أمل وهمي
وإحباط حقيقي
بقلم:
يوسف رزقة
التهدئة ما زالت
قائمة منذ وقف إطلاق النار في ٢٦/٨/٢٠١٤م ببلاش. كانت الخطوة الأولى وقف إطلاق النار
إذا كنتم تذكرون، تليها بعد شهر خطوة ثانية تدعو فيها مصر الطرفين لاستكمال المباحثات
المتعلقة بوقف إطلاق النار ومطالب الطرفين. الطرف الفلسطيني هنا ليس حماس فقط، بل حماس
والفصائل الأخرى الممثلة بالوفد الموحد. الخطوة الثانية لم تتم كما كانت تتوقع حماس
والفصائل الأخرى، فمصر لم تدعُ الطرفين لمباحثات استكمالية، وفي الوقت نفسه لا توجد
أطراف عربية أو دولية جاهزة للدخول على الملف، لأمرين:
الأول: أن مصر تعتبره
ملفها الخاص، وهي لا تسمح للآخرين بالمنافسة فيه البتة. والثاني: أن حكومة دولة العدو
ترفض دخول دول أخرى على الملف لثقتها بالدور المصري، وشعورها بالراحة الكاملة مع القيادة
الجديدة في مصر في إدارة هذا الملف، لذا رفضت أثناء الحرب الأخيرة الدور الأميركي،
والدور التركي القطري، وما زال موقفها ثابتاً لم يتغير. نعم ثمة مطالب إسرائيلية لباحثين
ومحللين يدعون الحكومة لقبول وساطات بديلة لمصر لأن السلطات المصرية متشددة في ملف
حماس والإخوان من حيث المبدأ، مما يعرقل دورها، وإسرائيل بحسب هؤلاء في حاجة لتثبيت
التهدئة والاستفادة من الفرصة المتاحة.
هذه مقدمة لازمة
فيما أحسب في أي مقاربة تستهدف تقييم ما نشرته المصادر العبرية، ونقلته عنها الوكالات
الفلسطينية، وبالذات التابعة لفتح واليسار، فيما يتعلق بموضوع التهدئة طويلة الأمد،
والتي يزعمون أن تفاصيلها جاهزة، وشروطها مكتملة، وأن موسى أبو مرزوق حملها على عجل
في زيارة لقطر مروراً بمصر، لعرضها على خالد مشعل وقيادة الحركة في الخارج. وهذا قول
لم تعلق عليه حماس لا إيجابا ولا سلبا، ولم يتحدث فيه أبو مرزوق للإعلام، والمتحدث
الوحيد فيه هو الإعلام الصهيوني فقط.
المشكلة ليست في
موضوع التهدئة نفسه، ولا فيمن يؤيده أو فيمن يرفضه، ولا في شروط التهدئة ومدتها الزمنية،
ولا في غير ذلك من الأسئلة المتعلقة بالتفاصيل. المشكلة في نظري تكمن في الأجواء التي
تحاول وسائل الإعلام العبرية خلقها وتكوينها، وفي الرسائل الضمنية التي تستهدف إرسالها
للأطراف الفلسطينية والعربية أيضا، بينما تكون هذه الأجواء كاذبة، ولا تزيد عن سحب
صيف، تمرّ في السماء بلا أثر على الأرض.
ما زالت حماس متمسكة
بالدور المصري، وما زال الحديث في مبدأ التهدئة، وهل ستضر بمبدأ المقاومة أم لا ؟ وما
هي طبيعة التهدئة ؟! وما أوجه الاختلاف بينها وبين ما هو قائم ؟! وهل التوقيت الزمني،
والبيئة المحلية والمحيطة تسمح بهذا؟!.
ولو حسمت حماس أمرها
في هذه القضايا، وأجابت عن هذه الأسئلة لأعلمت بها فصائل المقاومة لأنها شريك أساس
في قرار التهدئة وفي قرار المقاومة ورد العدوان. وفي ظني أن حماس لا تملك شيئا تقوله
للفصائل، والفصائل ليس لديها حتى الآن ما تقوله لحماس، فالأمور في هذا الموضوع ليست
ناضجة. ومع ذلك يقع إعلامنا في شرك الإعلام الصهيوني الموجه، ومن توجيهاته التقليدية
بلبلة الصف الفلسطيني، وخلق حالة إحباط بين الفلسطينيين. لذا أقول في قاعدة معتبرة
عندي: ( إن الإعلام الصهيوني يخلق حالة أمل وهمي، ليصل بنا إلى حالة إحباط حقيقي).
والأمر في هذا الموضوع لا يخرج عن هذه الصناعة، وغير ذلك يتطلب من حماس وغيرها توديع
التردد في القرارات المهمة، ومنها قرار التهدئة بشروطها.
المصدر: فلسطين أون
لاين