أنفاق رفح والحلول الأمنية الفاشلة
بقلم: إبراهيم المدهون
الفلسطينيون في غزة أكثر المتضررين من وجود الأنفاق. ولم يلجئوا إليها إلا بعد
فرض حصار خانق على قطاع غزة مع استمرار إغلاق معبر رفح البري، وطالما وجد الحصار فلن
يجد العالم مفرا من تقبل فكرة وجود الأنفاق، فلا أحد ينكر أنها شريان الحياة لقطاع
غزة، وان محاولة التلاعب بها وهدمها يعتبر اعلان حرب على السكان، وتجويع ما يقرب من
2 مليون مواطن فلسطيني محاصرين في بقعة صغيرة لا تتجاوز 360 كم مربعا، فهذه الانفاق
اليوم في ظل الحصار وإغلاق المعابر هي الرئة الحيوية التي لا غنى عنها.
الشعب المصري يدرك أهمية انفاق الحياة لشعبنا ومقاومتنا. وأنها أسلوب اضطراري
مع انعدام السبل، ويعلم انها تنقذ سكان القطاع من الجوع وتكفيه حاجة اللجوء والانكسار
امام الاحتلال (الإسرائيلي)، وأنها تقوي مقاومته فعن طريقها يتواصل الامداد في ظل تهديد
الاحتلال المتواصل بتكرار عدوانه.
ومهما حاول الاعلام في مصر تشويه الصورة وقلب الحقائق، فإنه أمام واقع يقول
ألا خيار عن الانفاق إلا بفتح المعبر وتحويله لميناء بري للبضائع والأفراد.
في السابق حاول نظام مبارك إحكام الحصار وإغلاق الأنفاق، وبناء جدار فولاذي
بتمويل (أمريكي (إسرائيلي)، وحارب وصول البضائع ومارس الضغط على الحكومة الفلسطينية
في غزة إلا أنه فشل، وأي نظام يحاصر غزة ويحاول هدم الانفاق ستكون نهايته الفشل وسيعتبر
امتدادا لنظام المخلوع.
مهمة الأنفاق محددة بجلب البضائع والإمداد من سيناء لقطاع غزة، ولا تستخدم ابدا
لحركة الأفراد، فالحكومة الفلسطينية تتعاون بشكل أمني متقدم للحيلولة دون حرف مسار
هذه الانفاق عن دورها في كسر الحصار عن غزة، وجميع اخبار الاعلام المصريين عن انتقال
بعض المتطرفين لسيناء من مصر محض اشاعات وخيالات غير صحيحة.
المخابرات المصرية تعلم ان هذه الانفاق لا تضر الأمن القومي المصري، بل تدعم
اقتصاد سكان سيناء وتضخ ملايين الدولارات سنويا، إلا أنه يبدو في اطار الانقلاب على
حكم الرئيس مرسي هناك جهات تريد معاقبة غزة ومحاصرتها نكاية بالإخوان ليس إلا.
أي حلول أمنية لمحاربة الانفاق ستفشل فشلا ذريعا، وستكون لها تبعات غير مضمونة
النتائج والتوقعات، ولهذا نحتاج لمبادرة تقوم على رفع الحصار وتحويل معبر رفح لميناء
بري للبضائع والأفراد، وإقامة سوق حرة في العريش، وبهذا لن يبقى وجود هذه الانفاق مبررا،
وستنهي نفسها بنفسها.