ازمة «الاونروا» مفتعلة
بقلم: عمر حلمي الغول
منذ فترة والقائمون على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين، يطلقون التصريح تلو الاخر عن الازمة الخانقة، التي تعيشها "الاونروا"،
وأثر ذلك على مقومات الحياة الاساسية للاجئين الفلسطينيين في فلسطين والاردن وسوريا
ولبنان، حيث تهدد الازمة المفتعلة (700) مدرسة بالاغلاق، كما تعرض قطاع الصحة والخدمات
الاجتماعية بالتراجع على طريق التصفية.
إثارة الازمة الان بشكل دراماتيكي، لم يكن وليد الصدفة،
ولا يعكس بالضرورة وجود ازمة، بل يشير لوجود مخطط أُعد سلفا ومنذ زمن التوقيع على اتفاقيات
اوسلو، وكانت الخطوة الاولى نقل مقر الوكالة لقطاع غزة؛ ثم جاءت عملية تفتيت نسيج الشعوب
العربية، وضخ اعداد ضخمة من ملايين اللاجئين العرب الجدد إلى قارعة الطريق؛ وسبق الامر،
شروع عدد من اعضاء الكونغرس والكنيست الاسرائيلي للمطالبة باسقاط حق العودة للاجئين
الفلسطينيين كليا، وفي الوقت نفسه، نادوا بالغاء مؤسسة وكالة الغوث كليا؛ وتلى ذلك
الازمة الاقتصادية العالمية، التي إنعكست سلبا على وفاء الدول تجاه الامم المتحدة ومنظماتها
المختلفة.
عوامل متشابكة، هدفت إلى اولا لتبهيت قضية اللاجئين
الفلسطينيين على طريق تصفيتها؛ ثانيا خلق الازمة المتفاقمة والمفتعلة، التي تصل الى
عجز بقيمة (101) مليون دولار اميركي، بحيث يتم تمرير تصفية وكالة الغوث عبر تراكم العجز؛
ثالثا إيجاد طرق بديلة، منها العمل على توسيع نطاق التسهيلات الاقتصادية الاسرائيلية
للفلسطينيين، وادخال اعداد إضافية من قوة العمل الفلسطينية لسوق العمل الاسرائيلي،
لانها توفر شرطين، الشرط الاسرائيلي، تأمين قوة عمل رخيصة واكثر كفاءة ومهارة؛ والشرط
الفلسطيني التخفيف من حدة الازمة المفتعلة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين عبر التسهيلات،
وقد تترافق مع اشكال مختلفة من الدعم من قبل دول شقيقة وصديقة تحت عناوين مختلفة حتى
تمر عملية التصفية ل"لاونروا" دون ضجيج.
إذا الحالة الفلسطينية الرسمية والشعبية امام تحد
جديد، عنوانه تصفية وكالة الغوث من جهة، وتصفية قضية اللاجئين من جهة ثانية. فضلا عن
الدفع بخيار الحل الاقتصادي الاسرائيلي، وتبديد خيار حل الدولتين على حدود الرابع من
حزيران 1967، والدفع في موازاة الحل الاقتصادي، فصل إمارة غزة عن الشرعية الوطنية.
الامر الذي يتطلب وضع خطة عمل وطنية لمواجهة المخطط الخطير. من خلال وضع القضية الفلسطينية
على طاولة العالم برمته، وسحب البساط من تحت اقدام الولايات المتحدة، والعودة لحاضنة
الشرعية الاممية، وتصعيد النضال الوطني الشعبي والديبلوماسي السياسي، وقبل كل شي، إعادة
اللحمة للشعب، وتصفية خيار الامارة بغض النظر عن الاسلوب، وبلورة موقف عربي داعم للتوجهات
الوطنية.
هناك حاجة ماسة لتغيير قواعد اللعبة في الساحة الوطنية
وفي الساحة العربية والاقليمية والاممية، ولعل واحدة من المؤثرات الايجابية الحضور
المكثف في التطورات الجارية في الاقليم، عبر نسج علاقة مع إيران، رغم المعرفة المسبقة
بنوايا واهداف الجمهورية الفارسية. لكن في مطلق الاحوال، الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية
معنية باحداث نقلة دراماتيكية في الساحة الاسرائيلية والعربية والاقليمية والاممية.
وفي الوقت، الذي تتحقق فيه الاهداف الوطنية، يمكن عندئذ الحديث عن تصفية وكالة غوث
وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.