القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

أيها اللبنانيون: لهذه الأسباب جئنا إليكم

أيها اللبنانيون: لهذه الأسباب جئنا إليكم

بقلم: ياسـر عـزام

لم يكن الأمر قبل 63 عاماً نزهةً إلى لبنان! بل جئنا في غمرة مؤامرة كبيرة أدّت بنا إلى هنا.. وهاكم الحكاية:

لم تكن المجازر استثناءً في سياسة العدو الصهيوني، فمع كثرة المجازر التي رافقت النكبة وحروبها، وأحياناً كانت تحدث من دون حروب، لم يعد السؤال: هل سيرتكبون مجزرة؟ بل بات السؤال البديهي الأول: أين سيتم الذبح هذه المرّة؟

لقد شاركت العصابات الصهيونية كافة في المجازر، خاصة تلك التي رافقت ما أسمته العصابات «حرب الاستقلال»، أي «النكبة» التي أدت إلى تشريد 800 ألف فلسطيني، وتدمير 531 قرية وارتكاب أكثر من سبعين مجزرة موثقة بين (1937-1948)، خلق كيان غاصب على أرض فلسطين، بحجة أنها «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».

هذه المجازر تنوعت فيما بعد وتطورت من استخدام السلاح الأبيض والرشيشات الفردية، إلى عمليات كوماندوس، وقصف بالطيران للتجمعات السكانية، والسيارات المفخخة بين المدنيين والأحياء السكنية، ناهيك عن كل الانتهاكات التي ارتكبها جيش الاحتلال في الانتفاضات الشعبية ضد المدنيين والسياسيين. وقد شملت هذه المجازر الأطفال والنساء والشيوخ والرضع والحوامل الذين كان يتم قتلهم بدم بارد.

وقد كتب رائد المؤرخين الجدد بني موريس كتابه «ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 1947-1949»، الذي أثبت فيه بالوثائق والشهادات التاريخية الإسرائيلية، أن الكيان الصهيوني وزعماءه، يتحملون مسؤولية طرد الفلسطينيين من بلادهم، وليس كما زعموا أن المشكلة نشأت بسبب الدعوات التي وجهتها الحكومات العربية لهم بالخروج من فلسطين..

لقد استخدمت العصابات الصهيونية هذه المجازر لطرد الفلسطينيين من أرضهم، واستفادت منها في «تنظيف» المناطق، وقد قال في ذلك قائد قوات الأرغون التي ارتكبت مجزرة دير ياسين، مناحيم بيغن، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، «قامت في البلاد العربية، وفي جميع أنحاء العالم موجة من السخط على ما سموه «المذابح اليهودية»، وقد كانت الدعاية تقصد إلى تشويه سمعتنا، ولكنها أنتجت لنا خيراً كثيراً... لقد ساعدتنا أسطورة «دير ياسين» في المحافظة على طبريا واحتلال حيفا».

وقد وثّق سلمان أبو ستة تدمير 531 قرية وطرد سكانها. وبيّن أسباب نزوح الفلسطينيين حسب الملفات الإسرائيلية:

الطرد على يد القوات الإسرائيلية (122 قرية)، الهجوم العسكري المباشر (270 قرية)، الخوف من هجوم متجه نحو القرى (38 قرية)، تأثير سقوط مدينة قريبة (49 قرية)، الحرب النفسية (12 قرية)، الخروج الاختياري (6 قرى)، غير معروف (34 قرية).

كثيرة هي المجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ولا يتسع المقام له هنا، ولكن الأكيد أنه تم توثيق (34) مجزرة في سنتي النكبة (47-48) ارتُكبت بحق مدنيين أو أسرى، (17) منها أثناء الوجود البريطاني، و(17) بعد الجلاء البريطاني عن فلسطين، و(24) مجزرة من هذه المجازر حدثت في الجليل، و(5) في الوسط، و(5) في الجنوب. وكان معظم ضحاياها من الأطفال والنساء.

ليس مهماً بالنسبة للاجئين، أين ومتى وعدد المجازر التي حصلت، بقدر ما يهمنا كلاجئين أن نؤكد أن قدومنا إلى هذه البلاد كان بفعل الإجرام الصهيوني، وليس بفعل اختيار اللاجئين الفلسطينيين. من هنا فإن تحميل الفلسطينيين مسؤولية النكبة أمر بالغ القسوة، وتحميل اللاجئين مسؤولية ما يترتب على النكبة من مصائب التوطين والتهجير والأفخاخ السياسية وغير السياسية، لا يجوز بحال من الأحوال..

فيا أيها اللبنانيون: لهذه الأسباب جئنا إليكم، وهذا هو سبب نكبتنا، ولم نأتِ باختيارنا، بل بالمجازر، فيكفي قتالاً علينا ومعنا.. من أجل فلسطين.

والعـودة الكاملة هي الحلّ!

المصدر: البراق – عدد تشرين الأول