القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

أيُّ سلام يسعى له كيري؟!

أيُّ سلام يسعى له كيري؟!

بقلم: هيثم أبو الغزلان

يطرح تحرك وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، حول استئناف عملية التسوية المتوقفة أصلاً، أسئلة عديدة: لماذا في هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا الإصرار على "فرض" استئناف هذه المسيرة عبر الإستجابة لشروط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو بتشريع الاستيطان للمستوطنات المقامة على الأرض الفلسطينية التي من المفترض قيام الدولة الفلسطينية عليها؟! وهل سيُشكل ذلك ضرباً لجوهر القضية الفلسطينية، وهل سيكون له تداعيات كبيرة؟! ماذا عن تحديد عامل الزمن بسنة؟! وهل سيصطدم ذلك بالتعنت الاسرائيلي عبر فرض الوقائع والتّملُّص من كل مهلة زمنية على اعتبار أنه لا توجد مواعيد مقدسة لدى الجانب الإسرائيلي؟

يبدو أن مسارات الأمور والسياقات التي تسير وفقها لا تشير إلى أن جون كيري سينجح في التوصل إلى تسوية يسعى إلى تحقيقها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ويُرجح الكثيرون أن التعنت الإسرائيلي وفرضه للوقائع على الأرض سيجعل من مهمة كيري مهمة غير ناجحة إلا لجهة "الضغط" على قيادة السلطة الفلسطينية لاستئناف عملية التسوية. ويصف العارفون كيري بأنه شخصية ودودة ووجدانية، ولذا فإن اصطدامه لاحقاً بعقبات التفاوض وحيل المفاوضين، وما يحصل من فرض وقائع على الأرض سيجعله يُصاب بالاحباط، وبالتالي سيجعله ينسحب من الاستمرار في جهوده دون أن يُعلن سبب فشله، أو المُتسبّب به.

وبناء عليه فإن ما قدّمه كيري من خطة لاستئناف المفاوضات كما نشرتها صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية ينص على بقاء الاستيطان في التجمعات الاستيطانية وتجميده خارجها، مع الإفراج عن ما بين 20 إلى 30 أسيراً فلسطينيا، ممن اعتقلوا قبل "أوسلو". يترافق ذلك مع إصرار الجانب الإسرائيلي على التمسك بالقرار 242 الداعي إلى حدود "آمنة ومعترف بها"، وهي المنطلق للادعاء أن حدود هدنة 1949 لا توفر لإسرائيل هذه الحدود الآمنة، مما يستوجب رسم حدود جديدة، تتيح لإسرائيل قضم وابتلاع المزيد من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 باعتبارها "ضرورة أمنية وتطبيقاً لقرار الشرعية الدولية".

وهذا يعني أن السلطة يمكن أن تقبل وفق مبدأ تبادلية الأراضي التي أشار إليها قرار اللجنة العربية لـ "السلام" التي كان يرأسها رئيس وزراء قطر، حمد بن جاسم آل ثاني، والتي أعلنت موافقتها على تبادل الأراضي؛ وإبقاء المستوطنات!!

وعليه فإن إسرائيل تسعى لأن ترسم حدودها وفق ما هو قائم ويتماشى مع جدار الفصل والضم العنصري، الذي يحتجز خلفه نحو 340 ألف فلسطيني، وهذا يجعل إسرائيل تضم الكتل الاستيطانية الكبرى، وطرقها الالتفافية وما تسميه مخططاتها الهيكلية.

ويأتي رسم الوقائع على الأرض ليستمر مع ما يسمى الإدارة المدنية التي تواصل تقديم خطط جديدة لبناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في مناطق الضفة الغربية.

وبحسب ما جاء على موقع "واللا الإخباري" فإن تلك الإدارة كانت قدمت خطتين جديدتين لبناء أكثر من 500 وحدة استيطانية جديدة، لافتاً إلى أن الحديث يدور عن بناء 255 وحدة في مستوطنة "كفار أدوميم" في منطقة بنيامين، كما شملت الخطة الثانية بناء 230 وحدة جديدة في مستوطنة معون جنوبي مدينة الخليل.

وفي إطار المحاولات الاسرائيلية لفرض منطقها برفض قبول ما يُطالب به قادة السلطة والمتمثلة بوقف بناء المستوطنات، والاعتراف بالدولة الفلسطينية بحدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف، وتفكيك كافة المستوطنات على غرار ما حدث في سيناء، وحق عودة اللاجئين إلى وطنهم بموجب القرار الدولي رقم194، على أن تكون المفاوضات مشروطة بسقف زمني واعتماد القرارات الدولية كمرجعيات معتمدة، لانسحاب قوات الاحتلال من كافة الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67. فإن ما تم الإشارة إليه مسبقاً من عدم القبول الإسرائيلي للإنسحاب إلى "حدود" العام 67، يستتبع ذلك الغوص في حرب المصطلحات: هل الأرض محتلة؟ أم هي متنازع عليها؟ وهل القدس ضمن ذلك؟ وهل القدس "الشرقية" ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية المأمولة؟! وماذا عن الحلول الأمنية، والمطالبة بوجود عسكري "غير سيادي" عند الحدود الشرقية للضفة الفلسطينية، بدعوى التحوط لأي خطر قد يدهم إسرائيل من الشرق؟! أليس يحول ذلك وجود الاحتلال الإسرائيلي "غير السيادي" لفظاً، إلى وجود دائم ومقنّع وباتفاقات "شرعية"؟! كما أنه يساهم في بقاء الاحتلال مسيطراً على غور نهر الأردن، (سلة الغذاء) في الضفة، وهذا يعني إضعاف الاقتصاد الفلسطيني، وتقوية الإقتصاد الاسرائيلي على حسابه.

في العموم، وكما يقول المثل: "ما بييجي من الغرب شي بسر القلب"، فإن الإصرار الأمريكي على استئناف عملية التسوية، يشير وبضوح إلى الرغبة في تحقيق أي إنجاز وإن كان على حساب القضية الفلسطينية، سيما أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قد أكد أنه لن يغير مواقفه وأنه لن يذهب إلى أي مكان جديد بشأن العملية السلمية وأن مواقف حزبه لن تتغير (معاريف 10-7-2013). يأتي ذلك في وقت ما زال يُصر فيه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزيرة "العدل الإسرائيلية" تسيبي ليفني عقب لقاء جمعهما، على "ضرورة تهيئة الأجواء الملائمة لاستئناف المفاوضات المباشرة"... وبناء عليه يطرح السؤال نفسه: على أيّ الجانبين سيميل كيري؟!!