«أونروا» كفى! اللاجئون
الفلسطينيون ليسوا «أرقاماً مالية في المزاد الدولي»
سامي حمود*
تُحاول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
"الأونروا" منذ فترة إلى تسويق نفسها للرأي العام وخصوصاً للشعب
الفلسطيني بأنها "الضحية"، وأنها تعيش اللحظات الأخيرة ما قبل
"الذبح"، لذلك لجأت بمساعدة فريق عملها "المخلصين" للبحث عن "المنقذ"
لتفادي مرحلة "الموت"، أي انتهاء عملها!
هذا التشبيه هو الذي تُجسّده حقيقةً وكالة
"الأونروا" من خلال حراك فرق عملها على المستوى الإعلامي والميداني،
والذي بدأ بعد الإعلان الخطير للإدارة الأمريكية بتاريخ 5 يناير 2018، عندما قررت
تجميد صرف مبلغ 125 مليون دولار، من مساهمتها في ميزانية وكالة "الأونروا"،
متذرعةً حسب قول المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي:
«الرئيس ترامب سوف يُوقف الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لمنظمة غوث وتشغيل
اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وذلك حتى يعود الفلسطينيون إلى طاولة المفاوضات».
والحقيقة أن هذا التوجه الأمريكي عائدٌ إلى الضغط
الصهيوني على الإدارة الأمريكية، تمّ الإعلان عنه صراحةً خلال لقاء جمع وزير الحرب
الصهيوني "أفيغدور ليبرمان"، أثناء زيارته لواشنطن بتاريخ 8 مارس 2017
بوزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلارسون، ونائب الرئيس ترامب، مايك بنس، طالَبَهما
"ليبرمان" بإعادة النظر في الدعم المالي "للأونروا"، لأن
المؤسسة الدولية التي تُشرف على تعليم اللاجئين الفلسطينيين تسمح بالتحريض على
"إسرائيل"، في مناهج التعليم الفلسطينية، هذه المناهج تُغفل دولة
"إسرائيل" من مقرراتها، وخرائطها، وتُذكِّر الطلاب بمدن وقرى آبائهم،
وتُخلَّد أسماء الشهداء في الشوارع!
الخطير في الأمر.. أن وكالة "الأونروا" تُحاول
تسويق قضية اللاجئين الفلسطينيين واستغلال معاناتهم على أنها "مشروع"
يحتاج دعم وتمويل الجهات المانحة، بالإضافة إلى ربط الخدمات الأساسية التي
تُقدّمها الوكالة بمدى توفر المبالغ الكافية لتشغيل هذا المشروع واستمرار تقديم
الخدمات. لذلك نسمع مؤخراً عن أرقام مالية تزيد أو تنقص تُصرّح عنها وكالة
"الأونروا" ويرددها البعض دون استشراف خطورة هذا التسويق، إذ تربطه
"الأونروا" بمستقبل بقاء هذه الخدمة أو تقليصها أو إلغائها!.
في النظر إلى السياسة التي تنتهجها "الأونروا"
خلال الفترة الحالية هي إجراءات تقليصية بالرغم من وجود تمويل من هنا أو من هناك،
وهذا ما تُحاول الوكالة فرضه "كسياسة أمر واقع". ولكن هذه المرة، وكالة
"الأونروا" تُسوّق نفسها على كونها "ضحية لسياسة المجتمع الدولي"
ولا يحق للاجئين الفلسطينيين إلقاء اللوم على الوكالة، عندما تلجأ إلى هكذا
إجراءات تقليصية، وتطلب من مجتمع اللاجئين الفلسطينيين وخصوصاً مؤسسات ونشطاء
المجتمع المدني للمساعدة في تسويق هذا الأمر.
وإزاء هذا الأمر الخطير، لا بد من وقفة جادة من مجتمع
اللاجئين الفلسطينيين، على مستوى الفصائل والقوى السياسية واللجان الشعبية
والأهلية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني، وضرورة البدء بتفعيل التحركات
الاحتجاجية في مواجهة المشاريع الأمريكية الصهيونية الرامية إلى تصفية قضية
اللاجئين الفلسطينيين وشطب حق العودة، من خلال إضعاف عمل وكالة
"الأونروا" وصولاً إلى إلغائها نهائياً. بالإضافة إلى ممارسة الضغط على
إدارة وكالة "الأونروا" وتحذيرها من الاستمرار في برنامج الإجراءات
التقليصية التي تمّس بالخدمات الرئيسية للاجئين، مما تؤثر سلباً على واقع حياتهم
الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية.
يجب أن تُدرك "الأونروا" أن اللاجئين
الفلسطينيين ليسوا "أرقاماً مالية" تستخدمهم في "مزادها
الدولي"! إنما هم شعبٌ أصيل، صاحب أشرف وأقدس قضية وله حقوق سياسية وإنسانية
وفي مقدمتها، حقه في العودة إلى أرضه وممتلكاته الأصلية في فلسطين المحتلة قبل النكبة
1948.
* مدير منظمة ثابت لحق
العودة