"أيها العنصريون كفى ثرثرة حول رفض التوطين"
بقلم: أحمد الحاج
العنوان أعلاه ليس اقتباساً حتى يوضع بين هلالين، ولم يقله أحد من المسؤولين الفلسطينيين في لبنان لدعاة العنصرية، الذين اتخذوا من شعار "رفض التوطين" ورقة توت يوارون بها عوراتهم وعنصريتهم. مجرّد خيال جامح، وهذا ما تبقى لكل فلسطيني تائه، يُسائل واقعه عن مصيره، افترض قائداً فلسطينياً يردّ على مسؤول لبناني، موجود على أرض الواقع، تحدّث عن رفض التوطين، ودعا الدول العربية إلى استقبال الفلسطينيين على أراضيها "لأن لبنان لا يحتمل".
هذا المسؤول دفع بخيالي دفعاً، في محاولة لتعويض ما استُلب مني من كرامة، إلى تشخيص قائد فلسطيني في لبنان يجمع شجاعته، ويتملك الجرأة ليصرخ: كفى حديثاً عن رفض التوطين الذي بلغ حدّ المهانة. لسنا "نفايات سامة"، ولا يغرينا العيش في بلد تتقاتل طوائفه حتى الرمق الأخير، والقطرة الأخيرة من دم أبنائها. فلسنا طائفة تُضاف إلى مجموع طوائفكم. لكم طوائفكم، ولنا وطن، مناضلوه المسيحيون والمسلمون يسكنون حشايا الذاكرة، ونبض الواقع.
تخيلتُ، ولم يبق لي غير حق التخيّل بعدما حُرمت الحقوق الأخرى، قائداً فلسطينياً لا يستعطي عطف العنصريين بالقراءة صبح مساء بيانات الندم على ما لم تقترف يداه، ويطلب العفو على ماضٍ كان صاحب الأخطاء الأقل فيه. تخيلتُ قائداً لا ينكسر مراراً في اليوم وهو يتحدّث عن رفض التوطين، محاولاً رسم علامات السكينة والطمأنينة على وجوه وقلوب سامعيه من المسؤولين اللبنانيين، وشعبه في اضطراب، ليس هناك من يسعى لطمأنته، ومنذ متى يعطي الضعيف الضمانات للقويّ؟
تخيّلت قائداً فلسطينياً يمتطي صهوة الكبرياء، وينادي بأعلى صوته: أيها العنصريون انزعوا قناع الحرص على حق العودة، الذي ألحقتموه برفض التوطين على مضض بعد تدخلات، وقولوا ما يجول في خاطركم. إن شعار رفض التوطين كما كان يقول الراحل جوزيف سماحة هو "نقطة التقاء بين مصالح مفترضة للبنان ومصالح مؤكدة لإسرائيل". لن نرضى برفع شعار ضد فكرة التوطين التي لا يمكن تطبيقها في لبنان، لمجرّد استخدامها شعاراً انتخابياً، يثير الخوف والفزع لدى شرائح لبنانية، لنيل أصواتها حتى لو رشحت دماً.
تخيلت قائداً فلسطينياً يقول: أيها العنصريون، لن أحدّثكم بعد اليوم عن رفض التوطين، ولا عن الحجج العقلية التي تقف عائقاً أمام تطبيقه، ولو اجتمع مجلس الأمن على ذلك. لأنكم تعلمون ذلك جيداً بحكم علاقاتكم ومواقعكم. لكن ما سأفعله هو أن لا آلو جهداً في بث الطمأنينة في نفوس شعبي في المخيمات، وليحترق العنصريون بنار حقدهم.
المصدر: جريدة البراق – عدد أيار 2012