إلى العنصريين في لبنان «ما جبرنا على المرّ غير الأمرّ
منه»
ياسـر
عـلي*
يظن
بعض العنصريين في لبنان أو يدّعون، أن الفلسطينيين جاؤوا إلى لبنان طمعاً به وبِخيراته..
وأنهم جاؤوا إلى لبنان لتحسين ظروف العيش، في «نزهة النكبة» عام 1948!
بعيداً
عن إنجازات الفلسطينيين في لبنان، ومساهمتهم في نهضته، وحتى نهضة عدد من البلاد
العربية. لن أنجرّ إلى «تربيح جميلة» أو «عنصرية ملتبسة»، وهذه كلها نتائج القدوم
إلى لبنان، أما أسبابه، فإليكم الحكاية:
لم
تكن المجازر استثناءً في سياسة العدو الصهيوني، فمع كثرة المجازر التي رافقت
النكبة وحروبها، وأحياناً كانت تحدث من دون حروب، لم يعد السؤال: هل سيرتكبون
مجزرة؟ بل بات السؤال البديهي الأول: أين وكيف سيتم الذبح هذه المرّة؟
لقد
شاركت العصابات الصهيونية كافة في المجازر، خاصة تلك التي رافقت ما أسمته العصابات
«حرب الاستقلال»، أي «النكبة» التي أدت إلى تشريد 800 ألف فلسطيني، وتدمير 531
قرية وارتكاب أكثر من سبعين مجزرة موثقة بين (1937-1948)، وخلق كيان غاصب على أرض
فلسطين، بحجة أنها «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».
هذه
المجازر تنوعت فيما بعد وتطورت من استخدام السلاح الأبيض والرشيشات الفردية، إلى
عمليات كوماندوس، وقصف بالطيران للتجمعات السكانية، والسيارات المفخخة بين
المدنيين والأحياء السكنية، وقد شملت هذه المجازر الأطفال والنساء والشيوخ والرضع
والحوامل الذين كان يتم قتلهم بدم بارد.
وقد
وثّق سلمان أبو ستة تدمير 531 قرية وطرد سكانها. وبيّن أسباب نزوح الفلسطينيين حسب
الملفات الإسرائيلية:
الطرد
على يد القوات الإسرائيلية (122 قرية)، الهجوم العسكري المباشر (270 قرية)، الخوف
من هجوم متجه نحو القرى (38 قرية)، تأثير سقوط مدينة قريبة (49 قرية)، الحرب
النفسية (12 قرية)، الخروج الاختياري (6 قرى)، غير معروف (34 قرية).
كثيرة
هي المجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ولا يتسع المقام له هنا،
ولكن الأكيد أنه تم توثيق (34) مجزرة في سنتي النكبة (47-48) ارتُكبت بحق مدنيين
أو أسرى، (17) منها أثناء الوجود البريطاني، و(17) بعد الجلاء البريطاني عن فلسطين.
إزاء
هذه المجازر، لم نكن «كأنّنا أسلافنا نأتي إلى بيروت كي نأتي إلى بيروت» (محمود
درويش). بل أتينا بفعل الإجرام الصهيوني، وليس باختيارنا نحن اللاجئين
الفلسطينيين. من هنا فإن تحميل الفلسطينيين مسؤولية النكبة أمرٌ بالغ القسوة
والمرارة، وتحميل اللاجئين مسؤولية ما يترتب على النكبة من مصائب التوطين والتهجير
والأفخاخ السياسية وغير السياسية، لا يجوز بحال من الأحوال..
وإن
ما يترتب من إجراءات بفعل تحميل المسؤولية هذا، من حرماننا الحقوق المدنية
والاجتماعية والاقتصادية كحق العمل وحق التملك وحق التعليم وحق الاستشفاء وغيرها،
هو أمر بالغ العنصرية والظلم، الذي يخالف القوانين والمواثيق الدولية لحقوق
الإنسان.
فيا
أيها العنصريون في لبنان اسمعونا: لقد جئنا إليكم مجبرين، ولم نأتِ باختيارنا.. و«ما
جبرنا على المرّ غير الأمرّ منه»، والأنكى أننا لم نعد نعرف أيهما المرّ وأيهما
الأمرّ!! الاحتلال أم العنصرية؟!
* كاتب وشاعر فلسطيني ناشط في قضايا اللاجئين