«أوسلو» و«صفقة القرن».. بداية
ونتائج!
رضوان الأخرس
من الناحية النظرية، يمكن القول إن «أوسلو» -مساراً
ومشروعاً سياسياً- متضرر أساسي ورئيسي من مؤتمر البحرين وما يُسمى «صفقة القرن» على
المدى القريب؛ بل تُعدّ هذه المساعي ضربة قاصمة لمشروع «أوسلو» ومهندسيه من الجانب
الفلسطيني. وإن شككنا في الأهلية الوطنية لمتبنِي أوسلو من الفلسطينيين، يمكن القول
إن «صفقة القرن» تأتي مع «أوسلو» في نسق ومسار واحد، والشركاء في البداية على الأقل
يتحملون جزءََا كبيراً من المسؤولية عن النتائج وربما شركاء فيها.
الاحتلال قتل «أوسلو»، وهذا باعتراف أصحاب مسار
«أوسلو» من الفلسطينيين، ومنهم أحمد قريع وصائب عريقات؛ بل بات -كما هو معلن- لا يعير
اهتماماً لقادة السلطة الذين دعموا المسار وساروا فيه، ولا يرى فيهم شركاء مناسبين
رغم كل ما قدّموه وما فعلوه، ورغم مشروع التنسيق الأمني الذي لا يزال قائماً ويستفيد
منه الاحتلال.
وبسعيه لضم الضفة وتوسّعه الاستيطاني بها واستباحته
اليومية لمدنها وقراها، يهدم الاحتلال فعلياً مكانة السلطة وقيمتها وسيطرتها، وإن كانت
السيطرة أو السيادة نسبية، وهو ما يمثّل نهاية لما يُسمى «حلم الدولة الفلسطينية».
حلم كان في مخيّلة أصحابه من قادة وأقطاب سلطة عباس
أنه ممكن من خلال مسار «التسوية» والهرولة نحو الاحتلال، وكأن الذي حصل عليه الاحتلال
بالبارود والنار سيعيده فقط بالمفاوضات والحوار!
حلمهم هذا ينهار، وإن كنت أراه مجرد حلم لنائمين،
ينبغي عليهم ومن باب أقل القليل -إن كانوا صادقين- أن يعتذروا للشعب عن ربع قرن من
الزمان أمضوه في هذا المسار الفاشل، وعليهم أن يتنحوا عن الساحة ويدفنوا مشروعهم بعد
أن اعترفوا هم بموته.
أما محاولات إنعاشه أو الاستمرار فيه، فهي مجرد
تضليل ودجل يُمارس على الناس؛ فكل محاولات الإنعاش -ولو استمرت سنوات- لا يمكن أن تعيد
ميتاً إلى الحياة.
ليت الأمر يقف عند ذلك؛ فالبعض وكأنه لم يرَ فشل
مسار «أوسلو» وخياراته، فيسعى من جديد للبدء في مسار مشابه أو المضيّ في البدايات ذاتها
التي بدأ منها وفيها المسار، متوقعاً نتائج مختلفة، مع أن الاحتلال هو ذاته بصفته وصفاته!
البعض يجد في المسار الميت فرصة للبقاء داخل المعادلة
الفلسطينية مستفيداً من المنصب والامتيازات دونما تحمّل أي مخاطرة؛ فالاحتلال بكل تأكيد
لن يزعجه أو يخيفه العمل مع أشخاص يتبنون مشروعاً ميتاً لا يوجد فيه تأثير حقيقي على
بقائه وتمدّده.
لا تعدو بعض الاعتراضات الرسمية على مشاريع التصفية
ومسار «صفقة القرن» كونها مجرد تفريغ لحالات الغضب واحتواء للانفعالات الشعبية بإظهار
حالة رفض رسمية تتناغم مع المزاج الشعبي وتُشعر الناس بوجود من يتبنى نيابة عنهم التصدي
لتلك المخططات.
إلا أن مسار التصفية الحالي يمضي على الأرض كما
هو مرسوم له حتى هذه اللحظة، ومن يعارضونه من أصحاب السلطة لا يفعلون شيئاً سوى ما
يقدّمونه من تصريحات إعلامية لا تغيّر شيئاً على الأرض.
رغم الواقع الصعب والتحديات الصعبة والمصيرية التي
تعيشها القضية، تبقى لفلسطين حيوية خاصة؛ فهي كالإيمان تزيد وتنقص في نفوس الناس؛ لكنها
لا تنتهي ما دام الإيمان بوعد الله باقياً.
المصدر: صحيفة العرب القطرية