القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

استقالة رئيس الوزراء والبنك الدولي

استقالة رئيس الوزراء والبنك الدولي

د. عبد الستار قاسم

تتلاحق التقارير الإعلامية حول أسباب استقالة الأستاذ الدكتور رامي الحمد الله من رئاسة وزراء السلطة الفلسطينية، وكلها تدور حول أمر متعلق بالصلاحيات. من جملة هذه التقارير وآخر ما قرأت ما يفيد أن رئيس السلطة الفلسطينية قد كتب إلى المصرفين الدوليين المعروفين بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي باعتماد توقيع السيد محمد مصطفى، نائب رئيس الوزراء، في التعاملات المالية، الأمر الذي أغضب الحمد الله.

إذا كا هذا هو السبب فإن الأمر مأساوي. يشكل هذان المصرفان الدوليان (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) مصدري معاناة وإذلال لشعوب الدول النامية بالتحديد، وهما أداتان للتحكم باقتصاد العديد من الدول وسلب إراداتها السياسية وتحويلها إلى دول مثقلة بالديون وغير قادرة على الخروج عن إرادة الولايات المتحدة السياسية. أذل المصرفان العديد من الدول، وحولا اقتصاداتها إلى مجرد ألعوبة خارجة عن المصلحة الوطنية لكل دولة، وحولت الشعوب إلى شعوب مدينة غير قادرة على تحقيق النمو الاقتصادي.

البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يقدمان قروضا أو تسهيلات مالية إلا وفق شروط مذلة ومهينة ومنها رفع الدول لسياسة دعم بعض السلع والخدمات التي يستفيد منها الفقراء والمحتاجين، وخصخصة (أي جعلها مؤسسات مملوكة لأشخاص) المؤسسات الاقتصادية الخدمية والإنتاجية لتكون أملاكا خاصة للأثرياء. المصرفان يعملان وفق سياسات تؤدي إلى:

1- إفقار الفقراء بالمزيد؛

2- رفى مستوى ثراء الأثرياء؛

3- دفع الدول إلى سياسات اقتصادية ومالية ونقدية ترفع من مديونيتها؛

4- الانتقاص من الإرادة السياسية للدول؛

5- السيطرة على شعوب الأرض من خلال المديونية والربط الاقتصادي بإرادة الآخرين؛

6- تطوير اقتصادات الدول النامية بطريقة تجعلها تابعة للدول الرأسمالية، وتضعف قدراتها في الاعتماد على الذات اقتصاديا؛

7- أي إفقار الناس وتجويعهم بطريقة تجعلهم يستعطون الخبز فلا يستطيعون معها التمرد أو الدفاع عن الاستقلال والحرية.

فإذا كانت الهزة الإدارية التي تعرضت لها سلطة الحكم الذاتي ناجمة عن هذا السبب، فإن ذلك مشين وعار، وعلى الشعب الفلسطيني أن يفتح عيونه على المسألة. تعاملت السلطة الفلسطينية مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عبر السنوات، ولم يزدد الشعب الفلسطيني إلا ذلا وجوعا ومديونية.

علينا نحن شعب فلسطين أن نوقف تعاملنا مع المؤسسات المالية العالمية والتي تخضع في الغالب لإرادة الولايات المتحدة، ولنا في تجارب الشعوب والدول عبر كثيرة. مصر غرقت بالديون، وكذلك لبنان والأردن واليمن والمغرب، ووجدناها جميعا في وضع اقتصادي متخلف وغير قادر على معالجة هموم الناس.

نحن نكرر أخطاء الآخرين، ونصر على الاستمرار في أخطائنا، ونحن نرى الآن دمارنا بأيدينا. لا علاج لمشاكلنا إلا العودة إلى أنفسنا، والعمل دائما على رفع مستوى اعتمادنا على ذاتنا. صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لا يقدمان لنا مالا لسواد عيوننا.