القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

إما السلام، وإما القدس

إما السلام، وإما القدس

بقلم: منويل مسلم

الإنسان محكوم عليه بالسلام، إن لم يُرِد أن يكون محكوما عليه بالدّمار

لسنا هنا اليوم لنبكي ونتباكى على قدس ضاعت كالفتات في خِضمّ الأحداث، إنما نحن هنا، مسلمون ومسيحيون، لنعلن بأننا نقبل التحدّي لتحرير القدس عاصمة الدولة الفلسطينية.

قال جوزيف كونراد: "إنّ كل عشبة لها مكانها في الأرض حيث تستمد حياتها وقوّتها، هكذا كل إنسان مرتبط بأرضه حيث يستمد إيمانه وحياته." نحن لا حياة لنا إلا بالقدس. القدس ليست مجرّد ملجأ لنا، بل إن وجودها يعني وجودنا وبقاءنا. وأصوات أجراسها ومآذنها تغذّي نموّنا وصلابتنا، وترابها هو هوية شعب فلسطين.

قال طاغور: "قالت القوّة للعالم: أنتَ لي، فبقيت أسيرة على عرشها. قال الحبّ للعالم: أنا لك، فأعطاه حرية الحياة في بيته." فإما أن يكون لإسرائيل القوّة وتبقى قابضة على القدس، وإما أن يكون لها حريّة الحياة فتسلّم القدس إلى أصحابها. ولكن لن يكون لها الاثنتان معا. إنّ أمن إسرائيل وسلامها إن أردنا سيكون في قلوبنا – لا في سلاحها وقنابلها النووية. وقد اخترنا لها سلام الشجعان. لكن لا مجال لها أن تأخذ السلام والقدس. فإما السلام، وإما القدس. فالقدس هي مفتاح الحرب، وهي أيضاً مفتاح السلام.

وبعد صراع دام ستين عاما، اعترف العالم بوجودنا شعبا وقيادة. وسيأتي الزمن الذي سيعترفون فيه بكل ما لنا من حقوق على ثرى فلسطين. حقنا في الاستقلال هو حق مقدّس. وحقّنا في تقرير مصيرنا حق مقدّس. وحقّنا في أرضنا ووجودنا على ترابها حق مقدّس. وحقّنا أن نعود من شتاتنا حقّ مقدّس.وحقّنا أن نأخذ مكاننا الحقيقي في حضارات الشعوب حقّ مقدّس. وحقّنا في حريّة الضمير والقلب والعقل واللسان حقّ مقدّس. وحقّنا في الاستقرار والتنمية حقّ مقدّس. وحقّنا في سلام عادل حقّ مقدّس. وحقّنا في القدس عاصمة للدولة الفلسطينية حقّ مقدّس.

نحن لا نتكلّم فقط عن حقوق الإنسان الفلسطيني، إنما نتكلم أيضاً عن حقوق الشعب الفلسطيني. ونحن لا نتكّلم فقط عن حقوق الشعب الفلسطيني، إنما نتكلّم أيضاً عن حقوق الدولة الفلسطينية. ولا نتكلّم فقط عن حقوق الشعب والدولة الفلسطينية، وإنما نتكلّم أيضا عن حقوقنا كأمّة عربيّة. فالشعب والدولة والأمّة مثلّث بمساحة واحدة لا تتجزأ.

وإسرائيل تعامِلنا بفوارق عديدة: فالفلسطينيون في إسرائيل هم عرب إسرائيل، تنقلهم إسرائيل من حقيقة شعب فلسطين إلى واقع أفراد أمة عربيّة، أي لا دولة ولا شعب لهم. والفلسطينيون تحت الحُكم الذاتي شعب وأمّة عربيّة لا دولة لهم. والفلسطينيون في الشّتات عرب، يجب أن يجدوا مكانا لهم في بلاد العرب الواسعة، أي لا دولة لهم، وفقدوا حقّهم أن يكونوا شعب فلسطين.

نحن كلّنا، وأينما كنّا، شعب فلسطين، ودولة فلسطين. ونحن جزء لا يتجزّأ من الأمّة العربية، مسلمين ومسيحيين.

ولكي لا يبتلع الخِضمّ أي فلسطيني، أكان في إسرائيل أو في الشّتات، فنحن نطالب بالأرض والإنسان مقابل السلام.

كل نقص في احترام تلك الحقوق هو ضربة للسلام. وإنه لمِن العبث أن يُبنَى سلام إن لم يكن على احترام سائر الناس والشعوب ودولهم وكرامتهم. فالسلام هو ثمرة الحبّ الذي يقود إلى أبعد بكثير ممّا يستطيع العدل أن يحمله.

نحن الفلسطينيون مسؤولون عن السلام في العالم، ونسير بثبات نحو التاريخ الجديد، لأنّ الإنسان محكوم عليه بالسلام، إن لم يُرِد أن يكون محكوما عليه بالدّمار.

المصدر: وكالة معاً الإخبارية، 18/4/2013