أسرى الحرية بين الآلام والآمال
بقلم: أحمد عطون
إن ما جرى ويجري اليوم بحق الأسرى الفلسطينيين،
الشموع التي تحترق لتضيء طريق الحرية، ومواصلة احتجازهم وأَسرهم، في أجواءٍ صعبة ومأسوية،
بحيث لا يستطيع الإنسان العيش أو الاستمرار في الحياة ضمن هذه الأجواء، والظروف التي
ترسم وتضع خططها التدميرية طواقم متخصصة؛ اضطر عشرات الآلاف من الأسرى الفلسطينيين
والعرب تحمل أسابيع متواصلة بل أشهر عديدة يرزحون تحت التعذيب وسياط جلادي الاحتلال
في أقبية التحقيق، ويتجرعون القهر سنواتٍ عديدة على أيدي السجانين في غرف السجون. فهؤلاء
الأسرى المجاهدون الذين حملوا معاناة شعبهم وأمتهم وهمومها أخذوا على عاتقهم الدفاع
عن حقوق شعبهم التي أقرها القانون الدولي، وحماية كرامته وصيانة حريته، في الظروف التي
يعجز اللسان عن وصفها وتدمي القلب وتدمع العين، في محاولة المحتل النيل من إرادة وكرامة
الإنسان، وإمعانه في ممارسة أحقاده ونازيته، فما زالت الحركة الفلسطينية الأسيرة تسطر
أمثلة إنسانية فيها معاني البطولة والصبر والثبات في وجه المحتل.
ففي الوقت الذي تمضي فيه دول العالم الحديث عن
طريق إنفاذ ميثاق حقوق الإنسان، وترتقي شعوبها نحو المزيد من التحضر والانفتاح على
الديمقراطية والعدالة والمساواة؛ يعيش شعبنا الفلسطيني أسوأ ظروف إنسانية يشهدها الإنسان
المعاصر، وتمارس ضده أقصى وأبشع الجرائم والانتهاكات، التي ستبقى وصمة عار على جبين
المجتمع الدولي ومنظماته الساكتة عن ظلم الاحتلال وجرائمه ضد شعب مدني أعزل.
وقائمة الانتهاكات طويلة جدّاً لا إحصاء لها،
ولا نبالغ إذ قلنا إن المبادئ التي تحتكم لها إدارة سجون الاحتلال في تعاملها مع الأسرى
الفلسطينيين تنص على أن لا حقوق لهم، والقاعدة انتهاكات بلا حدود، في حين لا وجود لأوجه
مقارنة أو تشابه بين الواقع المرير، والنصوص الجميلة التي تتضمنها المواثيق الدولية.
فقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال ليست
قضية رقمية؛ فهم أناس لهم مشاعر وأصحاب قلوب ولهم أهل وأحبة، ومأساتهم متواصلة إذ تصاعدت
الهجمة في الآونة الأخيرة بقسوة غير مسبوقة، وربما تكون الأشد والأقصى منذ عقود طويلة،
في إطار منظومة من الإجراءات والقوانين التعسفية التي تعد بمجملها انتهاكات فظة للقانون
الدولي الإنساني، ولمجمل الاتفاقيات الدولية (لاسيما اتفاقية جينيف)، وفي بعض الأحيان
تصعد إلى جرائم حرب.
مع كل ذلك إننا نؤمن بأن القضية الفلسطينية غالية
وغالية جدًّا، وأهم ما فيها قضية المسرى (المسجد الأقصى) والأسرى، فالقدس والمسرى والأسرى
هي قضايا مباركة وغالية وثوابت لا يمكن التخلي عنها، لذلك يجب نصرة الأسرة بالتالي:
- أن يعمل الجميع بكل الوسائل من أجل نصرة قضية الأسرى والعمل للإفراج
عنهم.
- عقد مؤتمر شعبي سنوي على مستوى الوطن لنصرة قضية الأسرى؛ لإبقائها
حية بالذهن والوجدان.
- تشكيل وفد من أهالي الأسرى لنقل معاناتهم في المحافل الدولية، ومن
طريق الوفود الرسمية والشعبية والدولية.
- بلورة إستراتيجية وطنية فلسطينية؛ للتحرك على أساسها لنصرة قضية الأسرى
على المستويات المختلفة السياسية والإنسانية.
- العمل على فضح وتعرية الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى وأهلهم أمام
الرأي العام الدولي، وبوسائل الإعلام المختلفة، وملاحقة الاحتلال قانونيًّا في المحاكم
والمحافل الدولية لانتهاكاته بحق الأسرى، وخاصة محكمة الجنايات الدولية.
- توحيد الجهود بين جميع القوى بعيداً عن التجاذبات السياسية الرسمية
والشعبية، والتكامل في العمل من أجل خدمة الحركة الأسيرة.
- رفض ومحاربة فكرة خصخصة قضية الأسرى (أسرى الضفة، القدس، غزة، الجولان،
أسرى العرب، الانتماء السياسي ... إلخ)؛ لأن قضية الأسرى قضية جامعة غير مشتتة ويجب
التعامل معها على هذا الأساس.
- العمل على توفير الدعم المادي للأسرى، ولذويهم بكفالات لعوائل الأسرى
وكفايتهم.
- وضع خطة إعلامية مستمرة لإبقاء قضية الأسرى حية في الذهن والوجدان
لدى الأجيال القادمة حتى تحرير الأسرى كافة.
المصدر: فلسطين أون لاين