أي مخطط تكفيري بتغطية غربية يحضّر للبنان انطلاقاً من المخيمات؟
بقلم: هيلدا المعدراني
يجري التعاطي بحذر مع التوترات الأمنية الأخيرة بين الجيش وعناصر مسلحة في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة، ولا يرتبط هذا الحذر فقط بما تمتلكه هذه التوترات من قابلية قوية لمحاكاة سيناريوهات سبق التحذير منها وتتصل بمخاوف لبنانية قديمة، إنما أيضاً، بما تكشفه التسريبات عن خلفية هذه الأحداث وأبعادها.
مصدر مطلع يؤكد أن التوترات الأخيرة ذات شقين، ويقول "الأول، هو المعني بتوطين الفلسطينيين في لبنان، وقد سبق أن جاء الى لبنان قبل حوالي ثلاثة أشهر وفد بريطاني التقى بعدد من المسؤولين وفي مقدمهم الرئيس نجيب ميقاتي، وقد طرح المذكور، بشكل مفصل مسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وإعطائهم جوازات سفر صادرة عن السلطة الوطنية في رام الله وإعطائهم بعض الحقوق الاجتماعية" معتبراً أن "هذا المخطط الغربي يهدف إلى تصفية بؤر التجمع للاجئين الفلسطينيين أي تصفية وجود المخيمات من خلال إدخالها في معارك مع المحيط اللبناني، وبالتالي تكرار تجربة معارك نهر البارد".
يقول المصدر إنه "لو تحقق هذا السيناريو ودخلت المخيمات في معارك سواء في منطقة البداوي أو في الرشيدية في صور أو في منطقة عين الحلوة ستؤدي إلى تشتيت تجمعات اللاجئين الفلسطينيين وتوزيعهم بشكل تسهل معه عملية دمجهم في المجتمع اللبناني، ويبدو أن هذا المخطط الأميركي–البريطاني يريد تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين انسجاما مع مشروع قيام الدولة اليهودية في فلسطين كما يدعو حزب الليكود والإستبلشمانت الإسرائيلي".
أما الشق الثاني فبحسب المصدر "هو متعلق بمسألة إرباك الساحة الداخلية اللبنانية واستخدام المخيمات الفلسطينية في صراع مع الجيش اللبناني ليمتد هذا الصراع فيما بعد إلى المحيط الشيعي اللبناني، ولا سيما في منطقة حارة صيدا أي في عاصمة الجنوب، وهذه الخطة موجودة منذ فترة سنتين لدى الإدارة الاميركية، وهي تستهدف إدخال الديموغرافيا الفلسطينية المسلحة في صراع مع الديموغرافيا الشيعية المسلحة، وكانت سفارة واشنطن في بيروت قد أجرت خلال السنوات الماضية دراسات أمنية، وجدت فيها أن هناك جسمين منظمين مؤهلين للقتال في لبنان، هما الجسم الفلسطيني والجسم الشيعي المنتمي بخاصة إلى حزب الله، أما القوى التي يمكنها القتال في الطوائف الأخرى فقدراتها محدودة (حسب الدراسات)".
ويضيف المصدر "على هذا الأساس هناك تفكير الآن لدى الإدارة الأميركية باستخدام العناصر الفلسطينية ارتباطا بالأزمة السورية والحدث السوري، ومن المفيد بالنسبة للأميركيين أن يدخلوا الآن مجموعات وأطراف فلسطينية إلى المخيمات، قد تبدأ بعناصر سلفية تكفيرية فلسطينية، ثم ستتدرج مهمة هذه العناصر، من تفجير صراع فلسطيني فلسطيني، ليتطور فيما بعد إلى حروب بين المخيمات والجيش اللبناني، من ثم إلى صراع مع الكتلة الشيعية".
هذا السيناريو يضيف المصدر "المؤسسة العسكرية على إطلاع كامل عليه، لذلك شجع الجيش اللبناني القيادات الفتحاوية على المصالحة فيما بينهم" قائلاً "لقد قدمت قيادة فتح مؤخراً لترتيب مصالحة بين منير المقدح وعبد الحميد العيسى "اللينو"، وجرى ترتيب وتنظيم لأوضاع تنظيمية للقوات العسكرية الفلسطينية التابعة لمنظمة فتح داخل المخيمات، حتى تقطع الطريق على هذه العناصر الأصولية داخل المخيمات كي لا تستفيد من الخلافات الفتحاوية-الفتحاوية ولكي لا تتمكن من جر أطراف من حركة فتح في صراع يتحول إلى صراع فلسطيني لبناني".
وعلى الرغم من الخطوات الاحترازية التي يعمل عليها الجيش اللبناني بالتعاون مع الفصائل الفلسطينية، يبدي المصدر ذاته الخشية من حدوث اختراقات أمنية تطيح بالإجراءات المتخذة. ويقول إنه بالرغم من هذه الإجراءات "ما يزال المخطط يستطيع أن يحرّك الأرض في مناطق الشمال وفي منطقة عين الحلوة، ويبدو أن القاعدة أيضاً يتمّ استخدامها من قبل هذا المخطط الغربي الخارجي، وهذا التنظيم سيتولى تحريك الأوراق الأصولية الفلسطينية من عصبة الأنصار وفتح الإسلام إلى جند الشام وسواها من المجموعات التي تدين في الفقه والولاء للقاعدة".
ويضيف المصدر أن "عناصر القاعدة موجودة وبدأت بتشكيل خلايا في خارج المخيمات أيضاً" لافتاً إلى مجموعة هاني الشنطي ومن أسماهم بالـ"كوادر التونسيين والسوريين ومن جنسيات عربية بدأوا يتوافدون إلى لبنان لتنظيم خلايا القاعدة، على أن تتولى هذه الخلايا من جهة أولى التحرش بالجيش اللبناني واستدراجه للاشتباك وبالتالي مع حزب الله، ومن جهة ثانية حتى تدخل على خط الصراع السوري وتستخدم منطقة شمال لبنان لإرسال المقاتلين إلى الجيش السوري الحر ومجموعات المعارضة المسلحة السورية المتواجدة في ريف حمص وريف حماه".
ويكشف المصدر أنه "لهذا الغرض، أوفدت قيادة القاعدة الدولية في شهر كانون الثاني الماضي أحد قيادييها في المنطقة إلى لبنان، وهو شخص تونسي يتقن فن الاختباء، ويدعى خلدون وهو قصير القامة وطليق اللحية دون شارب، وقد مر في عين الحلوة، وحالياً هو يتنقل في لبنان من منطقة إلى أخرى، وخلال الشهر الماضي قام خلدون بعقد سلسلة من الاجتماعات في عين الحلوة مع قياديين في فتح الإسلام بينهم عبد الغني جوهر ومحمد الدوخي الملقب بـ"الخردق" ومحمد الشعبي و"النعاج" وعدد من الكوادر القيادية من جند الشام وعصبة الأنصار، وتمّ الاتفاق على تنظيم شبكات خارج المخيمات بما في ذلك في بيروت، وطلب خلدون إعداد مجموعات مقاتلة حسنة التدريب وغير معروفة، ووضع لائحة من الأهداف لاغتيالها، بينها قيادات سياسية".
وبحسب المصدر فإن رئيس مجلس النواب استند إلى هذه المعلومات التي تقول ان لائحة الأهداف تضم اسمه بالإضافة إلى الشيخ محمد رشيد قباني والسفارتين الروسية والفرنسية ومراكز دينية مسيحية في جبل لبنان وعدد من الأهداف الاخرى التي تخدم منطق الصراع الطائفي السني –الشيعي والإسلامي- المسيحي".
المصدر يؤكد أن معلوماته رسمية وعززتها معلومات الاستخبارات الإيطالية في قوات اليونيفيل" مضيفاً "أن الإعداد لهذا المخطط قد بدأ، والمشكلة إدراك أصحاب هذا المخطط أن هذه المجموعات لا تستطيع أن تتغلب عسكرياً لا على الجيش اللبناني ولا على حزب الله، لكنها تستطيع أن تربك كل الساحة أي أنها تهدف لشن حرب عصابات سياسية وأمنية وإقامة خطوط تماس بين اللبنانيين، منها خط تماس في عكار وخط تماس في طرابلس وخط تماس في البداوي وآخر في نهر البارد وفي الطريق الجديدة وخط تماس في صيدا وخط تماس في البقاع الأوسط (بر إلياس- عنجر) وخط تماس في خلدة والناعمة". وهنا يلفت المصدر إلى محاولة يومية لعناصر سلفية في الناعمة منذ قرابة أربعة أيام وتحديداً بعد صلاة المغرب، لقطع أوتوستراد الدامور رافعة شعارات مختلفة، حيث المطلوب خلق خطوط تماس وتقطيع أوصال المناطق اللبنانية من أجل خلق مناخ يواكب هذا المخطط الخارجي الذي يريد صداماً سنياً-شيعياً في لبنان يواكب الصدام السني-العلوي في سوريا".
ماذا إذا قاتل النظام السوري وصمد الرئيس بشار الأسد واستطاعت الحكومة السورية أن تقضي على المعارضة المسلحة؟ يقول المصدر "عندها يتراجع احتمال تنفيذ هذا المخطط في لبنان، أما إذا اتسّعت الحرب الطائفية في سوريا، حتماً هذا المناخ سوف ينتقل إلى لبنان وعندها لن يستطيع أحد أن يفصل بين الساحتين وستصبح المعادلة السورية –اللبنانية معادلة واحدة".
المصدر: الانتقاد