إعمار مخيم نهر البارد يحتاج حملة تضامنية شعبية دولية
بقلم: علي هويدي
بعد مرور ثمانية سنوات على الحدث
الجلل، ووضع حجر الأساس لإعادة الإعمار في 9/3/2009، والتعهد بإعادة إعمار المخيم بالكامل
خلال ثلاثة سنوات وعودة المهجرين إليه، تنفيذاً للوعود التي أطلقها رئيس الحكومة اللبنانية
آنذاك فؤاد السنيورة بأن "الخروج مؤقت والإعمار مؤكد والعودة حتمية"، إلا
أنه وبعد مرور ستة سنوات، لم يتم إعادة إعمار سوى ما نسبته حوالي 30% من المخيم القديم،
ولم يعد من اللاجئين سوى 2250 عائلة، أي حوالي 12 ألف لاجئ وكان من المقرر أن يعود
حتى نهاية شهر نيسان/إبريل الماضي 628 عائلة إلا أن هذا لم يحدث بسبب نفاذ الميزانية
المخصصة لإعادة الإعمار وتخلي الدول المانحة عن الإيفاء بالتزاماتها المالية كما تقول
الحكومة اللبنانية ووكالة "الأونروا"، كذلك أعلن المفوض العام لـ"الأونروا"
بيير كرينبول في تقريره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 4/11/2014 عن حاجة
الوكالة لمبلغ 142 مليون دولار لإستكمال إعادة إعمار المخيم، فقد تعهدت الدول المانحة
بدفع مبلغ 445 مليون دولار لاعادة الاعمار، خلال المؤتمر الخاص الذي استضافته العاصمة
النمساوية فيينا في 23/6/2008، إلا أن الدول لم تلتزم بما تعهدت به لإعادة الإعمار..!
في العشرين من شهر أيار/مايو من كل عام نستذكر اندلاع الإشتباكات المسلحة
بين تنظيم "فتح الإسلام" والجيش اللبناني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين
شمال لبنان. انتهت المعارك بتاريخ 2/9/2007 وكانت نتيجتها سقوط 48 مدنياً فلسطينياً
من أبناء المخيم وجرح العشرات وسقوط 163 عنصراً من الجيش اللبناني وعدد آخر من الجرحى،
ومقتل 222 من "فتح الإسلام" وتوقيف 202 عنصر حسب المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع
اللبناني آنذاك الياس المر بتاريخ 4/9/2007، كما تم تدمير المخيم القديم عن بكرة أبيه
وأجزاء كبيرة من المخيم الجديد وتهجير ما يقارب من 36 ألف لاجئ فلسطيني..!
ومما زاد الطين بله بأنه وعلى
الرغم من عدم إنتهاء حالة الطوارئ التي يعيشها أهالي المخيم، إلا أن "الأونروا"
أوقفت في نيسان 2013 برنامج الطوارئ الذي كان مقرراً لـ 2900 عائلة مهجرة، والذي يشمل
دفع إيجارات المنازل وخدمات إغاثية وتغطية طبية بنسبة 100%، ومع التباطؤ والتسويف في
عملية إعادة الإعمار وعدم إنجاز ملف التعويضات للأهالي، تشكلت خلية أزمة انبثقت عن
الفصائل الفلسطينية واللجنة الشعبية والحراك الشعبي..، مهمتها التواصل والمتابعة مع
"الأونروا" والدولة اللبنانية لتذليل العقبات أمام حقوق المخيم، لكن التجاوب
مع خلية الأزمة لم يرتق إلى المستوى المطلوب على الرغم من اللقاءات المتكررة وتنفيذ
فعاليات سلمية ضاغطة من اعتصامات ورفع مذكرات..!
اعتقد وبعد سنوات من التسويف والمماطلة
بعدم إنجاز إعادة الإعمار والتراجع الواضح للخدمات من قبل "الأونروا"، بات
من الضروري تطوير وتفعيل الحراك السلمي الشعبي ليتحول إلى حملة شعبية دولية تشمل الدول
العربية والإسلامية والأهم أن تشمل الدول الأوروبية والغربية عموماً بمسمى "الحملة
الدولية لإعادة إعمار مخيم نهر البارد"، يتصدر حراكها مؤسسات المجتمع المدني غير
الحكومية، تعمل بالتوازي مع الحراك الفصائلي والشعبي في لبنان، لتشمل وقفات تضامنية
وإعتصامات وزيارات للسفارات المعنية وإصدار الإعلاميات التعريفية وتنظيم المعارض المتخصصة..
وبرامج تلفزيونية وإذاعية وكتابة المقالات والتقارير المتخصصة والقيام بالأنشطة التفاعلية
من الندوات والمحاضرات.. وتفعيل مراكز التواصل الإجتماعي وغيرها من وسائل الضغط..!
هناك دائرة خاصة في وكالة
"الأونروا" مهمتها تسويق المشاريع وجمع الأموال لتغطية الإحتياجات، على هذا
القسم أن يولي أهمية خاصة لجمع المبالغ المطلوبة لإعادة إعمار المخيم. تفعيل هذا القسم
يتحمل مسؤوليته المدير العام الجديد للأونروا في لبنان ماثياس سكمالي، لكن في ظل التقصير
لسبب أو لآخر- وليس كل الظن إثم -، وعدم إيفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية الطوعية،
وعدم دفع استحقاقات إعادة الإعمار من الميزانية المركزية للأمم المتحدة على الأقل على
شكل ديْن..، فخيار الحراك الشعبي الدولي أصبح لازماً..!