إسقاط مشاريع التوطين
بقلم: د.عصام عدوان
ما برحت مؤامرات توطين اللاجئين الفلسطينيين تطل برأسها بين فترة وأخرى. وقد تورطت وكالة الغوث الدولية (الأونروا) بعدد من هذه المشاريع، أتى على رأسها مشروع إسكان وتوطين اللاجئين في شمال غرب سيناء بين عامي 1953 – 1955م والذي هدف إلى إفراغ قطاع غزة من اللاجئين على مدار عشرين عاماً.
لقد عمل أرئيل شارون عندما تولى قيادة المناطق الجنوبية في مطلع السبعينيات على تفريغ المخيمات في قطاع غزة من لاجئيها فعمد إلى ترحيل الآلاف منهم إلى سيناء، وتوسيع شوارع المخيمات عبر هدم أحياء بكاملها داخل المخيمات، وإنشاء مشاريع إسكان لنقل لاجئي المخيمات إليها لتفريغ المخيمات ومن ثمّ إنهائها، وكان من هذه المشاريع مشروع حي الشيخ رضوان في غزة، وحي الأمل في خانيونس، ومشروع بيت لاهيا، وغيرها. لكن المخيمات استمرت في الوجود وفي التضخم السكاني، وتضخمت أيضاً مشاريع الإسكان الجديدة.هذا الأمر أكد أن مؤامرات الإسكان والتوطين قد فشلت في مرادها، لكنها أثبتت أن اللاجئين في المخيمات بحاجة ماسة إلى التوسع، لأن المخيمات لا تتناسب مع معدلات الزيادة السكانية للاجئين واحتياجاتهم المتنامية. لكن الأونروا لم تتعامل مع مشاريع الإسكان القديمة والجديدة التي تبنيها في خانيونس ورفح على أنها جزء منفصل من المخيمات وهي بالضرورة امتداد طبيعي للمخيمات.
وبالتالي رفعت الأونروا حصاناتها وامتيازاتها عن الأحياء الجديدة، وإن كانت حصانات وامتيازات اسمية ولا أثر لها على الأرض في مواجهة الاحتلال الغاشم. وأوقفت خدمات النظافة في الأحياء الجديدة رغم كونها لا تكلف الوكالة شيئاً يُذكر، وأصرت على اعتبار الأحياء الجديدة ليست مخيمات ولا امتداد للمخيمات، ولم تحفر آبار مياه في تلك الأحياء، وغير ذلك من الإجراءات والقيود التي يُشتَم منها رغبة الوكالة القديمة الجديدة في التدرج في إنهاء أعمالها وخدماتها تجاه اللاجئين تساوقاً مع مشاريع تصفية قضية اللاجئين وتصفية وكالة الغوث نفسها.
إن وكالة الغوث الدولية، والحكومة الفلسطينية، والبلديات في قطاع غزة مطالبون، جميعهم، بالحفاظ على قضية اللاجئين ومخيماتهم وحقوقهم في الحصول على خدمات الوكالة كاملة غير منقوصة إلى أن يعودوا إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 1948م، وإن أي تلاعب أو انتقاص من هذه الحقوق هو تساوق مع مؤامرات تصفية قضية اللاجئين، وأنا شخصياً أربأ بوكالة الغوث وبالحكومة الفلسطينية أن تتورطا في هذه المؤامرات.
إن من حق اللاجئين الفلسطينيين أن يحصلوا على كافة خدمات النظافة والتعليم والصحة والإغاثة والتشغيل داخل مخيماتهم وخارجها، وعلى الحماية داخل مخيماتهم. ومن حقهم التوسع المكاني بما يتناسب مع متطلبات الزيادة السكانية، والوكالة ملزمة بتطوير خدماتها بما يوافق ذلك. ومن حق اللاجئين الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم بكل السبل السلمية المشروعة، وإعلاء صوتهم أمام كل الجهات المسئولة. وليس من حق الوكالة أن تعاقبهم بوقف الخدمات عنهم أو تقليصها. وليس من حق الحكومة أن تمنعهم من التعبير عن مطالبهم بشكل حضاري. فإن مليون ومائتي ألف لاجئ فلسطيني في قطاع غزة هم غالبية سكان القطاع يجب أن تكون لهم كلمة مسموعة وصوت عالٍ وحقوق محفوظة. والتاريخ لا يرحم.