدوان الاسرائيلي الاخير، لا للضغط على نتنياهو للعودة الى مفاوضات عبثية لم يجن من ورائها الشعب الفلسطيني غير الاهانة والاذلال.
الرئيس عباس يجب ان يعود الى الشعب الفلسطيني في جميع قراراته، سواء بحل السلطة او العودة الى المفاوضات، للتشاور معه، لا ان يتصرف في امور على هذه الدرجة من الاهمية الاستراتيجية المصيرية بمفرده.
نطالب الرئيس عباس بتوجيه دعوة عاجلة للمجلس الوطني الفلسطيني مطعم ببعض الشخصيات المستقلة والقيادية من الفصائل الاخرى غير الممثلة فيه، مثل حماس والجهاد الاسلامي ولجان المقاومة الشعبية وغيرها، ويطرح مسألة حل السلطة ويشرح برنامجه وحركة 'فتح' للمرحلة التي تلي هذه الخطوة.
الشعب الفلسطيني ملّ من هذه التهديدات الجوفاء ويريد موقفا صريحا واضحا من الاستيطان ونهب الثروات، وانهيار حل الدولتين.
المصدر: القدس العربي، لندن