أحمد الحاج علي
تحمل زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة
(حماس) إسماعيل هنية للعاصمة اللبنانية بيروت في هذا التوقيت الكثير من الأهمية والدلالات.
منها أن لبنان يعيش في ظرف حساس، لعدة أسباب،
من بينها الوضع الاقتصادي الذي يلامس الانهيار، وزاده تعقيداً الأزمات الأمنية، والحوادث
المتنقلة بين القرى والمدن، والتي كان أقواها انفجار مرفأ بيروت. وخشية متعاظمة من
أن يؤدي الانقسام الأهلي إلى انفجار السلم الأهلي البارد.
بطبيعة الحال انعكس كل ذلك على واقع الفلسطينيين
في لبنان، بل كان الانعكاس أكبر وقعاً عليهم، بصفتهم الفئة الأكثر ضعفاً من الناحية
الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي الأكثر تأثّراً. ومما زاد الطين بلّة أن جائحة كورونا
انتشرت في مخيماتهم المكتظة، فازداد منسوب القلق والتوتر لدى القطاع الأوسع من الفلسطينيين
في لبنان.
من هنا تكتسب زيارة هنية أبعاداً متعددة.
فهو رمز أساسي من رموز المقاومة التي يعتبرها الفلسطينيون في لبنان أملهم في التخلص
نهائياً من معاناتهم ومعها الخطيئة الأصلية التي اسمها الكيان الصهيوني، وعودتهم إلى
ديارهم.
ولا يخفى ما لحركة (حماس) من ثقل شعبي في
أوساط الفلسطينيين في لبنان، وثبت ذلك من خلال عشرات المهرجانات والمناسبات. ويعوّلون
عليها لرفع بعض المعاناة، خاصة أنها كانت صوتهم الرافض للقوانين والإجراءات الظالمة
بحقهم، وأعطوها ثقتهم للدفاع عن الحقوق.
ومما يبعث في الفلسطينيين بلبنان الأمل
أن رئيس المكتب السياسي لحماس، عرفهم وعرفوه يوم كان مبعداً إلى لبنان، فخبر واقعهم
وآلامهم ومرّ حياتهم. كما أنه خلال خطب كثيرة تطرق فيها إلى الفلسطينيين في لبنان،
بدا أنه يتابع أدقّ التفاصيل، وليس مجرّد كلام عامّ، بما يعكس الاهتمام الذي يبديه
في متابعة هذه الفئة الفلسطينية المحرومة، والتي قدّمت الكثير في سبيل العودة والتحرير.
وكذلك فإن السبب المباشر الذي قدم من أجله
رئيس المكتب السياسي لحماس كان لقاء الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، أي سبب وطني
جامع، مما يعطي طمأنينة إضافية للشارع الفلسطيني. ومن المنتظر، حسب بيان حماس، أن يثير
هنية مع المسؤولين اللبنانيين الذين سوف يلتقيهم الحقوق الإنسانية والاجتماعية للفلسطينيين
في لبنان. كما تُعد زيارته لمخيم عين الحلوة لفتة إلى اهتمام واسع باللاجئين الفلسطينيين
تبديه (حماس).
لكل ذلك تشكل زيارة رئيس المكتب السياسي
لحركة (حماس) إسماعيل هنية والوفد القيادي المرافق أهمية كبرى، انعكست ارتياحاً واسعاً
في أوساط اللاجئين الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم السياسية، وآرائهم الفكرية.