أي إخفاق وقعت
فيه "إسرائيل" من عملية الخليل؟
بقلم: د. عدنان
أبو عامر
جاءت عملية
الخليل المتمثلة على الأرجح بأسر المستوطنين الإسرائيليين قبل أيام لتحير المؤسسة
الأمنية (الإسرائيلية)، في ضوء اقتناعها أن موافقة (إسرائيل) على إبرام صفقة
التبادل الأخيرة مع حماس فتح شهيتها على معاودة التفكير من جديد بتكرار عملية
الأسر لجندي أو مستوطن.
وتركز حماس
تفكيرها في الدوريات العسكرية وسيارات المستوطنين على مدار الساعة جنوب وشرق وشمال
الضفة الغربية، حيث يقترب الفلسطينيون منهم، ويرون الجنود والمستوطنين رأي العين،
دون حاجة لمناظير ليلية، ويكون اللقاء وجهًا لوجه طوال في شوارعها وأمام الحواجز
العسكرية، ما دفع (شاباك) ليعلن أكثر من مرة أسر خلايا تابعة للحركة خططت لمثل هذه
العمليات على تلك الطرق.
ومع ذلك تعترف
أوساط عسكرية خاصة داخل حماس بوجود عوامل مهمّة قد تعوق تنفيذ مثل هذه العملية من
جديد، أهمها التركيبة الجغرافية للأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع، فهي لا
تساعد على سهولة إخفاء الجنود المأسورين، أو نصب كمائن مسلحة للأسر، فمنذ تأسيس
الحركة أواخر 1987م نفذت أكثر من 20 عملية أسر لجنود ومستوطنين، لم تصل جميعها إلى
مرحلة إبرام صفقة تبادل للسبب الوارد أعلاه.
وأعلنت
(إسرائيل) أن العام الماضي 2013م شهد تقديم 400 شكوى من جنود طالتهم محاولات أسر،
وبعد أن حقق (الشاباك) فيها تبين أن 11 منها صحيحة، أحبطتها أجهزة المخابرات، لكن
المثير فعلًا أن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي 2013م وحدها شهدت قيام
حماس بـ24 محاولة أسر في الضفة، ما يشير إلى وجود حوافز قوية لديها لتنفيذ مثل تلك
العمليات.
ولمواجهة هذه
المحاولات عكفت 3 فرق في جيش الاحتلال مكونة من 9 كتائب تضم 1800 جندي على دراسة
"سيناريوهات" عدة؛ لمواجهة عمليات أسر متوقعة، وكلف "ألمع
قادته" بالإشراف على إعداد هذه التدريبات، وكثف من عمليات الحراسة في المناطق
التي يوجد فيها كبار قادته، وألزمت هيئة الأركان ضباطها باتخاذ إجراءات احترازية
لتجنب عمليات الأسر، كعدم لبس البزة العسكرية التي يظهر عليها رتبهم ومناطق
سكناهم؛ حتى لا يتعرف إليهم، فيؤسروا.
مع العلم أن 5
سنوات من احتفاظ حماس بـ"شاليط" جعلتها تدرك جيدًا أن (إسرائيل) تتابع
تحركاتها، وتراقب عناصرها، وتتجسس على محادثاتهم، وتحاول استخلاص الدروس جيدًا
منها، لاسيما أن الجندي خضع لتحقيقات قاسية من (الشاباك) للتعرف إلى أي خيط أمني؛
للحيلولة دون تكرار أسر جندي في عمليات قادمة.
والاتصالات
الهاتفية والتقنية تعد ثغرة أمنية ينفذ من خلالها (الإسرائيليون)، حيث تلتقط
أجهزتهم الأمنية آلاف المكالمات الهاتفية للفلسطينيين على مدار الساعة، ولذلك
تحاول حماس إقامة شبكة اتصالات تقنية خاصة بها في قطاع غزة، تتجاوز مسألة التنصت
والمسح الأمني اللذين تقوم بهما أجهزة الأمن (الإسرائيلية).
ولم يعد سرًّا
أن حماس تبذل جهودًا حثيثة للنجاح في أسر جنود ومستوطنين (إسرائيليين)، واحتجازهم
رهائن؛ بهدف استبدال أسرى فلسطينيين بهم، وهو ما تيسر التعرف إليه في لقاءات
أجريتها مع أسرى محررين اتهموا بالتخطيط لمثل تلك العمليات، وزعمت (إسرائيل) أنهم
يجمعون معلومات عن تحركات الجنود وتنقلاتهم، تتعلق بنواياهم للتسلل إلى قواعد
عسكرية بالضفة، واحتجاز جنودها رهائن، ما أشعل الأضواء في أوساطها.
ولعل أهمها
نجاح المقاتلين في أسر الجندي، وإخراجه من ساحة المعركة "حيًّا يرزق"،
ما فتح الباب على مصراعيه لـ"سيناريوهات" تراوحت بين الخطيرة والأقل
خطرًا، والمكلفة والأكثر كلفة، بعد أن تمكن مسلحوها من تنفيذ عمليتهم في قلب
الموقع العسكري (الإسرائيلي)، جنوب قطاع غزة، وقتل وجرح عدد من الجنود، واقتياد
الجندي على قدميه إلى داخل قواعدهم بأعصاب هادئة أثارت أعصاب جنرالات (إسرائيل).
هنا تقدر حماس
أن الاحتفاظ بجندي آخر أمر بالغ الصعوبة، وإن لم يكن مستحيلًا، في حين جيش
الاحتلال يمتلك أقوى أجهزة المراقبة وأدوات التنصت وطائرات الاستطلاع، ومع ذلك فقد
عجز عن تحديد مكان جنديه الأسير.
أخيرًا إن نجاح
عملية الأسر الحالية مرهون في الدرجة الأولى بإدارة ما يعد "حرب أعصاب"
حقيقية مع (إسرائيل)، وذلك بالشح المقصود في المعلومات، وتوتير نفوس قادة الجيش،
الذي سيبدون كما هو متوقع تعطشًا إلى أي معلومة، مهما كانت صغيرة.
وفي الوقت الذي
تعودت فيه (إسرائيل) إطلاق التهديدات والإنذارات يمسك الفلسطينيون في هذه العملية
المتوقعة بزمام المبادرة، بحيث يطلقون إنذاراتهم، ويمهلون الجيش أيامًا قليلة،
وإلا فسيطوى ملف الجندي أو المستوطن.
المصدر: فلسطين أون لاين