أكثر من بيان.. إنه الانطلاقة الثانية لحماس
أحمد الحاج علي
على رغم أن قضية اللاجئين الفلسطينيين كانت
دوماً في صُلب اهتمامات حركة (حماس)، إلا أن بيان القيادة السياسية للحركة في الخارج،
والمؤرخ بيوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 2017، يُعتبر تحولاً في مسار القضية الفلسطينية،
ودفعاً لدور أكبر للاجئين الفلسطينيين في الصراع مع الاحتلال. وفي الذكرى الثلاثين
لانطلاقة (حماس) تجدر العودة إلى ذاك البيان باعتباره محطة مهمة جداً في تاريخ الحركة.
إن البيان هو الأول لحركة فلسطينية، بعد
اتفاقية أوسلو، يأتي على ذكر قضايا تخص اللاجئين الفلسطينيين بهذا التفصيل. فقد أتى
البيان على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وما تتعرّض له المخيمات من مخاطر
أمنية، وتهديدات وجودية، وحملات تهجير منظّمة، بالإضافة إلى تشديد الإجراءات الأمنية
حول المخيمات، وخصوصاً مخيم (عين الحلوة)، الذي تم استكمال بناء الجدار حول محيطه.
وكذلك تطرق إلى مخيم نهر البارد.
إن اتفاقية أوسلو نقلت الاهتمام الرسمي
الفلسطيني والفصائلي من الخارج إلى الداخل. بل ونقلت كوادر العديد من الفصائل إلى مناطق
السلطة الفلسطينية، وانتقلت بذلك القوة الفلسطينية التي تكونت في الخارج الفلسطيني
إلى الداخل، وتداخلت الأدوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لصالح
الأخيرة، حتى لا يكاد يُسمع صوت للمنظمة، وهذا ما أوجد إرباكاً كبيراً لدى اللاجئين
الفلسطينيين في كل أماكن انتشارهم.
انطلقت حركة (حماس) في ظل انحسار الاهتمام
باللاجئين. لكن الحركة كانت واعية منذ البداية لهذه النقطة. فهي فضلاً عن أنها ترى
الالتزام بقضية اللاجئين التزاماً عقدياً فإن الميثاق ونشراتها التعريفية المتلاحقة،
وصولاً إلى الوثيقة السياسية، كلها كانت تؤكد على أن "القضية الفلسطينية هي في
جوهرها قضية أرض محتلة وشعبٍ مُهجَّر".
ومع ذلك فإن طريق التوفيق بين متطلبات اللاجئين
والاستجابة لحاجاتهم وأمانيهم دون الاصطدام بالأنظمة القائمة هي طريق وعرة جداً. يُضاف
أن بعض هذه الأنظمة ما تزال تنظر إلى العمل السياسي الفلسطيني نظرة عداء يغذّيها الصراع
التاريخي بينها وبين بعض القوى الفلسطينية. استطاعت الحركة خلال السنوات الأولى لانطلاقتها
أن تدخل مخيمات اللاجئين خارج فلسطين دون أن تستفز السلطات، وفقاً لظروف كل بلد. وتدرجت
بالعمل، من الإعلامي إلى الاجتماعي البسيط وصولاً إلى المؤسسات الاجتماعية الكبرى في
بعض البلدان.
لكن في السنوات الثلاث الماضية كان صوت
حركة حماس هو الأقوى والأكثر جرأة في الحديث عن حاجات اللاجئين الفلسطينيين، وخصوصاً
في لبنان. وكان لتدخلها دور حاسم في الكثير من الأحيان في إنقاذ اللاجئين الفلسطينيين
في ذلك البلد، خصوصاً حين تدخل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل
عام 2013، أثناء معارك جماعة الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني، وأنقذ مخيم عين الحلوة
من الوقوع في حرب مدمّرة.
إن بيان 18/10، يُضاف إليه الإعلان عن بعض
قيادات إقليم الخارج، يُقرأ بين أسطره الكثير. إنه يشبه إعلان سياسي لتوجه حركة (حماس)
في المرحلة المقبلة، التي ستكون فيها الحركة أقل حذراً في مقاربتها لأزمات اللاجئين
الفلسطينيين في الخارج، والبحث في تفاصيل تلك الأزمات، لأن مسألة اللاجئين لا تقل أهمية
عن أي جانب من جوانب القضية الأخرى، كما تردد دوماً الحركة ومسؤولوها.